بشهادة خبراء وجهات دولية مختبر »وافس» للمياه: لم يراع في إنشائه الكوارث المحتملة بعد وصول المفاوضات حول سد النهضة لطريق مسدود.. أكد كثير من الخبراء والجهات الدولية المعنية أن إنشاء السد بالخطوات الزمنية والمواصفات التي تفعلها إثيوبيا حالياً ينذر بكارثة حقيقية علي مستقبل الزراعة والشرب في مصر خاصة المعدل الزمني المقرر لملء السد والمحدد بثلاث سنوات حيث تتعرض مصر لنقص في مساحة الأراضي الزراعية يصل ل51٪. في تقرير لها أكدت »منظمة الانهار الدولية» ان الحكومة الاثيوبية تعمدت حجب الكثير من التقارير الرئيسية الخاصة بالسد عن فريق من الخبراء الدوليين عند اعدادهم لتقرير هام أكد بالفعل علي وجود الكثير من المخاطر المحيطة بالسد، ومن بينها عدم كفاية دراسة التأثيرات الهيدرولوجية وهي وثيقة رئيسية لفهم مدي تأثير السد علي المواطنين والنظم الإيكولوجية في دول المصب. ومن بين الوثائق التي تم حجبها، التقارير الخاصة بالتقييم الجيوتكنولوجي، والذي يعّد ضرورياً في مشاريع انشاء السدود، وكذلك تحليلات التكلفة وفوائد المشروع.. ويؤكد تقرير منظمة الأنهار الدولية ان السد سيعرض البيئة لخطر شديد. حيث تسهم السدود في إحداث تغييرات في الدورات الهيدرولوجية الإقليمية، إلي جانب أنماط الطقس المرتبطة بتغير المناخ، والتي ستؤدي بدورها إلي حدوث حالات غير منتظمة من الفيضانات والجفاف والانهيارات الطينية.. وطبقاً لتصريحات أحد خبراء السدود الدوليين الذي اطلع علي التقرير، فان السرعة التي يتم بها بناء السد لا تسمح بضبط أو تعديل العناصر الأساسية لتصميمه، للحد من أضراره، وأوصت المنظمة في تقريرها بإيقاف عملية البناء في المشروع حتي يتم الانتهاء من جميع الدراسات اللازمة التي أوصت بها لجنة الخبراء الدوليين. أضرار متعددة مختبر »وافس» (WAFS) للمياه والأمن الغذائي العالمي عقد ورشة عمل تضم مجموعة من الخبراء الدوليين في هندسة الموارد المائية والاقتصاد لبحث المسائل الفنية المتعلقة بتشييد سد النهضة وتشغيله.. وكان أبرز ما كشف عنه تقرير الورشة حقيقة ان تصميم سد النهضة كان يتطلب إنشاء »سد ملحق» Saddle dam كبير جدا لمنع المياه المخزنة خلفه من الانسكاب من الطرف الشمالي الغربي من الخزان. كما ان المخاطر المرتبطة بأي انهيار محتمل »للسد الملحق» لم يتم تقديرها بشكل كامل وهذا يمكن ان يكون له عواقب وخيمة. و لفت التقرير إلي ان تراكم الأملاح في الأراضي الزراعية بدلتا النيل يمكن أن يتسارع بشكل كبير نتيجة لوجود السد كما ان هناك قلقا حول موقع وقدرة منافذ خروج المياه منخفضة المستوي للسد والتي تقوم بتوفير المياه لمصر والسودان خلال فترة ملء الخزان أو فترات الجفاف.. وأوصي التقرير بضرورة وضع كل من مصر وإثيوبيا خطة للتنسيق بين سد النهضة والسد العالي من أجل تقاسم مياه النيل بشكل عادل خلال فترات ملء الخزان والجفاف الطويلة. ومن جانبه يقول ديل ويتنجتون، الأستاذ بجامعة نورث كارولينا والمشارك في تقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: ستتطلب المفاوضات الصعبة المقبلة أن يكون لدي خبراء السياسة الخارجية وخبراء المياه في كل من البلدان الثلاثة فهم مشترك للمسائل التقنية والاستعداد للتوصل إلي حل توفيقي مع وضع اتفاقات تفصيلية بشأن سياسة تشغيل الخزانات واتفاقات تجارة للطاقة وسلامة السد ومراقبة التملح.. فيما دعا دون بلاكمور، المدير التنفيذي السابق لهيئة حوض نهر موراي دارلينج في أستراليا والرئيس الحالي للمعهد الدولي لإدارة المياه المجتمع الدولي إلي التدخل لحل المشكلة مؤكداً انها مسألة ملحة. دوافع خفية في تقرير بعنوان »خرافات حول سد النهضة» فندت منظمة »الأنهار الدولية» كل الادعاءات الاثيوبية حول السد. ففي البداية لفتت المنظمة إلي قدرة اثيوبيا علي توليد حاجتها من الطاقة من مصادر أخري اكثر وفرة وأقل تكلفة وعلي رأسها الطاقة الشمسية، حيث يبلغ متوسط الإشعاع الشمسي في إثيوبيا 5.2 كيلووات/متر مربع في اليوم؛ ولم يتم استغلال سوي أقل من 1% فقط. وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول الهدف الحقيقي من وراء بناء السد تحت ادعاء توليد الطاقة، خاصة مع تحذير المنظمة من خطورة اعتماد الحكومة الاثيوبية علي الطاقة الكهرمائية لتوليد 99٪ من احتياجها من الكهرباء، لأنها تقنية محفوفة بالمخاطر في ظل مناخ يزداد تقلبا، وفي ضوء تذبذب هطول الأمطار وانخفاض وارتفاع وتيرة الجفاف في شرق أفريقيا.. كما فند تقرير المنظمة ما تدعيه اثيوبيا عن توفير السد الكهرباء لكافة المواطنين، مؤكدة ان المتصلين بالفعل بالشبكة الكهربائية هم فقط من سيستفيد، حيث يعيش نحو 85% من الإثيوبيين في مناطق ريفية، ولا يحصلون سوي علي 2% من الكهرباء. ويوضح خطورة الأمر بصورة أوضح البروفيسور أسفاو بيين، أستاذ الهندسة الميكانيكية ومدير مركز الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في جامعة سان دييجو الأمريكية، حول القدرة الحقيقة للسد علي توليد 6000 ميجاوات كما تدعي اثيوبيا. لأن حجم سد النهضة مبالغ فيه ويتجاوز القدرة المتاحة له وهو ما يثير التساؤل حول جدواه ويثير الشكوك حول سبب بنائه بهذه الضخامة واثارة القلاقل في حوض النيل. ويري ان حجم السد تم تحديده ليناسب معدلات تدفق النهر وقت الذروة، وهو ما يستمر لبضعة أشهر فقط، والاستفادة المثلي منه كانت تستدعي تصغير حجمه ليستخدم حوالي 7 توربينات فقط، بدلاَ من 17، بقدرة انتاجية مقدارها 350 ميجاوات لكل منهما. وحتي إذا أضفنا توربينا إضافيا لفترة توقف الصيانة، فان الهدف يجب لأن يتجاوز توليد 2800 ميجاوات، وهذه الكمية تضمن استمرار امدادات الكهرباء علي مدار السنة بمستوي ثابت وتقلل الفترة الزمنية المطلوبة لملء الخزان وكذلك تقلل تكلفة التشييد إلي النصف تقريباً، حوالي 2.3 مليار دولار. أكد أن القضية بالنسبة للحكومة الاثيوبية »مسيسة إلي حد كبير.