اخيرا تحرك مجلس الامن الدولي وصدر قرار بموافقة اغلب اعضائه بفرض منطقة حظر جوي علي ليبيا وبالاستعداد لتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات القذافي الامر الذي جعل الفرحة تعم ارجاء كل مدن الشرق الليبي التي لم يكن أكثر المتشائمين في صفوف ثوارها يتوقع أن تصل المواجهة مع قوات العقيد معمر القذافي الي الحد الذي باتت فيه دبابات واليات الجيش الليبي علي بعد اميال من معقلهم الرئيسي في بنغازي قبل ان تتحد مواقف الغرب ويخرج مجلس الامن بقراره التاريخي الذي وصفوه بانه قبلة الحياة. ولم يتصور أي من المتابعين لتطورات الازمة الليبية منذ اندلاعها الشهر الماضي أن تهديد ووعيد القذافي للثوار وانه سوف يطاردهم بيت بيت شبر شبر زنقة زنقة قد يتحول الي واقع مؤلم لكل من رفع راية العصيان في وجه العقيد وسعي للخروج من بيت طاعته ! ومن الأسباب التي أسهمت في هذا الكابوس اختلاف الأوروبيين حول السياسة الواجب انتهاجها إزاء ليبيا، وسعي أمريكا إلي إدارة الأزمة بمفردها علي أمل الحصول علي حصة الأسد من الكعكة الليبية التي حرمت منها خلال العقود الماضية، قبل ان تتفق 10 دولة من اصل 15 علي قرار بفرض الحظر الجوي فوق ليبيا وهو القرار الذي اسهم تاخره في توفير وقتاً ذهبياً للعقيد القذافي لاستعادة ما فقده من اراض خلال الايام الاولي للثورة. ولكن وبعيدا عن اسباب المواقف الغربية المتضاربة تبقي عدة اسئلة في حاجة للاجابة مثل: ما هو مصير الثورة في ليبيا .. وماذا سيفعل القذافي مع خصومه في الداخل ؟ كيف سيكون شكل العلاقة بين العقيد ودول العالم خاصة تلك التي طلب زعمائها من القذافي الرحيل او تلك التي سارعت بالاعتراف بالثوار ووعدتهم بالدعم والمساعدة؟ بداية يراهن البعض علي أن استخدام القذافي للغة القوة في قمع الثورة لا يدل إلا عن بداية نهاية حكمه. فالرجل وبحسب "دويتشه فيله" لن يستطيع فرض سيطرته مرة أخري علي البلاد إلا إذا أباد شعب شرق ليبيا بالكامل. وفي هذا الاطار وبالوضع في الاعتبار تاريخ العقيد في التعامل مع خصومه سواء في الداخل او الخارج فقد يقدم علي ارتكاب مجازر لا تقل ضراوة عن تلك التي ارتكبتها قواته بحق المدنيين وهي تجتاح الشرق مدينة مدينة. كما أن استمرار بقاءه في السلطة يعد في حد ذاته محركا رئيسيا لاندلاع حرب أهلية بين من سيختار الاستمرار في نهج المعارضة ومن سيعلن ولاءه للقذافي. اما علي المستوي الخارجي فبرغم تحقيق القذافي الانتصار العسكري الا انه لن يستطيع البقاء سياسيا في المشهد الإقليمي أو الدولي. بعد ان رفعت الجامعة العربية ودول الخليج ومعهما معظم دول العالم ورقة الشرعية عنه.