الشائعات هي قنابل موقوتة يراد بها تفجير المجتمعات من الداخل وزعزعة أمنها السياسي والاقتصادي.. وهي أحد أهم وأخطر أسلحة هدم الدول وتدميرها دون تحريك جندي واحد وبعيدا عن استخدام الأسلحة التقليدية المعتادة. ومن هذا المنطلق تحولت الشائعات أو الأخبار الزائفة في السنوات الأخيرة إلي وحش يهدد أعتي دول العالم وتهديد واضح للسلم الاجتماعي. أندونيسيا في يناير 2018. اطلقت اندونيسيا وكالة أمنية إلكترونية جديدة كجزء من جهودها للتعامل مع الشائعات، ونشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت، والمجموعات الإرهابية والأخبار المزيفة علي وسائل الإعلام الاجتماعية. ألمانيا من أوائل الدول الأوروبية التي تبنت قانونا لتجريم الشائعات والأخبار الوهمية علي الإنترنت. ففي 30 يونيو 2017 تم إصدار قانون NetzDG للمحتوي غير القانوني. والذي يتضمن التشهير، ونشر أخبار غير صحيحة أو أخبار ومعلومات تحرض علي الكراهية أو تشكل تهديدا يمكن أن يعكر صفو السلم العام، أو حتي نشر الصور الإباحية للأطفال والمواد الإباحية الأخري. ويلزم قانون NetzDG منصات شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب بإزالة أو حظر الوصول لجميع المحتويات غير القانونية في غضون 7 أيام. وتبعا لنوع الجريمة المرتكبة، يجوز فرض غرامة تصل إلي 50 مليون يورو علي شركات تكنولوجيا المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي، وغرامات فردية تصل إلي 5 ملايين يورو علي مدرائها إذا لم يتم حذف المحتوي. خطورة الشائعات لا تكمن فقط في قوة تأثيرها ولكن في سرعة ومدي انتشارها. فقد كشفت دراسة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نشرتها »مجلة العلوم» هذا العام، أن الأكاذيب والشائعات أسرع وأوسع انتشارا علي مواقع التواصل الاجتماعي من المعلومات الحقيقية. ووفقا للدراسة »فإن نسبة إعادة نشر وإرسال القصص الإخبارية الكاذبة من شخص إلي آخر تفوق نسبة تداول الأخبار الحقيقية ب 70٪. علي سبيل المثال وجدت دراسة باسم »فوزوجي واخرين» انه ما بين عامي 2006 وحتي 2017، انتشرت 126 ألف إشاعة لحوالي 3 ملايين شخص في ساعات قليلة وأن الوقت الذي استغرقته الأخبار الكاذبة للوصول إلي 100 ألف شخص، لم تصل خلالها الأخبار الحقيقية إلي 1000 شخص فقط. ومع انتشار وباء »الشائعات» بدأت عدد من دول العالم في التصدي لها بقبضة من حديد من خلال مجموعة من الإجراءات والقوانين الرادعة. الفلبين في 21 يونيو 2017، ناقش مجلس الشيوخ مشروع القانون رقم 1942، والذي يعاقب علي نشر الشائعات والأخبار الكاذبة والتي حددها بأربعة شروط: وجود نوايا خبيثة ونشرها عبر الإنترنت أو الطباعة أو البث الإذاعي أو التليفزيوني، مما يتسبب في الذعر والفوضي والعنف والكراهية أو نشر الدعاية لتشويه سمعة المواطن. واقترح القانون معاقبة أي شخص يتم إدانته بنشر أو توزيع أخبار كاذبة بغرامة أقصاها خمسة ملايين بيزو والسجن لمدة 5 سنوات كحد أقصي، في حين يعاقب أي شخص يساعد في نشر تلك الشائعات بغرامة تصل إلي ثلاثة ملايين بيزو كحد أقصي والسجن لمدة أقصاها 3 سنوات. كما كان هناك اقتراح بتغريم وسائل الإعلام ووسائل الإعلام الاجتماعي التي تقوم بنشر تلك الشائعات بغرامة مالية 20 مليون بيزو كحد أقصي وما بين 10 إلي 20 سنة سجن. فرنسا في 3 يناير 2018 أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قانون جديد لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة علي مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبا تلك المواقع بالكشف عن هوية واضع الأخبار ومصدر تمويل تلك الأخبار. ووفقا للقانون الجديد فإنه يحق للقاضي محو المحتوي المنشور وغلق الحساب وحظر الدخول علي الإنترنت. ماليزيا صدر مؤخرا قانون جديد يعاقب كل من ينشر أخبارا مزيفة علي وسائل التواصل الاجتماعي بغرامة قدرها 500 ألف رينجت (123 ألف دولار) وحكم بالسجن لمدة تصل إلي 6 سنوات. ويطال القانون حتي المخالفين من خارج ماليزيا طالما أنهم يكتبون عن البلد أو شعبه.