حوادث مأساوية.. حزن وعويل.. تصريحات ووعود ثم تعود سكة حديد »الرحيل» لعادتها القديمة من القاهرة إلي الإسكندرية حكايات داخل القطار رقم »21» عقارب الساعة تشير الي الثانية بعد الظهر، رصيف الغلابة رقم 20 بمحطة مصر متكدس بالمواطنين المتجهين الي محافظة الاسكندرية مرورا بمحافظات القليوبية والمنوفية والغربية والبحيرة، تدافع الركاب علي الرصيف كأنهم في سباق علي رحلة يدركون جيدا أن نجاحها متوقف علي إرادة الله علي حد تعبيرهم، نظرا إلي ان العمر الافتراضي لقطار الغلابة انتهي منذ فترة طويلة لعدم وجود صيانة فضلا عن الصدأ الذي التهم جوانب ونوافذ القطار. الرصيف متهالك، والفوضي تسيطر علي المشهد، المواطنون يسيرون علي القضبان ويفترشونها للجلوس دون رقيب، ينتظرون وقوع كارثة جديدة تضاف الي كوارث السكة الحديد، وقبل قدوم القطار بدقائق يتكدس الركاب في استعداد لمعركة دامية للحصول علي كرسي بداخل القطار، وفور وصول القطار الي الرصيف يرسم الركاب اثناء محاولتهم الدخول منظرا مرعبا للحصول علي كرسي فتجد مجموعة تتناحر للدخول من باب القطار ومجموعة اخري من النوافذ، والاخطر ان مجموعة كبيرة تحاول دخول القطار من الجهة الاخري من الرصيف من علي القضبان كأنهم ينتظرون حدوث كارثة مروعة تحصد ارواحهم. وخلال مدة انتظار القطار لأكثر من ساعتين منهم ساعة تأخير للقطار، لم نشهد رجل أمن واحد يحاول ان يمنع الركاب من السلوكيات الخاطئة، وكأنهم تعودوا علي هذا المشهد الأليم. »أخبار اليوم» تدق ناقوس الخطر قبل وقوع كارثة في الارصفة الخلفية البعيدة عن الاعين أرقام 19 و20 و12 وهي ما يطلق عليها ارصفة الغلابة. القطار رقم 21 يوم الاثنين الماضي بدأ رحلته من رصيف رقم 20 الساعة الثالثة والنصف عصرا بعد ان تأخر عن ميعاده الطبيعي ساعة كاملة، وفور وصوله تقاتل الركاب للوصول إليه، وقام أحد الشباب بالقفز إلي داخل القطار قبل وقوفه، في مشهد بالغ الخطورة، حيث ظل الشاب معلقا بين القطار والرصيف، وتم سحله عدة أمتار علي رصيف المحطة، ولولا أن امتدت إليه أيادي من سبقوه بالقفز داخل القطار لأصبح جسده بين عجلات القطار، وبعد معاناة كبري وصراع مع مئات الركاب وصل كل إلي مقعده، في اللحظات الأولي لصعودنا إلي القطار، كانت الصدمة أنه لا وجود للشبابيك، الكراسي متهالكة، الجلوس عليها أكثر ألما من الوقوف علي قدميك، غير بعض الركاب الذين يعتلون أرفف حاملة الشنط الحديدية، المعرضة للسقوط في أي لحظة، لأنها معلقة من جانب واحد فقط، عشرات الركاب الواقفين علي أقدامهم في صف ثالث بين الكراسي، ومجموعة اخري يفترشون الارض، والغريب المجموعة التي تجلس علي باب القطار وتمد رجليها خارجه، في منظر اقل ما يقال عليه انه بداية لوقوع كارثة في اي وقت.. علاوة علي ان الجرار المسئول عن سحب القطار يبدو عليه تأثره بعوامل الزمن، كأنه لم يتم اجراء صيانة له منذ سنوات. يقول أشرف رفعت ..انه يستقل القطار كل أسبوع ليتوجه للإسكندرية لظروف خاصة بعمله، و القطار كما هو منذ عدة سنوات لم يتم تطويره، مؤكدا ان الركاب اشتموا الأسبوع الماضي رائحة اشتعال نيران اثناء استقلالهم القطار وبدأوا في تنبيه السائق، واستمرت تلك الرائحة داخل القطار لمدة تزيد علي ساعة، وبمجرد الوصول للمحطة اكتشفوا أن تيل الفرامل الخاصة بالقطار سقطت علي العجلات وكادت تتسبب في كارثة لولا توقف القطار بشكل مفاجئ. اما مصطفي عبده فيقول إنه يستقل القطار لزيارة أهله في محافظة الأسكندرية كل أسبوع، وأخطر المواقف التي تعرض لها حينما كان يجلس علي باب القطار في العربة الأخيرة وفوجئ بجرار يلاحق القطار علي نفس القضبان حتي اصطدم بالقطار ليحدث صدمة عنيفة أوقعت الكثير من الركاب من مقاعدهم، مضيفا أنه تعرض لموقف اخر منذ عده أسابيع اثناء مرور القطار من محطة ايتاي البارود كان عامل المزلقان لم يغلقه وكانت السيارات تمر بشكل طبيعي ولولا ان السائق اوقف القطار بسرعة كانت ستحدث كارثة باصطدام القطار بالسيارات. ويؤكد عبد العزيز ابراهيم من مدينة بنها أن القطار اصبح وسيلة مواصلات لإهانة الغلابة فالزحام شديد وتدافع الركاب علي القطار بعد تأخره يؤدي الي اصابة العشرات يوميا، مضيفا ان القطارات اصبحت متهالكة فلا يوجد زجاج بالشبابيك ومن شدة الزحام اصبح الجلوس فوق سطح القطار ظاهرة منتشرة. وقال علي محمود : اسافر في قطار الدرجة الثالثة منذ 20عاما والوضع الان في غاية البؤس فالقطار اصبح متهالكا مع غياب الصيانة التي اصبحت تهتم بالقطارات المكيفة فقط ويذهب الناس الغلابة الي الجحيم عبر ركوب تلك القطارات المتهالكة.