صدرت مؤخرا دراسة عن أخطاء الأطباء في اسكتلندا ببريطانيا عن عام2008. وافاد تقرير هذه الدراسة أن أخطاء الأطباء حدثت في50000 مريض وتسببت في5000 حالة وفاة مما تسبب في تكلفة300000 جنيه استرليني وذلك دون حساب أي تعويضات للأهل نتيجة هذه الأخطاء. وأضاف التقرير ان50% من هذه الأخطاء كان من الممكن تلافيها. قامت بهذه الدراسة جامعة ابردين كجهة مستقلة عن طريق مراجعة ملفات المرضي. وهذه الأخطاء تشمل التشخيص أو العلاج الخطأ أو جرعات الدواء الخاطئة. ورغم أن بريطانيا دولة متقدمة في الخدمة الطبية والنظام الطبي هناك محكم للغاية ويتبع معايير حازمة لسلامة المرضي الا أنه حدثت كل هذه الأخطاء في اسكتلندا. مثل هذه التقارير تصدر بصورة مستمرة في الدول المتقدمة, ففي الولاياتالمتحدة تقدر الوفيات الناتجة عن أخطاء الأطباء80000 حالة وفاة في المستشفيات سنويا. وعدد الوفيات بعد العمليات الجراحية في أمريكا150000 حالة سنويا من الممكن تفادي الوفاة او المضاعفات الخطيرة في نصفها. والغرض من اجراء هذه الدراسات في البلاد المتحضرة ليس الفرقعة الاعلامية أو التشويه ولكن تحسين الخدمة الطبية. الحكومات الرشيدة تمول مثل هذه الدراسات لكي تتعرف علي مواطن القصور في اي اداء لها, وبالتالي تتمكن من معالجة المشكلات. هناك سلسلة من الشروط الازمة لتلافي أخطاء الأطباء وتشمل من البداية التدريب الكافي لطلبة كلية الطب في مرحلة الدراسة. فلابد أن يكون الجزء العملي والاكلينيكي غالبا علي الجزء النظري ولابد أن يتمكن الطالب من مباشرة المرضي وفحصهم في حضور أساتذة متفرغين لتدريس وتدريب الطلبة ثم يجب تدريب أطباء الامتياز والنواب في المستفيات التعليمية التي لابد أن تتوافر بها الامكانات المواكبة للتقدم السريع في مجال الطب, وتدريب صغار الأطباء علي أساليب الطب المتغيرة والمستحدثة. ولابد من تشجيع الأطباء علي حضور الدورات التدريبية كل في تخصصه, وأن تتولي جهة عمله تمويل هذه الدورات. هل يعلم العامة أن منظمة الصحة العالمية في طبعتها الثامنة قررت أن هناك13000 مرض واصابة مختلفة وهناك4000 دواء ممكن صرفه من الصيدليات. وان الطبيب يحتاج ان يلم الماما جيدا بكل هذه المعلومات, اضافة الي كل ماهو حديث في الطب؟. لابد من رفع اجور الأطباء في المستشفيات بحيث يتفرغ الطبيب للعمل في المستشفي ولاينتقل من عيادة خاصة الي مستوصف. ان عدم تركيز الطبيب في مكان عمل واحد يفقده كثيرا من الخبرة. هل يعقل أن اجر الطبيب في بعض المستوصفات الخيرية قروش عن الكشف الواحد وبالتالي يضطر الطبيب الي الكشف علي خمسين مريضا مما يؤدي قطعا الي أخطاء فادحة. ولابد من تطبيق المعايير الصحيحة في المستشفيات الحكومية والخاصة. ففي بعض هذه المنشآت تجري عمليات جراحية دون اي استعداد لذلك وتعتمد هذه المستشفيات علي رخص اسعارها في جذب المرضي. مع أن العلاج هو مسئولية الدولة, وعليها أن تعالج الفقير ولاتسمح للمستشفيات الخاصة في استغلال فقره وتقديم علاج رخيص علي حساب الجودة لابد من تنظيم ساعات العمل للاطباء ففي دراسة من جامعة هارفارد وجد أن الجراح الذي لايرتاح6 ساعات علي الأقل ليلا تزداد نسبة أخطائه2,7 ضعف الذي يحصل علي قدر كاف من النوم. هناك معايير عالمية تضمن الي حد كبير تقليل الاخطاء لابد من اتباعها في مستشفياتنا وهذه المعايير تشبه نظام الكشف علي الطائرات قبل اقلاعها. هذا النظام يسميchecklist ولذلك الطيران هو أأمن وسيلة مواصلات وأقلها حوادث. ويطبق هذا النظام في الجراحات خصوصا فلا تجري الجراحة الا بمتابعة دقيقة من الجراح والتمريض لقائمة طويلة من المتطلبات تبدأ بالتأكيد من هوية المريض ثم الاقرار بالموافقة علي الجراحة ثم المعامل والاشعات المختلفة المطلوبة في حالته ثم التأكد من الاجهزة وأن صيانتها تمت بصورة صحيحة في موعدها ثم التأكد من التعقيم وكفاءته ثم هناك القائمة الخاصة بطبيب التخدير وقد تشمل هذه القائمة اكثر من خمسين الي مائة نقطة هامة تبدأ منذ انتقال المريض من غرفته حتي رجوعه اليها بعد الجراحة. والمسئول عن كل مهمة لابد أن يوقع بوضوح امام مهمته. وهنا تكون المسئولية عن اي خطأ واضحة ولا تكون شائعة بحيث تضيع المسئولية. وأخيرا لا نستطيع أن نوقف أخطاء الأطباء فهي شر لابد منه وهم بشر والبشر يخطئون طول الوقت. ولكن نستطيع توفير تعليم جامعي جيد تكون نسبة الأستاذ الي الطلبة واحدا الي خمسة. نستطيع ان نضرب بيد من حديد علي العلاج الخاص الذي يستغل المريض ولايتبع قواعد السلامة ويتربح من آلام الفقراء. نستطيع أن نختار من يدير مستشفياتنا بامانة وكفاءة همه آلام المرضي وأحوال الأطباء وليس همه إرضاء السلطة التي عينته. نستطيع أن ندعو الله أن يشفينا ويقينا من الأخطاء ومن المرض ومن الألم فلنبدأ بالدعاء. المزيد من مقالات د. أمل السيسى