سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
413 شكوى عن الأخطاء الطبية أمام نقابة الأطباء.. بعضها كيدية.. رئيس لجنة «آداب المهنة»: وفقا لقانون العقوبات يتحمل الطبيب المسؤولية بينما الخطأ قد يكون من التمريض
نقلاً عن العدد اليومى ◄◄«الأطباء»: 25 مليون مريض سنويا يخضعون للعلاج والعمليات الجراحية بالمستشفيات وضعف الإمكانيات وراء تفشى الإهمال ◄◄ رئيس الهيئة التأديبية السابق: إصدار قانون المسؤولية الطبية يحدد مسؤولية الإهمال.. و%60 من المرضى يعالجون بواسطة غير متخصصين شهدت الفترة الأخيرة ارتفاع وتيرة الوفيات بين المرضى فى مستشفيات الحكومة والقطاع الخاص على السواء نتيجة الإهمال دون أن تتحرك نقابة الأطباء أو وزارة الصحة باعتبارهما مسؤولين عنها، واكتفيا بدفع المتضررين لتحرير شكاوى غالبا لا تسفر عن نتائج ملموسة، إما لقصر إجراءات التحقيق أو لطول أمد التعامل معها. فوفقا لقوانين نقابة الأطباء تظل النقابة عاجزة عن التحرك نحو التعامل القانونى مع المتسببين فى الأخطاء ما دام المتضرر لم يتقدم بشكوى رسمية للجنة التحقيق بالنقابة العامة رغم قناعتها بإهمال الطبيب لتقوم بالبت فى الشكوى بعد جلسات عديدة ربما لا تسفر عن شىء، فتتوه المسؤولية بين إدارة المستشفى المتسببة فى الخطأ والمتضرر، وهو ما يؤدى غالبا إلى حفظ الشكوى. نقابة الأطباء ليست مسؤولة وحدها عن زيادة حجم الأخطاء الطبية وشيوعها بين المواطنين فى المستشفيات، وإنما تراجع دور وزارة الصحة فى تكثيف برامج التنمية المهنية المستدامة للطبية لإطلاعهم على مستجدات التخصصات المختلفة خاصة بعد هجرة الكفاءات للمستشفيات بسبب نقص المستلزمات الطبية وضعف الأجور والتعقيدات الإدارية فى نظم التسجيل للدراسات العليا والتكليف. ولم تكن السيناريست نادين شمس الدين أول من رحلت عن عالمنا بسبب الإهمال الطبى ولن تكون الأخيرة، ف«مارسيل» 45 سنة كانت ضحية للإهمال الطبى فى أحد المستشفيات الخاصة، ورغم أنها طبيبة لم تتلق رعاية أفضل على يد زملائها، فعندما دخلت مارسيل لتجرى جراحة «فتاق» خرجت تعانى من مشاكل تنفسية شخصها بعض زملائها بأنها خطأ طبى أدى إلى الضغط على الحجاب الحاجز فلم تستطع التنفس بشكل طبيعى ووضعت على جهاز التنفس الصناعى حتى توفيت. ويعانى المهندس جلال عبدالرحيم الآن فى أحد المستشفيات الخاصة بمدينة نصر، فوفقا لنجله مصطفى يعانى من مرض السكرى وتم إدخاله المستشفى بعد غيابه عن الوعى وأمضى أسبوعا داخله وخرج منه مصابا بالتهاب فى مجرى البول بسبب التركيب الخاطئ للقسطرة لم تكتشفه الأسرة إلا بعد تدهور وظائف الكلى لديه، فعاد المهندس مرة أخرى إلى المستشفى ودخل العناية المركزة ليخرجوه منها بعد فترة إلى غرفة عادية رغم عدم استقرار حالته. واستمرارا لمسلسل الإهمال فى المستشفى لم يكتب أى تقرير للتمريض لمعرفة كيفية التعامل مع المريض، فتعرض إلى موقف أكثر خطورة عندما أدخل التمريض أنبوب «الرايل» له بطريقة خطأ ما تسبب فى إصابته جروح وتهتكات فى الرئة أدت إلى وضعه على جهاز التنفس الصناعى. وقال الدكتور خالد سمير، رئيس لجنة التحقيق بنقابة الأطباء، إن لجنة آداب المهنة تحقق فى جميع الشكاوى التى تصل إليها من المرضى والأطباء والشخصيات الاعتبارية، مشيرا إلى أن عدد الشكاوى وصل خلال العام الماضى إلى 413 شكوى. وأرجع رئيس لجنة التحقيق سبب ارتفاع نسبة الأخطاء الطبية إلى غياب التعليم الطبى الجيد فى مصر، خاصة مع وجود الجامعات الخاصة التى تجذب طلبة يدفعون مبالغ طائلة للحصول على الشهادة، مشيرا إلى أن بعض هذه الكليات تعتقد أن سهولة الامتحانات جزء من عوامل جذب الطالب بينما تنتهج بعض كليات الطب الحكومية العكس تماما فتقدم أصعب الامتحانات. وأضاف سمير ل«اليوم السابع»: بالفعل يتم البحث فى الشكاوى المقدمة من المواطنين التى قد تصل نتائجها إلى حرمان المخطئين من مزاولة المهنة أو تعليق مزاولتهم للطب، ويتم النظر فى الشكاوى بدقة لتلافى تأثير الشكاوى الكيدية. وأشار سمير إلى أنه يوجد حملة كبيرة لتشويه الأطباء، لافتا إلى وجود أكثر من 25 مليون مريض سنويا يخضعون للعلاج إضافة إلى العمليات الجراحية، وبالتالى تكون الأخطاء التى تحدث لحالة أو اثنتين وربما لأكثر نتيجة الضغط الكبير على الأطباء. وأضاف سمير أن قيمة بدل الطبيب للعملية يترواح بين 2 و3 جنيهات أى أن ثمن المواطن 3 جنيهات عند الدولة فكيف يطلب من الطبيب تقديم رعاية صحية جيدة بدون مقابل مادى، ومع ذلك لا نتوانى عن تقدم الرعاية لجميع المرضى؟ وتابع الدكتور خالد سمير سمير: يعد غياب التقييم الشامل للطبيب أحد أسباب المشكلة، ففى معظم الدول يجرى الطبيب امتحان «ترخيص» للتأكد من مستواه العلمى، وبناء على نتيجة الامتحان يتم ترتيب الأطباء وتوزيعهم على التخصصات المختلفة كل وفق قدراته، لافتا إلى أن غياب التعليم الطبى المستمر هو من أسباب المشكلة، فالطبيب ينشغل بالعمل على حساب التعلم، وبالتالى لا يستطيع مجاراة التقدم السريع فى المجال الطبى. وصنف الدكتور محمد عثمان وكيل النقابة العامة للأطباء ورئيس الهيئة التأديبية العليا السابق أخطاء الأطباء إلى أنواع، هى أخطاء بشرية محددة النسبة، وأخطاء تكون نتيجة الإهمال، فقد يغيب الطبيب عن موقعه، أو يتأخر فى تقديم الخدمة، مع عدم استدعاء طبيب آخر أكثر تخصصا فى حالة وجود مشكلة خارج تخصص الطبيب، ومن الأخطاء أيضا عدم إبلاغ المريض وإحاطته علما بكل المضاعفات التى قد تحدث له جراء عملية جراحية معينة أو تناول علاج، وإن كان إقرار المريض على معرفته بهذه المضاعفات لا يعنى عدم محاسبة الطبيب عند وقوع أى منها، وبعض الأخطاء يتخذ شكل التدليس على المريض، كادعاء الطبيب تخصصه فى مجال آخر، أو أن هذا الشخص ليس طبيبا أصلا، ف%60 من المرضى يعالجون عند أطباء غير متخصصين، لكنهم وفقا لتوصيف المريض، يكون شخصا يعلم مشكلته المرضية، ومنهم الدجال أو المشعوذ، والمجبراتى والعديد من المهن غير مصرح لهم بالعلاج مثل العلاج الطبيعى، والتمريض والصيادلة فهناك العديد من الأدوية التى يفترض عدم تناولها دون روشتة طبيب تقدم للمريض، ولكن إذا كان ذهاب هؤلاء المرضى «للعارفين» بدافع الجهل، فذهاب مرضى آخرين إلى المستشفيات الخاصة والاستثمارية يكون بدافع البحث عن الأفضل فى الرعاية والخدمات المقدمة، مشيرا إلى أن نسبة الأخطاء الطبية مرتفعة فى هذه المستشفيات لكونها تقدم %70 من الخدمات العلاجية فى مصر. وأوضح عثمان أن عدد المنشآت الطبية الخاصة يصل إلى أكثر من 82 ألف منشأة، منها العيادات الخاصة، والمجمعة، والمستشفيات الخاصة، بينما تكثر الشكاوى من مستشفيات «بير السلم» المنتشرة فى المحافظات، وأيضا عيادات النساء والتوليد. وبينما يظن البعض أن الحكومة تقدم النسبة الأكبر من الخدمة من خلال مستشفياتها، فإن نسبتها لا تتعدى %30، ونسبة كبيرة منها تكون مستشفيات تعليمية وتابعة للجامعات فتكون الرقابة أكبر من جانب الاستشاريين وأساتذة الجامعات. وبحسب رئيس الهيئة التأديبية السابق، فعلى المتضرر الذى يشتبه فى وجود خطأ طبى اللجوء إلى ثلاث جهات، هى النيابة العامة، وإدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، ولجنة التحقيق وآداب المهنة بنقابة الأطباء، حيث تعد الأخيرة لجنة لتقويم الطبيب. وقال إن خطوات التحقيق مع الطبيب تبدأ بإرسال الشكوى إلى الطبيب المشكو فى حقه للرد عليها كتابيا أو استدعائه أمام لجنة التحقيق المكونة من 4 أعضاء، اثنان منهم من أعضاء مجلس نقابة الأطباء واثنان من المستشارين للاستماع إلى أقوال المريض والطبيب، وقد تحتاج اللجنة إلى إرسال التقارير إلى لجنة متخصصة من الأطباء، أما فى حالة وفاة المريض فيمكن اللجوء إلى الطب الشرعى بناء على طلب أسرته. وعن العقوبات الجنائية التى قد يتعرض لها الطبيب فى حالة إبلاغ المريض للنيابة العامة يرى رئيس الهيئة التأديبية السابق أنها لا تتناسب مع مهنة الطب، فلابد من وجهة نظره من إصدار قانون للمسؤولية الطبية، فوفقا لقانون العقوبات، يتحمل الطبيب كل المسؤولية، بينما قد يكون الخطأ من التمريض أو أى مهنة مساعدة، كما يتعرض الطبيب للحبس الاحتياطى لفترة قد تصل إلى ستة أشهر، وأحيانا تكون البلاغات كيدية مضيفا: النقابة تسعى إلى وضع نظام للتأمين الشامل ضد مخاطر مزاولة المهنة ولتعويض المريض فى حالة الخطأ البشرى.