خلاف أثارته واقعتي الإهمال الطبي في مستشفي أسيوط العام والجامعي −ومات علي إثرهما مريضتين−، بعد إعلان نقابة الأطباء رفضها حبس 4 من أعضائها علي ذمة التحقيق.. الواقعة الأولي كشف فيها تقرير الطبيب الشرعي عن وجود إهمال طبي جسيم نتيجة جرعة زائدة من المخدر أدت إلي وفاة طفلة كانت مصابة بمرض نادر، والواقعة الثانية توفيت فيها سيدة نتيجة إجراء عملية استئصال مرارة منفجرة وكشف فيها الطب الشرعي أيضا عن وجود إهمال طبي نتيجة حدوث مضاعفات للمتوفاة عقب إجراء العملية. من جانبه أكد د. سامي المشد، عضو لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، أنه ليس من حق النقابة أن تعترض علي حبس أشخاص أجرموا في حق غيرهم وتسببوا في وفاتهم نتيجة إهمالهم، مضيفا: الاعتراض يكون وجيها لو أن الحبس تم بشكل مخالف للقانون. وأضاف المشد: إذا كانت النقابة تري أن اجراءات المحاسبة يجب أن تبدأ من عندها، فهذا الكلام تفصله النيابة، مشيرا إلي أنه لا توجد أي قوانين في العالم تمنع حبس الأطباء، وأن دور النقابة هنا يتمثل فقط في تقييم جرم الطبيب من خلال لجنة تحدد المسئولية الطبية، وليس لها أن تحدد العقوبة القانونية، وإنما يمكنها أن تضيف عقابا مهنيا يصل إلي التوقيف عن ممارسة المهنة، فالخطأ يتم التعامل معه وفقا للقانون خاصة إذا أدي إلي وفاة أو جناية. من جهتها، قالت الدكتورة مني مينا، وكيل نقابة الأطباء، إن القوانين المطبقة حاليا في محاسبة الأطباء علي أخطاء المهنة هي نفس قوانين القتل الخطأ التي تطبق علي الجميع، رغم أن النتيجة السيئة للتعامل الطبي مع أي مريض تختلف تماما وتكون إما نتيجة مضاعفات أوخطأ طبي أو إهمال، ولذلك سنت العديد من دول العالم قوانين خاصة تسمي بقوانين المحاسبة المهنية للتفريق بين هذه الأشياء التي تحتاج إلي وسيلة علمية دقيقة ومنضبطة. وأوضحت مينا، أن اعتراض النقابة علي حبس الأطباء جاء بعد أن تقدمت بمشروع قانون −منذ نحو عام− لمجلس النواب علي غرار ما هو معمول به في العالم، تبناه عدد من الأطباء في البرلمان لكنه لم يتحرك منذ تقديمه، قائلة: ∩ما نطالب به هو إيجاد وسيلة علمية منضبطة للمحاسبة المهنية للأطباء للتفريق بين ما هو مضاعفات وما هو خطأ وما هو إهمال لأن هناك فارق شديد في التعامل بين الحالات الثلاث، ولأن القوانين الراهنة لا تتيح التدقيق العلمي الكافي. وفي السياق ذاته، قال د. احمد مجدي، أستاذ أمراض القلب، إنه لا يجب التعامل مع الطبيب علي أنه قاتل ومجرم، الأمر الذي يؤدي به إلي التقاعس عن عمله خوفا من المساءلة، مشيرا إلي أن مهنه الطب تحتوي علي قدر عال من الخطورة، ومهما اتخذ الطبيب من إجراءات تحذيرية فهناك أمور يصعب التنبؤ بها إلا عند حدوثها فقط، كما أن المضاعفات الطبية موجودة في المراجع العالمية ولها نسبة ثابتة في أي تدخل جراحي مهما كان بسيط أو مهما كان الجراح خبيرا. من جانبه أوضح الدكتور أحمد عبدالمنعم خريبة، استاذ الباطنة بطب الأزهر، أنه لابد −قبل محاسبة الطبيب− من التفريق بين كلمه خطأ طبي وتقصير طبي، فالخطأ الطبي هو اتخاذ إجراء طبي أو تقديم خدمة طبية بأسلوب مختلف لما هو متعارف عليه في الأوساط العلمية الطبية المهنية، وأن التقصير قد يكون نتيجة نقص للمعرفة أو الخبرة، كما انه لا بد من التفرقة بين الخطأ البشري والمضاعفات الناتجة عن العلاج، ذلك أن المضاعفات لا يصدر ضدها عقوبة والخطأ يؤدي بدوره الي الحكم بتعويض أو وقف عن العمل، لذا تكون هناك لجنة من نقابة الأطباء هي من تحدد خطأ الطبيب من عدمه.