لا جدال علي أن من حق الطبيب أن يتمتع بالحماية في مكان عمله وألا يعتدي عليه أحد مهما كانت الأسباب ومحاسبة من ارتكب هذا الجرم.. لكن في نفس الوقت من يحاسب الاطباء علي اخطائهم وخطاياهم الفادحة في حق المريض حيث شهدت الأيام الأخيرة زيادة كبيرة في الاخطاء الطبية التي تودي بحياة المريض أو علي الاقل إصابته بعاهة مستديمة تلازمه طوال حياته. "المساء الاسبوعية" فتحت الملف وناقشت كل أطراف القضية من أطباء واساتذة جامعات ومنظمات مجتمع مدني مهتمه بالشأن الطبي ونقابة الأطباء وكل طرف من الاطراف تبني وجهة نظر دافع عنها ويراها الصواب.. فماذا قالوا؟! نقابة الأطباء : سياسات وزارة الصحة تغتال المرضي * د. أسامة عبدالحي وكيل نقابة الأطباء يوضح انه قبل الحديث عن وقوع أخطاء من الأطباء لابد من تقييم عدة عوامل قبل الوصول إلي هذا الاستنتاج منها علي سبيل المثال إمكانيات المستشفي وتوفير البنية التحتية من أجهزة تعقيم ومستلزمات وأدوية تساعد الطبيب علي تقديم الخدمة الصحية دون نقص أو قصور. يلي ذلك مستوي التمريض والرعاية وتنفيذ التعليمات الصحية كذلك مدي التزام أهل المرضي في فترة النقاهة والمتابعة. من المهم أن يعرف الجميع ان هناك أمراضا وإصابات لها مضاعفات شديدة بغض النظر عن قدرات وحرص الطبيب أو توافر الإمكانيات اللازمة بجانب ظروف الحالة الصحية وقدرة الجسد علي بناء الخلايا والمقاومة. * أشار إلي أن نسبة المضاعفات تتراوح بين 9 و11% وهي نفس النسبة الموجودة في مصر لكن في أغلب الأحيان ترتبط حدوث مضاعفات في أذهان المرضي بوجود خطأ أو تقصير من الطبيب وهو أمر غير حقيقي فالأصل ان الطبيب مسئول عن بذل أقصي رعاية وجهد للحفاظ علي حياة المريض. أضاف ان اكتشاف الخطأ الطبي ليس صعباً فلابد من فحص الحالة وملابساتها وتطورها بدقة لتقييمها. أكد ان النقابة فتحت هذا الملف منذ فترة حفاظاً علي سمعة ومكانة الطبيب خاصة ان في بعض الحالات نجد ان هناك أشخاصا يستغلون أهل المرضي وإيهامهم بوجود خطأ وإهمال من الطبيب. قال ان هناك ثلاث مراحل لمحاسبة الطبيب أولاها اتباع القواعد العلمية في فحص الحالة. ثانياً: هل تم تشخيص المضاعفات مبكراً أم ان هناك تقصيرا. ثالثاً: هل المضاعفات الناجمة عن المرض طبيعية أم لوجود إهمال وعدم رعاية ويتم المحاسبة بواسطة الهيئة التأديبية في نقابة الأطباء والعقوبات تبدأ من لفت النظر والإنذار والإيقاف عن العمل مدة تتراوح من شهر إلي سنة والغرامة المالية وتصل إلي إلغاء ترخيص مزاولة المهنة وشطب اسمه من النقابة إذا ثبت بالفعل تعمد الخطأ أو الإهمال. في كل الأحوال النقابة لا تتواطأ مع أي طبيب مقصر في عمله. حساب شديد * د. خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء يؤكد ان محاسبة الأطباء علي الأخطاء لا يوجد فيها شبهة مجاملة بل علي عكس ما يتوقع البعض. فالنقابة إذا أثبتت التحقيقات وقوع خطأ بسبب الطبيب تحاسبه أشد الحساب. موضحاً ان الأخطاء التي تؤدي إلي الوفاة تتولي النيابة العامة التحقيقات فيها. أما الأخطاء الإدارية كالمشاكل المالية أو الفساد الإداري وعدم التواجد في مكان العمل والغياب المتكرر تتولي النيابة الإدارية مهمة التحقيق. يتضح من ذلك ان الطبيب يعاقب مهنياً وإدارياً ومن ثلاث جهات هي النقابة وزارة الصحة النيابة. أشار إلي أن عدد الشكاوي التي ترد إلي نقابة الأطباء سنوياً تتراوح من 400 و500 شكوي وعدد الشكاوي الصحيحة لا يتجاوز 40 شكوي وكثير من الشكاوي تصنف كيدية وتتزايد نسبة الأخطاء في الأقاليم لعدم وجود معظم التخصصات مما يضطر الطبيب للعمل في غير تخصصه مما يؤدي لارتكابه أخطاء مهنية. أوضح ان النقابة لا تقوم بدور رقابي لاكتشاف الأخطاء لكن دورها تطوعي لذلك طالبنا مرارا بإنشاء مجلس قومي للصحة يكون مسئولاً بصفة أساسية عن المساءلة الطبية ويتكون أعضاؤه من الأطباء والمرضي ونواب البرلمان فإذا كانت الدولة جادة في الحفاظ علي حياة وصحة المواطنين لابد من إجراءات وسياسات واقعية مغايرة لما هو موجود الآن فالمنظومة الصحية بجاجة ماسة إلي علاج حاسم من حيث التدريب وتوفير الإمكانيات والارتقاء بالتعليم الطبي والأجور العادلة. أخيراً الأحكام الرادعة للأخطاء ساعد كثيراً علي تخفيض نسبة الإهمال أو الخطأ. * د. أحمد بكر الأمين المساعد لنقابة أطباء القاهرة يشير إلي أن أخطاء الأطباء من الملفات الشائكة خاصة في ظل الأوضاع الصحية الحالية فالإهمال الطبي جزء لا يتجزأ من إهمال المنظومة. قال ان السياسات التي تنتهجها وزارة الصحة للحد من تدني وتراجع الخدمات الطبية وهمية وخادعة بصراحة يتم اغتيال المرضي منذ سنوات فلا إمكانيات ولا تطوير كلها أمور ساهمت في زيادة نسبة الأخطاء البشرية. نحن نعترف بوجود أخطاء لكننا لسنا المسئولين عنها. لابد من مساءلة وزراء الصحة السابقين عما وصلت إليه أحوال المستشفيات. أوضح ان تعدد الهياكل الطبية التي أصبحت علي هيئة عزب لا يوجد في أي مكان في العالم والأخطر ان بعضها لا يخضع لرقابة وزارة الصحة. أضاف قائلاً انه مطلوب أن نفرق بين خطأ الطبيب والمضاعفات التي تطرأ نتيجة للتداخلات الطبية سواء كانت بواسطة الأدوية وآثارها الجانبية أو مضاعفات لعوامل صحية أخري لأن استجابة الجسم تختلف من مريض لآخر ففي هذه الحالة ليس للطبيب دخل. أكد ان قانون النقابة به نصوص جيدة تعاقب الطبيب في حالة ارتكابه أي خطأ مهني بشرط أن يتقدم المريض أو أهله بشكوي للنقابة وتتم المحاسبة أمام جهتين. الجهة القضائية ومجلس التأديب لكن المشكلة هي في بطء إجراءات التقاضي والتي قد تصل إلي عدة سنوات. طالب بتوثيق حالة المريض قبل وبعد العلاج سواء في المستشفيات الخاصة أو الحكومية حتي يمكن الرجوع إليها في حالة حدوث مشكلة خاصة في حالات الجراحة فمن المعروف ان النسب العالمية تشير إلي أنه مع إجراء كل 1000 جراحة تحدث مضاعفات لحوالي 5 حالات.