لم تقتصر معاناة عمال التراحيل والعاملين في مجالات الزراعة والصيد علي البحث عن فرصة عمل توفر لهم قوت يومهم.. لكن تزداد تلك المعاناة مع تقدم سن الكثير منهم وخوفهم الشديد من اصابتهم أثناء العمل أو وفاتهم لعلمهم بعدم وجود تأمين عليهم. تاريخ معاناة هذه العمالة الموسمية لم يكن جديدا.. لكنها معاناة استمرت لعقود، ورغم أن هذه الطبقة تعد العمود الفقري لمشروعات مصر العملاقة بداية من الأهرامات وحفر قناة السويس وبناء السد العالي فلم تلتفت إليهم الأنظمة السياسية المتعاقبة سوي القليل منها، وكان أشهرهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما قال »يا عم جابر أحب أقولك إن الرسالة وصلت، وأننا قررنا زيادة أجر عامل التراحيل إلي 25 قرشا في اليوم، بدلا من 12 قرشا، كما تقرر تطبيق نظام التأمين الاجتماعي والصحي علي عمال التراحيل لأول مرة في مصر».. جاءت هذه الكلمات خلال زيارته للصعيد بعد أن قام أحد العمال البسطاء بوضع »صرة» بها »رغيف بتاو وبصلة» أمام عبد الناصر ومرافقيه أثناء توقفهم في إحدي محطات القطارات.. إلي أن جاء شهر فبراير الماضي ليكتب »وثيقة تصالح » بين العمالة الموسمية وبين المجتمع بعد أن وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بالاهتمام بهذه العمالة، وطالب الحكومة بالبحث عن وسيلة لتأمين هؤلاء العمال، وبالفعل بدأت الجهات الحكومية المعنية بهذه الفئة في اتخاذ خطوات سريعة لتنفيذ تعليمات الرئيس. فبدأت وزارة القوي العاملة في إنشاء قاعدة بيانات لحصر هذه العمالة منذ بداية مارس الماضي وحتي الآن حيث تم تسجيل ما يقرب من 2مليون عامل خلال هذه الفترة، بالإضافة إلي أن مشروع قانون العمل الجديد نص علي إنشاء صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة، وبه نظم لتحصيل نسبة من صاحب العمل الذي يستخدم العمالة غير المنتظمة بما لا يقل عن 1% ولا يزيد علي 3%، مما تمثله الأجور من الأعمال المنفذة.. بالإضافة إلي التنسيق بين الوزارات المعنية وعلي رأسها وزارتا التضامن والتنمية المحلية لتوفير التأمينات اللازمة لهذه الفئة، وتدريبهم تمهيدا لتوفير فرص عمل لهم علي مستوي المحافظات بالتنسيق مع مديريات القوي العاملة.. كما قدمت لجنة القوي العاملة بمجلس النواب مشروع قانون بشأن أوضاع وحقوق العمالة الموسمية. ولم يقتصر الأمر علي ذلك فقط.. بل تم الإعلان عن توفير شهادات »أمان» للعمالة غير المنتظمة بقيمة 500 جنيه ومضاعفتها حتي 2500 جنيه، ويبدأ قسطها الشهري بأربعة جنيهات وحتي 20 جنيها، ومدة الاستفادة منها تتراوح من 5 إلي 10 سنوات ويتم صرفها في حالة الوفاة.