كثر الحديث هذه الأيام حول الإدارة المحلية ومدي سلامة أسلوب اختيار المحافظين المطبق حاليا وهل من الأفضل ان يتم انتخاب المحافظين أم استمرار أسلوب تعيينهم الحالي مع وضع بعض الضوابط التي تؤدي إلي اختيارات أكثر ملاءمة من أسلوب الاختيار القائم. فالإدارة المحلية والحكم المحلي هما صورتان من صور اللا مركزية فإذا أخذت الدولة بأسلوب اللامركزية الإدارية فإنها تحتفظ بوحدة السلطتين التشريعية والقضائية وتوزع السلطة التنفيذية بين الحكومة المركزية والمحافظات ويطلق علي هذا الأسلوب الإدارة المحلية.. أما إذا قامت الدولة بالأخذ بأسلوب اللامركزية السياسية فإنها تقوم بتوزيع سلطاتها الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية علي المحافظات »الولايات« ويطلق علي هذا الأسلوب الحكم المحلي وهو لا يصلح إلا في الدول الكبيرة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والهند علي سبيل المثال ولا يصلح للتطبيق في مصر. المطبق حاليا في مصر لا هذا ولا ذاك وهذه النتيجة انتهي إليها فريق بحثي أمريكي علي أعلي مستوي علمي استقدمته وزارة التنمية المحلية من خلال برنامج دعم اللامركزية الممول من المعونة الأمريكية وانتهي إلي أن المطبق في مصر حاليا ومنذ الأخذ بنظام الإدارة المحلية عام 0691 هو نوع من المركزية يسمي عدم التركيز الإداري أي لاعلاقة له بالإدارة المحلية ولا الحكم المحلي. حتي يكون لدينا نظام جيد للإدارة المحلية لابد ان تتوافر مقومات هذا النظام وهو علم له أصوله ربما يكون لكل دولة خصوصيتها في التطبيق ولكن مع عدم الاخلال بالمقومات الأساسية لنظام الإدارة المحلية فسوف اركز فقط علي مقومين اثنين لهما أهمية قصوي لو أردنا أن تكون علي الطريق الصحيح أولهما هو ضرورة ان يدير الكيان المحلي »المحافظة/ المركز/ المدينة / القرية« قيادات منتخبة وليس مجرد موظفين تعيينهم السلطة المختصة.. ومع احترامي الكامل للقيادات المحلية التنفيذية بدءا من المحافظ وانتهاء برئيس القرية إلا ان التنمية المحلية لن تتحقق أبدأوا بالمستوي الذي نأمله في ظل إدارة بيروقراطية علي رأسها موظف حتي ولو كان بدرجة وزير لذا نحتاج إلي قيادات جماهيرية منتخبة ولاؤها الأول للجماهير التي انتخبتهم. ولكنني لست مع التنفيذ الفوري بمعني ان ينتخب المواطنون المحافظ غدا، بل أنا مع التدرج في التنفيذ لمدة زمنية تخضع للحوار مثل أن يقوم رئيس الجمهورية باختيار المحافظ من بين الثلاثة الأوائل في انتخابات المحافظ لمدة واحدة قدرها 4 سنوات وفي الدورة الثانية يختار رئيس الجمهورية المحافظ من بين الاثنين الأوائل وفي التالية يكون المحافظ هو الحائز علي أعلي الأصوات. وأهمية الانتخاب هنا أن المحافظ سوف يأتي مستندا علي أصوات الجماهير مما يعطيه قوة كبيرة في ممارسة عمله وليس سرا ان بعض المحافظين يستهلكون جزءا كبيرا من وقتهم في العلاقات العامة لتحسين صورتهم أو أن بعضهم يخشي من ممارسة سلطاته التي أعطاها له قانون الإدارة المحلية الحالي خشية ان يغضب وزيرا ما أو طمعا في رضاء وزير آخر. بصراحة المحافظ المنتخب قائد جماهيري سوف يكون ولاؤه الأول لمن انتخبه وليس موظفا عموميا عينه دائما علي من اختاره في المنصب طالبا رضاءه ورضاء كل الحلقات المحيطة به. أما المقوم الثاني: فهو أن تتملك المحليات مواردها وتقتسمها مع الحكومة وفق نسبة يحددها المشرع المصري فتأخذ الحكومة المركزية نصيبها للصرف منه علي المرافق مثل الدفاع أو القضاء أو الخارجية كما تحجز جزءاً من هذه الحصيلة تحت مسمي المعونة المركزية لمساعدة المحافظات .