في ملف أخطاء الأطباء المتكررة هناك حالات كثيرة يتحول فيها الطبيب إلي مجني عليه حيث الخطأ ويكون غير مسئولاً عنه. إما بسبب ضعف الامكانيات داخل المؤسسة الطبية أو قلة خبرة وكفاءة التمريض وأحياناً يرجع الأمر إلي أسباب تتعلق بالتاريخ المرضي للمريض نفسه حيث تؤدي المضاعفات الخطيرة للوفاة. دكتور محمد محمد منير أستاذ جراحة الأورام بهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية وأمين عام مساعد بنقابة أطباء القاهرة يقول: الكارثة في هذا الأمر أن الطبيب المخطيء يعاقب بالمادة 238 من قانون العقوبات الخاصة بالقتل الخطأ والمادة 244 الخاصة بالإصابة الخطأ والمبدأ في المادتين أن شخصاً سليماً أدي إلي إصابته أو وفاته فيعرض للحبس أو الغرامة رغم أن المريض لم يكن سليماً في البدايةولكن يجب التفرقة أولاً بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبيعية فمثلاً عندما يقوم الجراح بإجراء جراحة في الرحم ويصاب الحالب بقطع واستدعي طبيب المسالك البولية وتم تخييط الحالب ولكن حدث تسريب أحدث التهاب بريتوني لنزول البول في تجويف البطن ثم تسمم الدم ثم حدثت الوفاة.. الكل يقول: إن الطبيب أحدث خطأ أدي إلي وفاة المريضة وحقيقة الأمر أن هناك نسبة حدوث قطع في الحالب في جراحات الرحم نصف في المائة وهنا نبحث في سجل هذا الطبيب إذا تكررت الحادثة في عمليات سابقة فهو مخطيء ويحاسب أيضاً إذا لم يكتشف قطع الحالب قبل إنهاء العملية وفي بعض المرضي التئام الأنسجة بطيئاً لذلك يحدث لها مضاعفات بعد الجراحة والطب الشرعي أحياناً يقذف بالطبيب في الجحيم فهو علم يدرس بسنة رابعة طب قبل التخصص في الباطنة والجراحة وطب الأطفال كيف يمكن أن يكون مرجعاً علي أساتذة في تخصصات إكلينيكية والنيابة لا تعتد إلا بذلك ويقوم محامو الطبيب بالطعن علي الطب الشرعي وتحول لندب لجنة ثلاثية من الأطباء التي تحكم غالباً بالأهواء الشخصية حيث يحكمها قانون "عض قلبي ولا تعض رغيفي". ضعف الإمكانيات أحياناً أخري ضعف الامكانيات داخل المستشفي يضع الطبيب في مأزق خاصة في الجراحة.. فنوع الإبر وسمك الخيط لكل جزء بالجسم يختلف عن الآخر.. ولا يمكن هنا تطبيق المثل "الشاطرة تغزل برجل حمار" فأين مسئولية جهة العمل نحن نعمل في منظومة سيئة أساسها النظرة الاقتصادية والبحث عن كبش فداء ومريض بسيط نعالجه داخل منظومة فساد مالي وإداري وطبيب دخله بسيط ينتقل من هنا لهناك بحثاً عن الرزق مما يجعله غير كفء لذلك نسعي لنصل لنقطة اتزان بصدور مشروع قانون "المسئولية الطبية المهنية" تشريع خاص يعطي للمريض حقه وللطبيب أيضاً فعند دراسة الموازنة العامة للدولة نجد 8.4% فقط لقطاع الصحة يذهب الجزء الأكبر منها للعاملين بديوان الوزارة ونسبة بسيطة للقائمين علي العمل وهذا يمثل عدم عدالة فيضطر الأطباء داخل المستشفيات لجمع التبرعات لاستكمال ما لا توفره الدولة للمستشفيات بحجة "مفيش ميزانية". وتري دكتورة ثناء فؤاد عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة أن ذلك يحدث في حالة قصور التشخيص أو قصور الامكانيات داخل المستشفي كان يحتاج المريض إجراء فحوصات وعمل أبحاث أكثر دقة ليتم التشخيص السليم للحالة وإمكانيات المستشفي لا تسمح بذلك وحالة المريض حرجة مما يحول دون إمكانية نقله لمكان آخر لإجراء الفحوصات وعادة ما يحدث في مجال الجراحة ثم نقول ضعف الإمكانيات والكفاءات نتج عن كثرة عدد المؤسسات الصحية علي مستوي الجمهورية ما بين مستشفيات وعيادات ومراكز صحية حيث وصل إلي 82 ألف مؤسسة مع وجود قصور شديد في الرقابة والضبطية القضائية لا تتوافر لنا كنقابة مما أدي إلي كوارث بالمستشفيات والمراكز الطبية. وتضيف الدولة بكل قطاعاتها تقدم 30% فقط من الإنفاق علي الصحة بمصر أي أن 70% من الإنفاق خارج التغطية مما يؤدي لحدوث أخطاء كثيرة سواء بسبب الاهمال أو نقص التدريب والكفاءات وأغلب الأخطاء تحدث من قبل الجراحين وهو أول شخص يوجه له الاتهام حين التحقيق ولكن هناك حالات يكون غير مسئول عنها مثل المضاعفات العادية للحالة أو الخطأ الطبي البديل للتخدير مثلاً أو إعداد المريض قبل الجراحة وما إلي ذلك. إهمال وليس خطأ ويوضح دكتور أيمن نوفل مدير الخدمات الطبية ونائب المدير العام بمستشفي هليوبوليس لا يوجد خطأ طبي مقصود علي الإطلاق إنما قد يوجد اهمال ولكنه أيضاً غير متعمد ونظراً لضعف مرتبات الأطباء بمستشفيات وزارة الصحة والمؤسسة العلاجية يحجم عدد كبير من الأطباء عن العمل بها ويتجه للعمل بالمستشفيات الخاصة مما يجعل عدد الأطباء محدوداً بالمستشفيات الحكومية خاصة بأقسام الرعاية المركزة ورعاية المواليد "الحضانات" مما يضطره للعمل لأكثر من 48 ساعة متواصلة نتيجة الأعياد والإجازات وأحياناً يصل الأمر للعمل 72 ساعة في أوقات الطواريء وهذا ضد قانون العمل حيث لا يحصل علي الراحة الجسدية والذهنية المطلوبة وبالتالي لا يستطيع أداء عمله بكفاءة وقد يحدث منه خطأ غير مقصود أو علي الأقل لا يستطيع متابعة المريض أو متابعة التمريض لذلك تسعي نقابة الأطباء لزيادة المرتبات لعودة الأطباء مرة أخري للمستشفيات الحكومية ولتقليل عدد الأطباء المسافرين للعمل بالخارج.