بلال فضل كاتب لفت الأنظار إليه منذ أول كتاب صدر له تحت عنوان "بني بجم "، ثم تألق في كتاباته الساخرة الهادفة التي نالت شهرة لدي الشباب وجاذبية لدي الأوساط الثقافية .. لما يتمتع من مصداقية وأسلوب يتميز بالبساطة والعفوية المحببة، مما جعل كتبه تحقق أعلي المبيعات وتمثل احد الكتب الأكثر انتشارا بين القراء، حتي أن دار الشروق أعادت له كتابين في وقت واحد وهما " بني بجم " و" سكان مصر الأصليين " الكتابان عبارة عن مجموعة مقالات ولكنها في المجمل تعكس صورا مختلفة للواقع المصري في صور كاريكاتيرات قلميه او قصص قصيرة أحيانا من واقع المجتمع الحقيقي لمصر وليست الطبقة الطافية علي وجه المجتمع . في كتاب "بني بجم " يقول بلال عن نفسه : أنا علي عكس كثيرين من الكُتاب أعرف قارئي جيدًا، لأن القارئ الذي أتوجه إليه قارئ شبهي، يحب اللك ويعشق الاستطراد، ليس لديه ما يخسره وليس عنده ما يكسبه، يحب تقليب المواجع علي نفسه ويموت في السخرية من نفسه الأمارة بالحزن، لا يحب قراءة الدراسات النقدية ولا الأعمال الأولي للكُتاب، ويفضل مشاهدة فيلم جيد علي قراءة كتاب غير مضمون المستوي، قارئ يحب الكُتاب الذين يضعون في كتابهم صفحات كثيرة تُعرفهم بالكاتب وتستعرض إنجازات الكاتب ومناصبه وإسهاماته في الحياة حتي يحسوا أنهم لم يأخذوا مقلبًا عندما اشتروا كتابًا كهذا، ولذلك سأفعل في كتابي هذا وسأستعرض كل عضلاتي علي القراء وسأكتب لهم صفحات مطولة عن مشواري الحافل في الحياة وأشعرهم بأنني أَحسن منهم بألف مرة وأنهم لا بد أن ينسحقوا أمامي وهم يقرأون لي، فيعتبروا كل ما أكتبه تحفة أدبية لأنها صدرت عن شخص قام بأشياء لا يَقدرون علي القيام بها.. هذا يا صديقي هو القارئ الذي أتمني الوصول إليه، وإذا نجحت في الوصول إليه فلست أطلب فشلاَّ أكبر من هذا. أما كتاب السكان "الأصليين" لمصر فيقدم بلال فضل في كتابه تعريفا لمن يعني بهم السكان الأصليين لمصر قائلا : ببساطة شديدة ودون محاولة لتزويق الكلام، أعتقد أن ما يحميني دائمًا كبني آدم ضعيف يغره الأمل من الوقوع في وهم انتظار الفرج هو أنني أوقن أنه لا أمل في أي أمل طالما ظلت المعركة الأزلية الدائرة علي أرض مصر منذ أن خلقها الله لا يشترك فيها سوي نوع واحد من سكان هذا البلد أطلق عليه اسم المنتفعين بمصر. لاحظ هنا أن الانتفاع ليس مصطلحًا سلبيًّا؛ فهو يعني أن من يمكن وضعهم ضمن هذا النوع... يحصلون من وراء كونهم مواطنين مصريين علي نفع ما أيًّا كان قل أو كثر، شرعيًّا كان أو غير شرعي، وهذا النوع بالمناسبة شامل فضفاض يمكنك أن تضع تحت اهابه وبين ثناياه كل من ينتسبون إلي الحكومة والمعارضة، ومن ينتسبون إلي ما يُعرف بالنخبة والصفوة الكريمة وكل محترفي السياسة والصحافة وهواتهما وأرباب الفنون من الموهوبين أو الموهومين وأصحاب العاهات الفكرية المستديمة أو القابلة للشفاء ونجوم المجتمع ومرشحي الانتخابات ووكلائهم ورجال وسيدات الأعمال وقراء الصحف المنتظمين والشواذ جنسيًّا والشواذ فكريًّا والشواذ نفسيًّا. أما ما عدا أولئك من أبناء الشعب المصري فهؤلاء هم الذين أسميهم السكان الأصليين لمصرب، وأعتقد جازمًا أن في أيدي هؤلاء وحدهم الأمل الوحيد في تحقيق أي تغيير؛ لأن هبَّاتهم المفاجئة هي التي تصنع الفرق، لكن المشكلة أن هبَّات هؤلاء متباعدة وقصيرة النفس ونادرة وعشوائية تمامًا مثل حياتهم ربما لأنهم اختاروا لأنفسهم منذ عهود سحيقة حلا يعصمهم من الانقراض أو الطققان المُفْضي للانقراض، هو أن يعيشوا في بلد موازٍ ، له قوانين خاصة وحكام مختلفون وأبطال شعبيون يخصونهم وغناء لا يطرب غيرهم وأنواع من الطعام والشراب لا تصلح إلا لهم. الكتابان يشتركان في شئ واحد وهو التعبير الحقيقي عن الشعب المصري الذي يتصف بالطيبة والصبر لما يحدث له وحوله من أحداث ولا يملك حق الاعتراض ولكنه يملك حق التساؤل الذي كان يأتي بين سطورهما ويحاول الكاتب بحسه القصصي العالي أن يدمج بين ما يحلم به الإنسان العادي وبين فكر المثقف الذي يدري ما يحدث حوله ورغم نغمة اليأس الحزينة التي صاغها بلال فضل بسخريته الموجعة من تغيير الأوضاع التي كانت سائدة في مصر قبل ثورة 25 يناير إلا أن هذه الكتابات التي تضمنتها صفحات الكتابين كانت تؤكد بأن هناك ثورة وتغييرا لا محال.