عندي في مكتبتي مجموعة ألبومات صور فوتوغرافية لشخصيات عديدة من عظماء العصر ضيوفي في برنامج »النادي الدولي« الذي استمر عرضه تسع سنوات كاملة والذي مازال يعتبر انجح وأول برنامج توك شو له شعبية وجماهيرية عريضة في مصر والوطن العربي!! واخذت اقلب صفحات الألبوم واستوقفتني صورة لي مع رجل يرتدي عمة سوداء فوق ملابسه السوداء وهو يجلس بجواري في فندق فلسطينبالاسكندرية.. وعلي ظهر الصورة تاريخ 22/8/8791 ومكتوب ايضا »يوم تسجيل لقطة مع الامام موسي الصدر«!! وعادت بي الذاكرة لأيام الزمن الجميل.. الزمن الجميل في كل شيء.. في الاعلام.. في الصحافة.. في الفن.. في الادب.. الزمن الجميل الثري بشخصياته والقمم التي مازالت تعيش معنا ولن تموت ابدا.. نظرت طويلا في الصورة وتذكرت هذا اليوم.. كنت في الاسكندرية ومعي طاقم البرنامج لتسجيل حلقة في استراحة المعمورة مع جمال انور السادات الذي كان من هواة عزف الجيتار وكون فرقة خماسية هو وبعض اصدقائه في نفس عمره.. وكانت هذه المرة الاولي التي يظهر فيها جمال السادات في التليفزيون.. ولان الحديث حول الفرقة الموسيقية الشبابية المنتشرة في تلك الايام واشهرها فرقة Les petit chats وفرقة Black coats التي كونها اسماعيل توفيق الحكيم نجل الكاتب العظيم لاقت الحلقة اقبالا كبيرا من الشباب في ذلك الوقت. وبعد انتهاء تسجيلي مع جمال السادات.. توجهت إلي فندق فلسطين حيث اقامتي في انتظار وصول طاقم الفنيين بعد جمع الاجهزة في حديقة استراحة المعمورة.. وعند دخولي الفندق قابلت الكاتب الصحفي اللبناني الشهير »محمد بديع سربيه« صاحب مجلة الموعد وصديق كل الفنانين وكان قد قدم لي عدة شخصيات لبنانية شهيرة كانت تعيش في القاهرة منذ بداية الحرب الاهلية اللبنانية عام 5791 ومنهم الرئيس صائب سلام الرئيس تقي الدين الصلح.. الكاتب الصحفي الكبير سعيد فريحة. قال لي الاستاذ بديع: ابن حلال.. فيه شخصية مهمة جدا موجودة هنا في الفندق ياريت تجيب الكاميرا وتعمل خبطة جديدة من خبطاتك. قلت: الكاميرا موجودة.. مين الشخصية؟ قال: الامام موسي الصدر.. نص ساعة وهايكون قدامك وسأكتب كل المعلومات المطلوبة عن الشخصية. وفي اقل من ساعة.. كانت الكاميرا جاهزة في تراس الفندق وحضر الاستاذ بديع سربيه ومعه ضيفه وقدمه لي قائلا: الامام موسي الصدر من مواليد 8291 في مدينة »قم« بايران وفيها درس العلوم الدينية بعد حصوله علي شهادات في علم الشريعة وهو واعظ ديني ويدعو دائما إلي نبذ العنصرية. وجلس ضيفي امامي وتحدثنا.. شخصية غاية في البساطة والتواضع.. مبتسم دائما سعيد بزيارته لمصر..وفي خلال ربع ساعة تحدثنا عن الحرب الاهلية في لبنان.. العنصرية في العالم.. عشقه للشعر العربي القديم.. وفي نهاية الحديث صافحني الامام وقال لي »اتمني ان اراك مرة اخري بعد عودتي من ليبيا فأنا سأذهب إلي هناك ومنها إلي إيطاليا قبل عودتي إلي لبنان قم القاهرة«. وأخذنا صورة تذكارية وتم اذاعة الحلقة يوم 52/8/8791 نفس يوم سفر الامام إلي ليبيا.. وبعدها بعدة ايام كلمني الاستاذ بديع وطلب نسخة من الحلقة وأحضرتها له ووجدته مهموما. قال: الامام موسي الصدر اختفي.. راح ليبيا واختفي.. السلطات الليبية تقول انه غادر البلاد إلي ايطاليا علي طائرة AL ITALIA هو ومرافقوه ال 81!! والحكومة الايطالية نفت وصول اي شخصيات من ليبيا.. اذن.. اين ذهب الامام.. وده مش لوحده.. ده معاه 81 فرد!! ونظرت طويلا لصورتي مع الامام موسي الصدر وقلت لروحي: والله يا ابوسمرة.. ده انت عشت تاريخ!!