هل لأن الحكومة طيبة استغل التجار الجشعون طيبتها وراحوا يرفعون أسعار الخضار؟ أم لأن ضمائرهم ميتة ولم يجدوا من يشكمهم ويحد من جشعهم، ومش مهم أن يصرخ الناس من نار الأسعار، حتي ولو ذبل الخضار وظل عند »الخضرية» أياما. المهم أنهم اختاروا أهم نوع من الخضراوات وعطشوا الأسواق من البطاطس التي لا يستغني عنها الفقراء، فكم من أسر كثيرة يعملون منها سندوتشات لأولادهم في غدائهم أو عشائهم يعني بالعربي معظم البيوت لا تستغني عن البطاطس مطهوة أو مسلوقة أو مقرمشة.. ولأن التجار يعرفون إقبال البيوت المصرية عليها فأخفوها في مستودعات سرية بعد أن استلموها من المزارع، ولم تتحرك الأجهزة الرقابية إلا بعد صراخ البسطاء. - أنا شخصيا لا ألوم الحكومة، ولا أطالب رئيسها بأن ينزل الي الأسواق ويطارد التجار الجشعين، لأن هناك شرطة متخصصة للأسواق ومهمتها ضبط الأسواق ومطاردة هؤلاء التجار، لذلك دعوني أسأل اين شرطة التموين من اختفاء الخضار من الأسواق، هل تنتظر أن يخرج علينا وزير التموين ويعلن فتح نوافذ جديدة والبيع للمستهلك بأسعار المزارعين لضرب جشع التجار؟ الذي أعرفه عن الوزير الدكتور علي مصيلحي أنه كثيرا ما يستخدم ذكاءه في الأزمات، ولذلك لم أندهش عندما وصل بسعر كيلو البطاطس من 14 جنيها الي 6 جنيهات. وقد نجح فعلا في ضرب التجار وتسبب في ضرب مخزونهم.. والذي اسعدني ايضا ان يدشن مبادرة اطلقتها الشركة القابضة للصناعات الغذائية تحت عنوان »خضار بلدنا» ألغت الوساطة بين المزارع والتاجر واصبح المزارع يحصل علي هامش بسيط من الربح، فقد فتحت المجمعات أبوابها وأخذت تبيع الخضار والفاكهة. - كانت المجمعات قد اهتمت باللحوم والدواجن وتركت أسواق الخضار مفتوحة، الوزير لم يتوقع أن تموت الضمائر ويتاجر الجشع بخضار الغلابة لذلك فتح أكثر من 120 منفذا للبيع بالإضافة الي عربات الخضار المتنقلة، وقد أسعدني أن أسمع أن وزارة التموين لتضرب التجار طرحت 50 طن خضار، وبالفعل اضطر التجار للدخول في منافسة مع الحكومة ونزلوا بأسعارهم وكان المستفيد هو المستهلك. فعلا الحكومة انظلمت مع جشع التجار، ولكي تعطيهم درسا في الأخلاق مكنت وزير التموين من فتح النوافذ وزيادة عربات الخضار المتنقلة، للنزول بالأسعار، لذلك أقول :لا تستسلموا للمحرضين الذين يتشككون في ذكاء الحكومة، نحن نصنع المشاكل بأيدينا، وليس من المعقول أو المنطق أن تعين الحكومة رقيبا وراء كل تاجر، وإذا كان رئيس الحكومة لا يميل للعنف ويترك التجار لكي يحتكموا لضمائرهم ليس معناه أنه سيترك الجشع، فالرجل حازم ويرفض الاستغلال، والمواطن الضعيف في رقبته، بدليل حملات الشرطة علي المستودعات السرية وعرض المضبوطات بأسعار افقدت التجار توازنهم بعد أن كانوا يحلمون بتحويل المضبوطات الي صفقات. - بقي شيء واحد أن تتدخل الحكومة في السلع المستوردة، مثل السكر فالكيلو يباع في الخارج بثلاثة جنيهات ونحن نبيعه في مصر بعشرة جنيهات، ونجح وزير التموين في عرضه بالمجمعات بثمانية جنيهات ونصف، المهم التخفيف عن كاهل المواطن مطلوب، وعيب أن نرفع اصواتنا للرئيس فالرئيس عنده مهام أكبر من اختفاء البطاطس، والله عيب.. كفاية الحمل الذي يحمله الرئيس من أجل تحقيق الرخاء للبلد.. ادعوا الله وقولوا يارب حقق لنا الخير علي يديه والله معه.