محافظ القاهرة: توسيع نطاق المبادرات والمشروعات التي تنهض بالمرأة    نراهن على شعبيتنا.. "مستقبل وطن" يكشف عن استعداداته للانتخابات البرلمانية    متحدث الحكومة: نتجنب تخفيف الأحمال وندعو المواطنين لترشيد الاستهلاك    الكهرباء: خفض الإضاءة بالمباني الحكومية والشوارع لمواجهة زيادة الأحمال وحرارة الطقس    «سياحة النواب» توصي بوقف تحصيل رسوم من المنشآت الفندقية والسياحية بالأقصر    نتنياهو لشبكة ABC: اغتيال خامنئي سيؤدي لتهدئة التوترات    "الإسعاف الإسرائيلي": 22 قتيلًا وأكثر من 400 مصاب منذ بداية الحرب مع إيران    وزير خارجية إيران: نتنياهو مجرم حرب خدع رؤساء الولايات المتحدة ل3 عقود    كأس العالم للأندية| ذا صن تسلط الضوء على صدام ميسي وياسر إبراهيم في افتتاح المونديال    الجيش الإسرائيلي: هدف الحرب مع إيران ضرب برنامجها النووي    بدأت بمشاهدة وانتهت بطعنة.. مصرع شاب في مشاجرة بدار السلام    ثقافه النواب تناقش الاستثمار الثقافي بالهيئة العامة للكتاب    ورش فنية متنوعة لتنمية مواهب الأطفال بأبو سمبل    خبير علاقات دولية: التصعيد بين إيران وإسرائيل خارج التوقعات وكلا الطرفين خاسر    وائل جسار يجهز أغاني جديدة تطرح قريبا    "كوميدي".. أحمد السبكي يكشف تفاصيل فيلم "البوب" ل أحمد العوضي    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    حالة الطقس غدا الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة الفيوم    طبيب يقود قوافل لعلاج الأورام بقرى الشرقية النائية: أمانة بعنقي (صور)    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    سي إن إن: إيران تستبعد التفاوض مع واشنطن قبل الرد الكامل على إسرائيل    العثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري في ظروف غامضة بالفيوم    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    «لترشيد استخدام السيارات».. محافظ قنا يُعّلق على عودته من العمل ب «العجلة» ويدعو للتعميم    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    التعليم العالي تعلن حصاد بنك المعرفة المصري للعام المالي 2024/2025    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه بسعر فائدة 22.70%    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    العربية: إيران تعتقل عشرات الجواسيس المرتبطين بإسرائيل    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    محمد عمر ل في الجول: اعتذار علاء عبد العال.. ومرشحان لتولي تدريب الاتحاد السكندري    «فيفا» يوجه رسالة جديدة للأهلي وإنتر ميامي بمناسبة افتتاح المونديال    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    إخطار من الليجا.. إسبانيول يؤكد دفع برشلونة للشرط الجزائي لخوان جارسيا    الجالية المصرية فى لندن تحتفل بعيد الأضحى    لا تطرف مناخي.. خبير بيئي يطمئن المصريين بشأن طقس الصيف    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاهرام المسائى في دول حوض النيل‏(3)‏

إثيوبيا تنوي بناء سبعة سدود علي أعالي النيل الأزرق وضفاف بحيرة تانا‏..‏ بل وبدأت بالفعل انشاء ضخمها علي الاطلاق علي حدودها مع السودان ألا وهو سد الالفية التي غيرت اسمه مؤخرا ليلقب بسد النهضة‏.‏
خبراء إسرائيليون متخصصون في المياه وبناء مشروعات السدود العملاقة علي الأرض الإثيوبية وزيارات متبادلة ربما تكون سرية في أحيان كثيرة ما بين أديس أبابا وتل أبيب‏.‏
حصص مصر في مياه نهر النيل بالتأكيد ستتأثر بل وستتحول بحيرة ناصر بعد اقامة السدود الإثيوبية إلي بركة يمرح في مياهها الاوز المصري‏.‏
أقاويل وأحاديث كثيرة وربما ايضا شائعات تصل إلي حد المبالغة والتهويل وربما أيضا يكون اكثر من نصف الكلام حقيقيا ولكن يبقي السؤال بل تتعدد علامات الاستفهام فتحاصرنا لنجد أنفسنا طوال رحلتنا إلي بلاد الحبشة نحاول ان نجيب عن سؤال واحد ومهم وخطير قد يحسم أمورا كثيرة ألا وهو‏..‏ أين الحقيقة؟
وما هي حكاية كارت الإرهاب الذي اصبح يحاصرنا كلما سمعنا عبارة دول حوض النيل ألا وهو السدود؟
ولماذا هذا الكم من التكتم الإثيوبي علي مشروع سد الالفية الذي بات وكأنه سر حربي أو عسكري؟
أسئلة ربما تجد لها اجابات عبر سطورنا المقبلة‏...‏
بداية موضوع سدود إثيوبيا ليس بجديد فلقد تكلم عنه تفصيليا د‏.‏ رشدي سعيد واحد من أهم الجيولوجيين المصريين في كتابه الذي يحمل عنوان نهر النيل نشأته واستخدام مياهه في الماضي والحاضر ما يدلل علي أن موضوع السدود علي النيل الأزرق ليس بجديد ولا مستحدثا فلقد كشف د‏.‏رشدي سعيد عن دراسة تمت بواسطة مكتب استصلاح الأراضي بالحكومة الأمريكية فيمابين عامي‏1959‏ و‏1964‏ عندما دعت الحكومة الإثيوبية هذا المكتب لدراسة حوض النيل الأزرق لبحث إمكانية تنمية حوضه بعد ان اتخذت مصر قرارها ببناء السد العالي والكلام علي لسان د‏.‏ رشدي أن أحدا لم يكن يعرف كيف يمكن أن يكون هذا العمل وخاصة ان النيل الأزرق يجري كخانق عميق لم يركبه أحد حتي عشرينيات القرن العشرين‏,‏ وقد قام المكتب الأمريكي بدراسة هيدرولوجية حوض النيل الأزرق وجيولوجيته وتضاريسه ونوعية مياهه وثروته المعدنية ومياهه الأرضية واستخدامات اراضيه وإقتصاديات تنميته‏,‏ كما قام المكتب بإشاء‏59‏ محطة لرصد النهر وقياس تصرفاته وبتصوير الحوض من الجو ورفع خرائط له‏,‏ وقد اظهرت دراسة المكتب انه لا توجد أراض في دول حوض النيل يمكن زراعتها وإنما توجد اراض في الهضاب المحيطة يمكن توصيل المياه بها وزراعتها وعلي الأخص منطقة بحيرة تانا وتصل جملة الأراضي التي ذكرها التقرير أكثر قليلا من المليون فدان يحتاج ريها إلي حوالي‏6‏ بلايين متر مكعب من المياه في السنة وركز التقرير علي إمكانات استخدام مياه النيل الأزرق لتوليد الكهرباء لذا اقترح بناء أربعة سدود كبيرة في الجزء الاخير من المجري والذي يبلغ متوسط إنحداره حوالي متر واحد لكل كيلو متر من المجري والذي يبلغ متوسط إنحداره حوالي‏50‏ بليون متر مكعب هي جملة تصرف النيل الأزرق تولد من الكهرباء حوالي‏25‏ بليون كيلو وات في الساعة أي ما يزيد علي ثلاثة اضعاف كهرباء السد العالي‏.‏
ولما كانت تكلفة المشاريع التي جاءت بالتقرير كبيرة فقد اقترح المكتب الأمريكي ان تقوم إثيوبيا بالتركيز خلال القرن العشرين علي بناء السدود الصغيرة أما مشروعات السدود الكبيرة علي النيل الأزرق فقد اقترح تأجيلها إلي القرن الحادي والعشرين وقدرت تكاليف مجموعة مشروعات القرن الحادي والعشرين بحوالي‏2‏ بليون دولار وتكلفة سدود النيل الأزرق بحوالي‏3.8‏ بليون دولار هذا حسب أرقام عام‏1964.‏
ويستكمل د‏.‏ رشدي سعيد حديثه عن السدود قائلا ان بناء هذه الخزانات المتفرقة سيئ بالضرورة فلو تم بناؤها بالتنسيق مع دول ادني الحوض فقد يكون ذلك خيرا علي الجميع خاصة وان هذه السدود ستنظم سريان مياه النيل الأزرق علي مدار السنة بدلا من نمطها الحالي الذي يأتي بمعظمها في موسم واحد ولو ان إثيوبيا بنت جميع السدود المقترحة علي النيل الأزرق وحجزت لنفسها‏6‏ بلايين متر مكعب فإنها ستطلق الباقي بمعدل‏3.6‏ بليون متر مكعب في الشهر بعد حجز حوالي‏3%‏ من الماء سيضيع في البخر في خزاناتها‏,‏ كما ان إطلاق الماء بانتظام من إثيوبيا سينهي ظاهرة الفيضان والتذبذبات التي تأتي معه في خزان السد العالي وسيقلل من إرتفاع الماء في بحيرة ناصر إلي الحد الذي سيقلل منها بما يوازي ما ستأخذه إثيوبيا‏..‏
وأكد د‏.‏ رشدي في نهاية حديثه أن كل هذه الحسابات نظرية ولا يمكن لها أن تتحقق لصالح الجميع دون أن يتم التنسيق بين كل دول حوض النيل خاصة مصر والسودان وإثيوبيا‏,‏ حديث د‏,‏ رشدي سعيد ربما أضاء لنا الكثير من النقاط حول خلفية موضوع السدود والخزانات التاريخية وربما ايضا اظهر لنا بعضا من الجوانب الإيجابية لإنشاء سدود يستفيد منها الجميع ولكنه اشترط الاتفاق والتنسيق الذي يترجم بلغة هذا العصر إلي المصالح الإقتصادية والتعاون في كل المجالات ما بين دول الحوض‏.‏
الأمر الغاية في الأهمية والذي علينا أن نعرفه جيدا ان هناك علي الأرض الاثيوبية العديد من السدود التي أقامتها بالفعل والتي تستكمل بناءها وهذا ما كنت قد عرفته اثناء رحلتي السابقة والتي كانت منذ عام ونصف وقبل أن ندخل في تفاصيل سد الألفية أو النهضة أصحبك قارئي في جولة سريعة لتتعرف فيها معي علي السدود الاثيوبية والدول التي تسهم في تمويلها بل واقامتها‏.‏
بداية من هيئة الكهرباء الاثيوبية والتي قد قامت بتوقيع اتفاقيات مع ثلاث شركات صينية لتطوير مشروعات الطاقة الكهربائية وتوليد الطاقة من الرياح وكان أولها تلك الاتفاقية التي تم توقيعها مع شركة‏'GEZHOUBAGROUPCOMPANYCHINA'‏ وذلك لتوليد الطاقة في منطقة جبنالي داو جنوب اثيوبيا ووصلت تكلفة هذا المشروع إلي‏408‏ ملايين دولار بطاقة‏254‏ ميجاوات ومن المقرر الانتهاء من هذا المشروع خلال‏4‏ سنوات‏.‏
أما الاتفاق الثاني فهو مع شركة‏'SINHYDROCORPRATION'‏ لإنشاء مشروع في منطقة شيمو جايدا باقليم أمهرا ويشمل بناء‏5‏ سدود علي خمسة أنهار بقيمة‏55‏ مليون دولار وينتهي العمل فيها بعد‏4‏ سنوات‏.‏
أما الاتفاق الثالث فهو مبدئيا مع شركة‏'HYDROCHINA'‏ بهدف إنشاء مشروعات لتوليد الطاقة من الرياح في منطقة أداما وميسو بوهارينا وتبلغ طاقة هذا المشروع‏51‏ ميجاوات لكل منها‏,‏ علما بأن هذه الشركة هي نفسها التي تتولي حاليا إنشاء سد يتكيزي و وبليس و امبرتي ينشي و جيبي‏2‏ و‏3.‏ وضعت الحكومة الاثيوبية خطة رئيسية لمدة‏25‏ عاما لتطوير قطاع الكهرباء بقيمة‏12‏ مليار دولار‏70%‏ منها لتوليد الطاقة‏.‏
أما عن سد جيلجيل جيبي‏1)‏ والذي يقع علي أحد الروافد الصغيرة لنهر جيبي الرئيسي علي مسافة‏260‏ كيلو مترا جنوب شرق أديس أبابا فقد بدأ العمل فيه منذ عام‏1985‏ وبشكل جدي من عام‏1997‏ وانتهي في عام‏2003‏ وبدأ الانتاج في فبراير من عام‏2004‏ بطاقة‏183‏ ميجاوات ويبلغ طوله‏40‏ مترا مع وجود ثلاث توربينات وقد تكلف بناؤه‏280‏ مليون يورو قدمها البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي وهيئة التنمية النمساوية والحكومة الاثيوبية وتولي عملية الإنشاء كونسريتو مكون من‏12‏ شركة من ايطاليا واسبانيا وألمانيا والبوسنة وفرنسا والنمسا واثيوبيا‏.‏
بينما سد جيلجيل جيبي‏2‏ فهو بتمويل إيطالي وهو عبارة عن شق نفق طوله‏26‏ كيلو مترا لإنتاج الكهرباء عن طريق استغلال المسقط الطولي الذي كونه سد جيلجيل‏1‏ علي نهر جيبي ونهر أورمو من الناحية الأخري وطبقا للرسم الهندسي للمشروع فإنه لا يحتاج إلي إقامة سد حيث انه يستغل المياه المنصرفة من جيبي‏1‏ والتي ستدفع في النفق الجاري انشاؤه تحت جبل فوفا‏FOFA‏ ومن المقرر أن ينتج‏420‏ ميجاوات وتكلفة هذا المشروع بلغت حوالي‏370‏ مليون يورو‏.‏
أما جيلجيل‏3‏ فهو الأضخم من بين كل السدود في اثيوبيا نظرا لحجم تكلفته ويقع هذا السد علي مسافة‏400‏ كيلو متر غرب أديس أبابا في حوض نهري جيبي و أورمو وسيكون له فوائد عديدة لاثيوبيا والدول المجاورة فمثلا تبلغ الطاقة المتوقعة منه‏1870‏ ميجاوات وعند ضمه إلي شبكة البلاد سيغير وجه الحياة تماما سواء علي مستوي الاستهلاك المنزلي أو الصناعي وقد أعلنت الحكومة الكينية عن دعمها لهذا المشروع حيث من المتوقع أن تحصل علي بعض الطاقة منه‏.‏
الألفية بالأرقار
هذه المعلومات عن السدود الاثيوبية كانت كما قلت منذ عام ونصف بالتمام والكمال‏..‏ أما عن هذه الايام فنحن أمام سد الألفية أو النهضة ذاك المشروع الجبار علي حد وصف الاثيوبيين والذي سينقل بلاد الحبشة نقلة عالمية من جميع النواحي وفي كل القطاعات‏..‏ والحق لقد حاولنا جاهدين طوال فترة اقامتنا في بلاد الحبشة ان نحصل علي معلومات تفصيلية بشتي الطرق تخص سد النهضة ولكن للأسف باءت كل المحاولات بالفشل لأنهم كما قلت يتعاملون علي انه سر قد يرقي إلي الاسرار الحربية‏.‏
لذا استميحكم عذرا ألا يسألني أحد من أين أتيت بكل التفاصيل الخاصة والدقيقة عن سد الألفية فقط كل مايهمنا جميعا أن نعرف ما هي حكاية هذا المشروع وأؤكد علي أن رغبتنا في المعرفة ليست من قبيل الفضول والتدخل فيما لا يعنينا كما تصور بعض المسئولين الاثيوبيين لأن الأمر ببساطة يخصنا بل ويهمنا من الدرجة الأولي بل هو بالفعل أمننا القومي والاستراتيجي المائي لذا أعرض كل ما وصلت إليه أيدينا من معلومات لتكون أمام كل القراء بمن فيهم خبراؤنا المتخصصون في ملف النيل لعلنا نصل معهم إلي اجابة واحدة عن تساؤل خطير الا وهو هل يمكن لهذا السد الذي بدأت اثيوبيا في بنائه بالفعل ان يؤثر علي وصول مياه نهر النيل إلينا هل يمكن أن نصحو من نومنا يوما لنجد بحيرة ناصر وقد تحولت الي بركة أم أن المسألة أبسط من ذلك بكثير‏..‏؟
مشروع الألفية هو واحد من أهم خطوات الحكومة الاثيوبية في طريق إلتزامها بالطلب الحالي علي الطاقة في البلاد‏,‏ ومن المتوقع ان يتم الانتهاء من العمل فيه في سبع سنوات‏.‏
المولد تم تصميمه بقوة توليد‏5250‏ ميجاوات‏.‏
الشركة الاثيوبية للطاقة الكهربائية هي الشركة المسئولة عن توليد الطاقة‏,‏ تحويلها وتوزيعها وبيعها في اثيوبيا كلها‏.‏
وسيتم هذا ضمن خطط موضوعة وأهدافها أن تكون رائدة في توزيع الكهرباء بشكل يقابل الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للأمة الاثيوبية‏.‏
سد الألفية هو جزء من السيناريو الخاص بالشركة الاثيوبية للطاقة الكهربائية حتي تستطيع أن تواكب النمو المتزايد في الطلب المحلي والانتشار الصناعي‏,‏ وأيضا تصدير فائض الكهرباء للدول المجاورة‏.‏
الإستكمال الناجح للمشروع سيزيد من الطاقة التوليدية للشركة الاثيوبية للطاقة الكهربائية إلي عشرة آلاف ميجاوات‏.‏
شركة ساليني للانشاءات ذات نشاط في اثيوبيا منذ العديد من السنوات ومؤخرا قامت بالانتهاء بنجاح من سد جلجيل جيبي‏2‏ بسعة‏420‏ ميجاوات‏,‏ وبيليس بسعة‏460‏ ميجاوات اللذين يشكلان معا مايقرب من‏50%‏ من إنتاج البلد الحالي من الكهرباء‏.‏
جلجيل جيبي‏2‏ هو إمتداد لجلجيل جيبي‏1‏ الذي يعمل من عام‏2004,‏ وسيضاف اليها جلجيل جيبي‏3‏ الذي يتم إنشاؤه حاليا وسيكون بسعة‏1870‏ ميجاوات‏.‏
مولد الألفية للطاقة الهيدرولوجية سيتم العمل به علي أساس خطة مسار سريع ومن المتوقع أن يبدأ في توليد الطاقة الكهربائية بحلول سبتمبر‏2014‏
الموقع
ويقع مكان المشروع تقريبا علي بعد‏700‏ كيلومتر شمال غرب أديس أبابا علي ضفاف نهر الأباي‏,‏ في إقليم بينيشانجل جومز المشروع عنصر أساسي في استغلال إمكانات نهر الأباي مابين بحيرة تانا والحدود السودانية في توليد الكهرباء‏,‏ ويعتمد العمل في الأساس علي إسطوانات من الأسمنت المضغوط للجزء الرئيسي من السد ومحطتي طاقة في أسفل السد‏,‏ ويحوي السد محطتين‏..‏ واحدة ستكون علي الضفة اليمني بقوة‏10‏ توربينات والثانية علي الضفة اليسري بقوة‏5‏ توربينات‏,‏ بقوة‏5250‏ ميجاوات للاثنين معا‏..‏وعلي الضفة اليسري من السد الذي سيبلغ ارتفاعه‏50‏ مترا وطوله‏5‏ كيلومترات ستقام قناة تصريف فائض المياه مبنية من الأسمنت ليكملوا الشكل العام للمشروع‏.‏
مستويات المياه‏.‏
وحسب التقارير الفنية يصل متوسط تدفق النهر في موقع بناء السد الي حوالي‏1574‏ مترا مكعبا في الثانية‏,‏ لاستغلال هذا الدفق الهائل مع الأخذ في الاعتبار تضاريس الوادي من المتوقع أن يتم بناء سد رئيسي بإرتفاع‏150‏ مترا عبر نهر الأباي‏,‏ هذا الخزان ستكون‏1680‏ كيلومترا مربعا‏,‏ ويكون مستوي إرتفاع المياه في الأوقات العادية‏640‏ مترا فوق سطح البحر‏,‏ ومستوي إرتفاع المياه في الأوقات المتدنية‏590‏ مترا فوق سطح البحر‏,‏ أما سعة الخزان أثناء الأوقات العادية فستصل الي‏63‏ مليار متر مكعب وفي الاوقات المتدنية ستصل سعة الخزان الي‏12‏ مليار متر مكعب الجدير بالذكر أن الخزان سيغمر منطقة تكاد تكون مسكونة‏,‏ فلا يوجد قلق من إعادة تسكين‏.‏
أما السد الرئيسي فسيكون سدا ثقيلا من إسطوانات الأسمنت المضغوط ينقسم الي ثلاثة أقسام الضفة اليمني‏,‏ الضفة اليسري والقطاع الرئيسي في المنتصف أما القطاع الرئيسي فسيتم استخدامه كقناة لتكثيف تصريف المياه في إطار عمل المولد‏,‏ وواجهة الخزان ستكون عمودية مع إنحدار طفيف من الأعلي إلي الأسفل‏,‏ وسيبلغ طول واجهة الخزان حوالي‏1800‏ متر‏.‏
مولدات الكهرباء
ومع نظرة علي التقارير الهندسية نجد أن إرتفاع السد سيكون‏145‏ مترا‏,‏ وارتفاعه من علي سطح البحر‏645‏ مترا‏.‏
مقدار حجم السد‏10‏ ملايين متر‏,‏ مكعب‏,‏ وسيحوي أربع قنوات بقطر‏8‏ أمتار للقناة سيتم بناؤها في هيكل السد للسماح بتحويل النهر‏,‏ كما سيتم بناء سد من الركام في قاع النهر لاغلاق النهر في موسم الجفاف لاستكمال بناء القطاع الرئيسي في منتصف السد‏.‏
وبالاطلاع أيضا علي تفاصيل التشييد لمولادات الكهرباء وجدنا أنه سيتم إنشاء مولدي طاقة سيتم بناؤهما أسفل السد الرئيسي علي كل ضفة من ضفاف النهر‏,‏ المولد الموجود علي الضفة اليمني سيكون بقوة عشر وحدات توليد‏,‏ والأيسر سيكون بقوة‏5‏ وحدات توليد‏,‏ كما سيتم التحكم في مستوي المياه في محور الخزان عن طريق ثلاثة ممرات لتصريف المياه بحد أقصي‏19370‏ مترا مكعبا في الثانية للدفق‏,‏ علي أن يكون الممر الرئيسي لتصريف المياه محتويا علي‏6‏ بوابات نصف قطرية تتحكم في التدفق وتقع علي الضفة اليسري للنهر‏.‏
أما الممران الأخران لتصريف المياه فليس لهما بوابة ويقع أحدهما في القطاع الرئيسي في منتصف السد الرئيسي‏,‏ اما الممر الثاني فسيقع علي الضفة اليمني للسد الثاني الذي سيصل بين قمتين‏(saddledam),‏ والذي سيكون ذا محود منحني بطول متوقع‏4800‏ متر‏,‏ علي أن يكون السد الواصل بين القمتين بارتفاع السد‏60‏ مترا‏,‏ وبطول‏4800‏ متر‏,‏ أما إرتفاع قمة السد عن سطح البحر فسيصل الي‏645‏ مترا‏,‏ علي أن يكون مقدار حجم السد‏17‏ مليون متر مكعب‏.‏
ويحوي السد أيضا محطة تحويل بقوة‏400‏ كيلو فولت ببسبار مزدوج من المتوقع أن يتم بناؤها علي بعد‏1,4‏ كيلو متر من السد الرئيسي‏.‏ وسوف تحتوي علي ثمانية مبان لاستقبال الطاقة المغذاة والمحولة من السد‏,‏ ومحطات تحويل وتوزيع تلك الطاقة‏.‏
وتقيم إثيوبيا عددا من المخيمات‏BARRACKS‏ أولها هو المخيم الدائم والذي سيتم استخدامه عن طريق العاملين يقع علي الضفة اليمني للنهر علي بعد حوالي‏12‏ كم من السد الرئيسي وعلي إرتفاع‏1200‏ متر من علي سطح البحر‏.‏
ليحتوي علي أماكن الاعاشة والتسكين والخدمات علي مساحة‏10800‏ متر مكعب‏,‏ ومبني إداري علي مساحة‏400‏ متر مكعب‏,‏ ومبني للزوار علي مساحة‏360‏ مترا مكعبا‏,‏ ومخفر علي مساحة‏300‏ متر مكعب‏,‏ كما سيحوي عيادة علي مساحة‏150‏ مترا مكعبا‏,‏ ومدرسة علي مساحة‏400‏ متر مكعب‏,‏ وقد تم بالفعل بناء مخيم مؤقت لتسكين العمال والمهندسين في بداية سبتمبر‏2010‏ ومن المتوقع أن يصل عدد العاملين في السد إلي‏12000‏ شخص في وقت ذروة الإنتاج‏.‏
طرق جديدة
وتقوم اثيوبيا الآن ببناء طريق جديد حتي يتم الفصل بين المرور الطبيعي والمرور الخاص بالمشروع‏,‏ حيث يستلزم الوصل للمشروع أن تسلك الطريق القائم والذي يمتد علي الجانب الأيمن للنهر‏,‏ من جوبا وحتي حدود السودان‏,‏ وعلاوة علي ذلك سيتم بناء حوالي‏25‏ كم من الطرق بداخل موقع المشروع لتسهيل عمليات التنقل وخصوصا عند مخيمات الإعاشة‏,‏ وأيضا سيتم بناء جسر جديد يعبر فوق نهر النيل الأزرق أمام السد الرئيسي ليصل الضفتين معا‏,‏ نظرا لعزلة المكان قام الاثيوبيون ببناء مهبط للطائرات الخفيفة لضمان سرعة التواصل مع أديس أبابا‏.‏
الموعد
أما عن الجدول الزمني للبناء فالخطوة الكبري الأولي فيه ستكون تحويل النهر‏,‏ ومن المتوقع أن تكون في بداية موسم جفاف‏2013/2012,‏ حيث سيتم تحويل النهر ليتمكن من بناء القطاع الرئيسي في منتصف السد الرئيسي‏,‏ وسيتم ذلك عن طريق أربع قنوات في جسد السد‏.‏
القطاع الرئيسي في منتصف السد سيكون أكثر إنخفاضا من الجزءين الأيسر والأيمن من السد وذلك ليعمل كممر لتصريف المياه في موسم الأمطار حتي يتسني لنا بناء الأجزاء الأخري من جسد السد أثناء موسم الأمطار‏,‏ ومن المتوقع أن ينتهي العمل في بناء السد الرئيسي في يونيو‏2016.‏
كما سيتم بناء مولدي طاقة‏..‏ المولد الأيمن سيتم تشغيل وتجربة وحدتي توليد فيه مع بداية سبتمبر‏2014,‏ ثم يتم تشغيل الثماني وحدات المطبقية في يناير‏2016.‏
أما المولد الأيسر فستتم تجربة المولد أثناء الجفاف في ديسمبر‏2016,‏ علي أن يتم تشغيل جميع الوحدات في مارس‏2017.‏
ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من الأعمال المدنية في يناير‏2017,‏ علي أن يعمل المشروع بكامل طاقته في يونيو‏2017.‏
يد إسرائيلية
تلك كانت كل المعلومات التي وقعت عليها ايدينا والتي تخص سد النهضة الاثيوبي ليتبقي لنا الاجابة عن تساؤل ربما يحاصر ذهن الجميع في الفترة الأخيرة الا وهو علاقة اسرائيل بملف نهر النيل وهل لها دور فعال تلعبه في الخفاء لتوسيع الفجوة بين مصر ودول حوض النيل وعلي رأسها اثيوبيا؟
الاجابة سألخصها لكم علي لسان مايكل كيلو وهو أحد المحللين السياسيين الأمريكيين والذي كتب كتابا تحت عنوان حروب مصادرة الثروة تكلم فيه الرجل عن العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية وعن ثمة لقاءات عقدت في تل أبيب بين المسئولين من البلدين والتي تعلقت بإقامة أربعة سدود علي النيل لحجز المياه وتوليد الكهرباء وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر بل وأيضا كشف عن الهدف الإسرائيلي وراء دعم مشروعات إثيوبيا المائية ألا وهو الهمس في أذن الإثيوبيين لنقض المعاهدة الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل‏..‏
وأخيرا لا تعليق‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.