بنجاح ثورة 25 يناير، وما صاحبها من سقوط للفاسدين، إضافة إلي الخطوات التي تنطلق نحو صياغة دستور يصحح مسار مصر علي طريق الديموقراطية، ويحفظ للشعب ضماناته، في إطار شرعية دستورية، تؤكد حق المواطنين في تقرير مصيرهم، دون قيود أو عراقيل، تحرمهم من ممارسة حقوقهم في ترسيم مستقبل بلدهم. ومع سطوع شمس الثورة، وما يتحقق علي أرض الواقع، من اجتثاث لجذور الفساد التي استشرت، وبددت أحلام الشباب، بمؤامرة كانت الأسوأ، نجد أنفسنا أمام تحد هو الأكبر، ألا وهو ترسيم خارطة طريق لمستقبل مصر، وهذا التحدي لا يقبل الفصال، ولا يحتمل أي تهاون، أو تضليل. لقد عانينا جميعا عبث السياسات المتردية، التي اتخذت من العشوائية سياسة لها، وكان نتاجها مزيد من المعاناة، وضياع لثروات البلاد، لتستأثر بها فئة دون الباقي، وتظهر فئة من الانتهازيين ممن استغلوا مواقعهم جوار السلطة الحاكمة، ليزدادوا فجرا وطغيانا، مع غيبة لضمائرهم، فعملوا لصالحم، وحماية مصالحهم، رغم الأصوات الوطنية التي بح صوتها من النداء لأجل اتخاذ المنهج العلمي أساسا في التفكير، وصياغة مستقبل مصر. إننا الآن ما أحوجنا لسماع صوت العقل، وهو ما يستلزم استجماع علمائنا ومفكرينا وخبرائنا، وتعاونهم علي قلب رجل واحد من أجل وضع صياغة لمستقبل مصر، من خلال خطة واضحة المعالم، يكون البطل فيها المواطن، وتشتمل علي العلاجات التي لاتشوبها ثغرات تسمح بتسلل الموتورين، ممن اعتادوا علي تشويه وجه مصر، بما يسلكون من تجاوزات، ويبتدعون من أساليب يتحايلون بها للسطو علي مقدرات الوطن والشعب. ما أحوجنا الآن لقرار من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، مفاده تشكيل مجلس قومي لعلماء ومفكري وخبراء مصر، تكون مهمته الأولي هي العمل علي وضع خارطة طريق للمستقبل، يكون قوامها مبني علي المنهج العلمي، يتحقق بها الحلم المصري، وماذا لو وضعناها لمائة عام قادمة، والأهم أن تكون مشتملة علي آليات لتنفيذها، متفادية أخطاء ما عانيناه، كما أننا نحتاج إلي صياغة تلك الخارطة في إطار مشروعات قومية، ولتكن كل خطة عشر سنوات، مقسمة علي خطتين، كل منها خطة خمسية، ليكون الحصاد والمتابعة الأفضل، بعيدا عن التضليل، والتعتيم، والعبثية.. وليكن هذا المجلس قائما دائما مستقلا، ما يصل إليه رؤية، ومن تحديد لأولويات يعرضها علي الرئيس القادم وكل رئيس ويفصل فيها مجلس الشعب، حال الاختلاف.. حتي يمكننا صياغة مستقبل مصر بمنهج علمي، لنعوض شيئا مما فاتنا، وهو كثير، أليس كذلك؟!