أحدث قرار الرئيس حسني مبارك بالاستقالة من منصبه وتكليف المجلس العسكري الأعلي بإدارة شئون البلاد ردود فعل واسعة النطاق في مختلف انحاء العالم، حيث سيطرت مشاعر الخوف والقلق من إمكانية أن تشهد مصر ومنطقة الشرق الاوسط والعالم العربي حالة من عدم الاستقرار تؤدي بكل تأكيد الي التأثير علي المصالح الحيوية والاستراتيجية لمختلف دول العالم في هذه المنطقة. ففي بروكسل، قالت كاثرين آشتون مفوضة شئون السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ان الرئيس مبارك استمع الي صوت الشعب المصري وقالت انها تحترم قرار الرئيس حسني مبارك بالتنحي ودعت الي الحوار لتشكيل حكومة موسعة. وقالت آشتون في بيان بهذا الشأن ان الاتحاد الاوروبي يدعم هدف الشعب المصري من أجل انتقال منظم وسلمي للسلطة الي الديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة في مصر. وفي برلين دعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مصر الي احترام معاهدة السلام مع اسرائيل. وفي واشنطن , وبعد دقائق من إعلان استقالة الرئيس حسني مبارك من منصبه، قال البيت الأبيض ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيلقي بيانا في وقت لاحق حول التطورات الأخيرة في مصر. وكان اوباما قد ألقي كلمة قبل ساعات من قرار الرئيس مبارك بالاستقالة تحدث فيها عن الشباب المصريين الذين أطلقوا الانتفاضة بقوله: (نريد أن يعرف هؤلاء الشباب وان يعرف كل المصريين أن أمريكا ستفعل كل ما هو ممكن لدعم عملية انتقال منظمة وحقيقية نحو الديمقراطية في مصر). وأضاف أنه يتابع الأحداث في مصر عن كثب. وأفاد المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس بأنه كان قد أطلع الرئيس اوباما علي (الوضع المتقلب) السائد في مصر خلال تنقله عبر طائرته في شمال الولاياتالمتحدة. وفي تل أبيب، أعرب مسئول حكومي إسرائيلي عن أمل بلاده في أن تكون الفترة الانتقالية التي بدأت في مصر هادئة. وقال نأمل أن تتم العملية الانتقالية نحو الديمقراطية بهدوء من أجل مصر وجميع جيرانها أيضا. كما أكد المسئول الاسرائيلي ضرورة الحفاظ علي معاهدة السلام بين مصر واسرائيل التي وقعت عام 9791 وأضاف أن هذه المعاهدة تخدم مصالح البلدين وتشكل ضمانا للاستقرار في المنطقة برمتها. وفي لندن دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلي حكم مدني وديمقراطي في مصر. وفي أنقرة أعربت تركيا عن أملها في أن تستجيب الحكومة المصرية لتطلعات الشعب. وفي باريس رحب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب"اللحظة التاريخية" التي تعيشها مصر حاليا بعد إعلان تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم. وقال ساركوزي إنه بعد عدة أسابيع عبر خلالها الشعب المصري بقوة وكرامة عن رغبته في التغيير، قرر الرئيس مبارك إنهاء مهامه كرئيس لجمهورية مصر العربية، مشيدا بهذا القرار الشجاع واللازم. وأعرب ساركوزي عن أمل فرنسا في أن تتخذ السلطات المصرية الجديدة الإجراءات اللازمة من اجل إقامة مؤسسات ديمقراطية نابعة من انتخابات حرة وشفافة. وحثت فرنسا القادة المصريين إلي أن ينتهوا في اقرب وقت ممكن من الإصلاحات التي تجعل من مصر مجتمعا حرا ومتعددا بما يتيح لهذه الدولة الكبيرة والصديقة في أن تحتل كامل مكانتها في العالم وفي خدمة السلام. ودعت فرنسا جميع المصريين إلي أن يواصلوا بلا عنف مسيرتهم نحو الحرية، مشيرة إلي أنها تدعم وتساند مصر بكل صداقة ومستعدة لكي تقدم لها كل ما يمكنها من إسهامات. من جهة أخري، رحبت الأحزاب والشخصيات الفرنسية بإعلان قرار تنحي الرئيس مبارك عن الحكم واعتبرته خطوة كبيرة علي طريق الحرية والديمقراطية. وأشار السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي بيير لوران إلي أن تنحي مبارك يعد انتصارا رائعا، مشيدا بالتصميم غير العادي للشباب المصري. وقال لوران إن حزبه سيكون إلي جانب الشباب المصري حتي يفتح تنحي مبارك الطريق بحق نحو الديمقراطية، مضيفا أن "الديمقراطية فازت حتي الآن بهدفين للاشئ" في إشارة منه إلي ما حدث في تونس ومصر، وان المباراة لا تزال في بدايتها. أما نائبة رئيس حزب الحركة الديمقراطية ماري دو سارينز، فاعتبرت أن تنحي مبارك يعد خطوة أولي نحو التغيير الذي طالما انتظره وطالب به المصريون، مشيرة إلي أنه يتعين الآن مواجهة تحدي الديمقراطية حيث يتعين علي جميع القوي السياسية أن تعمل معا ومع الجيش والمجتمع المدني، في إطار من احترام قيم الديمقراطية ودولة القانون والحريات الأساسية والمساواة بين جميع المواطنين المصريين، ومصاحبة التحولات السياسية العميقة والمؤسساتية، بما يضمن حرية وازدهار جميع المصريين. من جانبه، وصف أوليفه بيزانسونو أحد قادة الحزب الجديد المناهض للرأسمالية تنحي مبارك بأنه لحظة رائعة من التاريخ، حيث تتحسس الشعوب العربية الطريق إلي الحرية. وفي الأردن تظاهر نحو 005 شخص مساء أمس امام مقر السفارة المصرية في عمان، بينهم مصريون احتفاء بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة، وقام عدد من المشاركين بتوزيع الحلوي والورود واطلاق الالعاب النارية. وهتف المتظاهرون »مصر مصر، تحيا مصر«.. و»إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر« و »الشعب خلاص اسقط النظام«.. وحمل المتظاهرون اعلاما اردنية ومصرية ولافتات كتب عليها »الشعب اسقط النظام« و »الله محيي الشعب المصري« وهم يرددون »بلادي بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي«. وأكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن اسرائيل تستعد للتعامل مع نظام مختلف في مصر، علي إثر التطورات الأخيرة في القاهرة واستقالة الرئيس حسني مبارك. وقالت الصحيفة ان الإسرائيليين يستعدون للتعامل مع نظام يتخوفون أن يكون أكثر عدائية في مصر، في مرحلة ما بعد مبارك، وهو النظام الذي يتوقعون أن يدفع ببلادهم إلي توسيع جيشها، وتحصين الحدود الصحراوية التي تقع بين البلدين، وربما إعادة غزو قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس الفلسطينية. وقالت الصحيفة انه بعد ثلاثة عقود من دخول إسرائيل في »سلام بارد« مع مصر، يقوم مسئولون إسرائيليون الآن بمراجعة الطرق التي يمكن أن تؤثر من خلالها عملية الانتقال التي تدعمها واشنطن في القاهرة علي الدولة اليهودية. ونقلت الصحيفة عن أشخاص مُطَّلعين علي تلك المراجعة التي تقوم بها تل أبيب أن القيادة الجديدة في مصر والتي ربما تكون متأثرة بدعم الإسلاميين والمشاعر الشعبية المناهضة لإسرائيل، ربما تُخَفِّض مستوي العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل وهو ما يلقي بظلال من الشك علي استمرار أو بقاء معاهدة السلام الموقَّعة بين الدولتين في عام 9791 علي المدي الطويل. كما نقلت الصحيفة عن مسئولين إسرائيليين بارزين تحذيرهم من أن انهيار حكم الرئيس مبارك قد تسبب بالفعل في تقليص النفوذ الاستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، في مواجهة أنظمة تدعم الجماعات الإسلامية المسلحة، وربما تسعي إلي جذب مصر إلي المعسكر الخاص بها. وفي مسعي من جانبه إلي تعزيز أمن إسرائيل، سمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بنشر مؤقت ل 008 جندي مصري في شبه جزيرة سيناء المأهولة بالسكان ومنزوعة السلاح بموجب معاهدة السلام. وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو هدف من وراء تلك الخطوة إلي منع تهريب الأسلحة إلي قطاع غزة. كما أمر نتنياهو الجيش بسرعة بناء سياج يبلغ ارتفاعه 31 قدماً، ويخضع لرقابة أجهزة الرادار.. وأكد مسئولون ومحللون أن إسرائيل تُدرِج علي رأس أولوياتها الآن احتمالية إعادة التخطيط علي الصعيدين الاستراتيجي والعسكري، إذا تحولت العلاقات مع مصر إلي علاقات غير ودية.