تاريخ طويل جدا يجمع بين مصر وألمانيا في مجال التعاون الأثري والمتحفي، فالبعثات الألمانية تعمل في معظم المناطق الأثرية بالجمهورية، وتساعد في ترميم الآثار، ويقول د.محمد ابراهيم وزير الآثار الأسبق إن ألمانيا من أكثر الدول الأجنبية نشاطا في مجال الآثار بمصر، حيث إنهم مؤهلون علميا وتقنيا وماديا، ويعملون في مواقع أثرية هامة في مصر العليا والسفلي والدلتا والأقصر، كما أن لهم دورا كبيرا في تمويل الآثار بالمنح والوسائل التكنولوجية الحديثة، بالاضافة إلي النشر العلمي الذي يمدنا بمعلومات جديدة عن الحضارة الفرعونية. وأضاف أن وجود المعهد الألماني بالقاهرة ساهم أيضا في إثراء المجال الأثري، حيث يقوم بأنشطة عديدة هامة في هذا المجال، مثل تدريب الأثريين وتنظيم ورش العمل، كما أنهم قاموا بترميم معبد جزيرة إلفنتين بأسوان وعمل متحف مفتوح وتنظيم الزيارة في المنطقة، كما أنهم يعملون أيضا في مواقع هامة بالبر الغربي بالأقصر، بالإضافة إلي مساهمتهم من خلال الاتحاد الأوروبي بإعادة سيناريو عرض المتحف المصري بالتحرير بعد نقل آثار »توت» منه إلي المتحف الكبير. وأشار وزير الآثار الأسبق إلي أن ألمانيا قامت خلال الفترة التي تولي فيها حقيبة الآثار بإنشاء معمل خاص لترميم المقتنيات الذهبية للملك »توت عنخ آمون» بالمتحف المصري بالتحرير، وزودا هذا المعمل بأجهزة حديثة، بالإضافة إلي توقيع اتفاقية مع وزيرة الدولة في الخارجية الألمانية كورنيليا بيبر لتمويل إنشاء المعبد »الآتوني» بمحافظة المنيا بما يصل إلي 4 ملايين يورو. وأوضح أنه من الممكن توسيع العلاقات بين مصر وألمانيا بشكل أفضل خلال الفترة المقبلة، حيث انهم علي استعداد دائما للمشاركة فيما يفيد الآثار المصرية، من خلال المنح لاعادة ترميم بعض المناطق الهامه بالدلتا مثل تل بسطة وصان الحجر بالشرقية، ويمكن أيضا استكمال التعاون لبناء المتحف » الآتوني» حيث ان هذا المشروع يعتبر عامل جذب هام للمناطق الأثرية في المنيا المتفردة من نوعها، حيث أنه يوجد بها آثار فريدة من عصر إخناتون. بينما أكد شعبان عبد الجواد مدير عام إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار أن التعاون بين مصر وألمانيا في مجال الآثار مثمر خاصة في مجال استرداد الآثار، حيث انهم كانوا أصحاب مبادرة مهمة وهي تغيير في القانون الألماني بحيث يضع علي عاتق أصحاب صالات مزادات الآثار تقديم ما يثبت ملكيتهم للأثر المعروض للبيع، وهو ما قضي بشكل كبير علي بيع الآثار في المزادات حيث انها لم تشهد حالات لبيع الآثار المهربة خلال العامين الماضيين، كما أن هذا الأمر قد يشجع بعض الدول الأخري علي تغيير قانونها أيضا، حيث كانت صالات المزادات في السابق تطالب الدول صاحبة الأثر بإثبات ملكيتها له، مضيفا أن ألمانيا أيضا تتعاون بشكل كبير في إعادة بعض القطع الاثرية المهربة بالطرق الدبلوماسية. وأوضحت د.نشوي جابر رئيس اللجان الدائمة والبعثات الأثرية بوزارة الآثار أنه يوجد لألمانيا أكثر من 20 بعثة أثرية تعمل في مختلف المجالات الأثرية بمحافظات مصر ومواقعها الأثرية الهامة مثل منطقتي إدفو وكوم امبو الاثريتين بأسوان، ودهشور بالجيزة، وتونا الجبل بالمنيا، وتل بسطه بالشرقية، وسقارة بالجيزة، ووادي الملوك والعساسيف وإسنا بالأقصر، وتل الفراعين، وسيديا القديمة بالبحيرة، وتل الفراعين بكفر الشيخ، وواطفه بالفيوم، ومنطقة آثار المطرية، وكوم الأحمر، واهمه جزيرة الفنتين بأسوان والتي يرأس الحفائر بها مدير المعهد الألماني بالقاهرة وأشارت نشوي إلي أن ألمانيا من أكثر الدول الأجنبية مساهمة في مجال الآثار حيث تقوم سنويا بتقديم منحة شاملة لعشرين أثريا مصريا للسفر إلي ألمانيا ورؤية كل متاحفها، لمعرفة أحدث طرق عرض الآثار بالمتاحف وأساليب الترميم والحفظ في المخازن المتطورة، بالإضافة إلي قيام المعهد الألماني بالقاهرة بتدريب مفتشي الآثار وتعليمهم اللغة الألمانية مجانا، مؤكدة أن البعثات الألمانية تمدهم أيضا بالأجهزة الحديثة التي تساعد علي الحفاظ علي التراث الأثري المصري، ومؤخرا قامت بإهداء أجهزة »سكانر» لحفظ السلبيات الزجاجية بالقلعة والتي تسجل عمليات التنقيب عن الآثار بطريقة علمية.