بعد إعلان نتائج الاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. أقول كان الله في عون مصر من الانتهازيين ومحترفي السياسة.. وأصحاب المصالح والأجندات الخاصة.. الذين صعدوا فوق اكتاف الثورة.. واستثمروا نجاحها في الظهور علي مسرح الأحداث كأنهم شركاء للأبطال!. هؤلاء الذين تصدروا المشهد السياسي وبالذات أصحاب التيارات الدينية.. لم نسمع صوتهم عالياً ولا معارضاً للتعديل المحدود الذي تم اجراؤه علي عشر مواد من الدستور تتعلق باختصاصات رئيس الجمهورية وطريقة انتخابه فقط!. التعديلات.. وقبل اجراء الاستفتاء تم عرضها ومناقشتها في حوار مجتمعي.. شمل جميع اطياف السياسة والقانون والنخبة المثقفة.. ووصل الي شبه اجماع ومطالبة بدستور جديد بديلاً عن تلك التعديلات المحدودة.. التي ستأتي لنا برئيس آخر له مطلق السلطات والصلاحيات التي كانت للرئيس السابق.. وبالتأكيد فإن القادم لن يكون ملاكاً ولا زاهداً حتي يطلب أو يرتضي بتحديد صلاحياته وسلطاته وسلطانه ونفوذه!. أيضاً أجمع أصحاب الحوار المجتمعي.. ان تلك التعديلات المحدودة سوف تجعلنا نحظي بمجلس شعب بنظام الانتخاب الفردي.. وما يعنيه ذلك من سطوة رؤوس الأموال.. وسيطرة البلطجة.. وتحالف أصحاب المصالح مع محترفي اللعبة الانتخابية!. لهذا كان الاجماع علي ان مصر في حاجة الي دستور جديد يفتح الطريق للاصلاح السياسي والبرلماني.. وتحقيق العدالة.. وتعميق مسيرة الديمقراطية كما أرادها الشباب والنخبة المثقفة والأغلبية الصامتة من مواطني بلدنا المحروسة. الغريب اننا لم نسمع تأييداً ولا دعماً لهذا التوجه من اصحاب التيار الديني اذا كان يهمهم او يعنيهم فعلاً الخلاص من الماضي بشره وفساده!. الاستفتاء أوضح لنا ان هناك صفقات سياسية علي ما يبدو عقدها اصحاب التيارات الدينية مع قواعد من الحزب الوطني ورموزه الذين اختفوا من الساحة السياسية ليعملوا في الخفاء علي حساب المصلحة الوطنية وكما اعتادوا علي مدي سنوات طويلة!. الاتفاق والتعاون بدا واضحاً في مواقفهم عندما اعلن الدكتور محمد رجب امين الحزب الوطني توصياته لأعضاء الحزب وقواعده في المجالس والادارات المحلية بالمشاركة والتصويت »بنعم« علي التعديلات الدستورية ..! نفس الدعوي اصدرها الدكتور سليم العوا والقيادات السلفية في تعليماتهم ودعوتهم لأنصارهم.. وباقي المواطنين بالتصويت »بنعم«!. ارتبط بدعوات »نعم« خطه لشراء الأصوات أحدهما بتوزيع حقائب بالسلع الغذائية في القري والنجوع والمناطق العشوائية.. والأخري بحشدهم للادلاء »بنعم« منعا لتغيير مادة الشريعة الاسلامية في الدستور!. للأسف كان لهم ما أرادوا.. وتحقق ما خططوا له.. ونجح تحالف التيار الديني مع بقايا الحزب الوطني وتجمعاته وكوادره في المحليات في حشد الموافقة علي التعديلات الدستورية.. وذبح أرادة باقي القوي السياسية والحزبية والشعبية الرافضة لها. ! مبروك لهم الموافقة علي تعديلات دستورية محدودة.. بديلاً عن اعداد دستور جديد.. واكتفاءاً بديمقراطية بالتقسيط! انه تحالف أصحاب المصالح.. مع رموز الماضي الكئيب!. هناك تصريحات مهمة للصحافة تستحق ان نتوقف امامها ونقرأها بعمق.. خاصة اذا ما كانت لشخصيات لها قيمتها واحترامها المجتمعي. الفريق مجدي حتاتة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق قال في حوار للصحافة ان ثورة 52 يناير هي بمثابة نصر أكتوبر 3791.. ومطلوب اتخاذ اجراءات احترازية ضد أسماء معينة ومعروفة للقضاء علي تحالف اعداء الثورة.. حتي ولو اقتضي الأمر.. وضعهم تحت الاقامة الجبرية.. وتحديد اقامتهم.. اذا لم يكونوا سيقدمون للمحاكمة الآن!. المفكر والخبير الاقتصادي دكتور جلال امين تساءل في ندوة سياسية سجلتها الصحافة.. اين صفوت الشريف وماذا يفعل الأن فهذا من الأمور المقلقة للغاية يجب ان نتوقف امامها ؟! الدكتور جلال قال للحاضرين.. هذا الرجل قوي جداً.. قوي جداً.. وهو أحد أعمدة النظام.. ومسئول أكثر من الرئيس السابق نفسه.. والأهم من محاسبته عن الماضي هو منعه من اي تصرفات في المستقبل!!.