أسقطت ثورة يناير الفساد ونظامه، ولكنها أخرجت من الشقوق ثعابين كشرة تنفث سمومها الآن في وجه الجميع، تريد أن تحرق كل ما في الأمس حتي حضارته وتقدمه، وتسعي جاهدة لاختطاف الغد بأحلامه . السلفيون سكان جحور الخوف من النظام السابق وبطشه ركبوا الثورة وخرجوا للشارع يستعرضون قوتهم، يغتصبون المنابر، يحاصرون الكنائس، يهدمون الأضرحة. المحظورة وأولادها لعقود طويلة وهم يزفون للعالم نبأ رفع الظلم والحظر عنهم بفضل الثورة يتحدثون بلا خجل ولا خوف عن دولة الحدود. بدو سيناء الذين ذاقوا مرارة البطش وقسوة التخوين والنفي في وطنهم يستغلون الحرية ويقطعون الطرق ويعلون شريعة الغاب. كل هؤلاء ومن قبلهم الفئويين ومعتصمي قنا ودعاة الطائفية والحكومة المرتعشة والإعلام المهزوز الذي خلع نظارة الحزب الوطني وارتدي عدسات الثورة ففقد القدرة علي تحديد الصديق من العدو، جميعهم يقودون مصر إلي أزمنة الظلام ولعصر الخيمة والجمل! المشهد العام يدمي القلب ويبعث علي الخوف والقلق وينبئ بقرب إعلان قيام دولة الفوضي ويضيء الآف اللمبات الحمراء حول تآكل هيبة الدولة وربما ضياعها! من ينقذ مصر قبل فوات الأوان؟ سؤال ليس موجها لحكومة د. شرف لأنها في مواقف عديدة أثبتت أنها لا تؤمن بأن تطبيق القانون بلا خوف ينشر روح الاستقرار بين الجميع، ولكن اسأل القوات المسلحة التي حمت الثورة ومنحتها الشرعية هل نترك الأرض التي دافعت عن قدسيتها بالدم نهبا للفوضي وغنيمة للغلاة والمتطرفين؟! تردي الأوضاع والانفلات السائد في كل مظاهر الحياة يشفي سريعا من حالة الفرح التي خلفتها الثورة في النفوس ويغري الملايين وأنا منهم بالحنين لأجواء ما قبل يناير. بظلمها وفسادها! حتي وان طالتنا التهم الجاهزة بأننا فلول وذيول وثورة مضادة.