تنطلق غدا فعاليات مؤتمر الشراكة بين إفريقيا ومجموعة العشرين في برلين،والتي تستمر علي مدار يومين،ويحمل شعار »الاستثمار في مستقبل مشترك» بمشاركة مصر. وتتعاظم الاستفادة المصرية من المشاركة في اجتماعات المجموعة من حيث المساهمة في آلية عملها بهدف استشراف نمط التغير المتوقع في الاقتصاد الدولي ومواكبة التطورات الحديثة، ومن ثم القدرة علي استنباط أفضل الطرق للتعامل مع هذه المتغيرات بما يتماشي والإستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة، وقد أتاحت مشاركة مصر كضيف الرئاسة الصينية لمجموعة العشرين لعام 2016 الفرصة لمتابعة تفاعلات القوي الاقتصادية الكبري، ورصد مؤشرات التحول المستقبلي في شكل الاقتصاد العالمي، حيث تشهد اجتماعات المجموعة لهذا العام سعي الدول الأعضاء لتجاوز مرحلة الركود الراهنة من خلال استحداث سياسات وأطر تعاون مبتكرة، من أجل تطوير النظام المالي العالمي وخلق مسار تنموي شامل. وتُعد مجموعة العشرين المنتدي الرئيسي لتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي، والمحفل المعني بالتنسيق بين أهم عشرين اقتصادا في العالم بشأن أهم القضايا الاقتصادية الراهنة. وتُشكل المجموعة ثلثي سكان العالم، وتُمثل 90٪ من الناتج الإجمالي العالمي، وتسهم بحوالي 80٪ من التجارة العالمية. وقد ارتفعت أسهم المجموعة بعد نجاحها في احتواء الأزمة المالية العالمية 2009، وتسعي في هذه المرحلة إلي توظيف مقومات القوي الاقتصادية الجديدة المتمثلة في الاقتصاد الرقمي وتطبيقات اقتصاد الفضاء، والهندسة البيولوجية، ومصادر الطاقة الجديدة، والاقتصاد الأزرق، وغيرها. وترتكز رؤية الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين،والتي تمتد خلال الفترة من1 ديسمبر 2016 الي 30 نوفمبر 2017،تحت عنوان “Shaping interconnected world” علي استشراف المستقبل وفق رصد مؤشرات التحول المستقبلي في سياق الاقتصاد العالمي، ومحاولة التجاوب مع هذا السياق بما يخدم المصالح الألمانية. وتسعي ألمانيا إلي إحداث تغير ملموس في أداء المجموعة من خلال استحداث أطر تعاون مبتكرة وتوظيف مقومات القوي الجديدة (عناصر الثورة الصناعية الجديدة NIک مثل الاقتصاد الرقمي، والهندسة البيولوجية، والطاقة المتجددة، وغيرها)، والبناء علي ما قدمته الرئاسة الصينية في هذا الشأن بهدف خلق سبل مستحدثة لدفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي، وضمان استقرار ومرونة الاقتصاديات الوطنية. وتولي الرئاسة الألمانية الأولوية للموضوعات الخاصة بتحفيز النمو الاقتصادي العالمي - كأولوية، والقضايا الدولية مثل تغير المناخ، والإرهاب، واللاجئين والهجرة غير الشرعية، وتحقيق أجندة 2030، وما تتضمنه من أهداف التنمية المستدامة، بالتركيز علي خلق الشراكات لتحفيز التعاون الدولي في المجال التنموي من مصادر التمويل المبتكرة، وتعزيز البعد الحقوقي بالتركيز علي المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة. و في هذا الإطار، تسعي الرئاسة الألمانية لإقامة مبادرة للشراكة مع إفريقيا، تقدم من خلالها قيمة مضافة في التعاون المستقبلي مع إفريقيا، بعيداً عن العديد من المبادرات الخاصة بإفريقيا التي لم تأت بالعائد المرجو منها، علماً بأن مجموعة ال20 قد أكدت علي ضرورة تفعيل مبادرتها الأخيرة بشأن دعم التصنيع في إفريقيا والدول الأقل نمواً بالفقرة 35 من إعلان قمة هانجزو، بالصين سبتمبر 2016. وفيما يتعلق بالإطار المؤسسي، تستهدف المبادرة الألمانية إطار »الشراكات» ليجمع ما بين الدول الإفريقية ومؤسسات التمويل (البنك وصندوق النقد الدوليين وبنك التنمية الإفريقي)، بالتعاون مع المؤسسات الإفريقية، وبخاصة الاتحاد الإفريقي والنيباد خلال الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين والرئاسات المتعاقبة لها علي المديين المتوسط والقريب. وفيما يتعلق بتوجه المبادرة في الإصلاح الاقتصادي، فهي تسعي للتركيز علي موضوعات رئيسية مثل الاقتصاد الكلي، وبيئة الأعمال، والتمويل، وجذب الاستثمارات للأسواق الإفريقية، وكيفية حمايتها، وما يرتبط بذلك من موضوعات مكافحة الفساد، والإصلاح الضريبي، وسياسات التوظيف. ويمكن للدول الإفريقية إلحاق مكون إضافي لاتفاق المبادرة في المجالات التي توليها الأهمية. ويقترح الجانب الألماني أن يتضمن هذا المكون موضوعات مثل الشراكات الصغيرة والمتوسطة، وأسواق المال، وتأسيس مشروعات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص. وبالنسبة للحزم الاقتصادية لدعم اقتصاديات الدول الإفريقية التي تشتمل عليها المبادرة فإنها تهدف إلي خلق مناخ وموات لجذب الاستثمارات الخاصة بشكل مستدام في الدول الإفريقية. ويشير اتفاق الحزم الاقتصادية في مجمله إلي أن أحد أهم مرتكزات النهوض بالأوضاع في المنطقة يتمثل في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص العمل اللائق والمستدام، استناداً علي رؤية مفادها أن استمرار معدلات البطالة المرتفعة، من شأنه كبح فرص الارتقاء بمستوي المعيشية، ومن ثم استمرار حالة عدم الاستقرار بالمنطقة، وبالتالي زيادة تدفقات الهجرة غير الشرعية واللاجئين من إفريقيا إلي أوروبا. ويرتكز اتفاق الحزم الاقتصادية علي ثلاثة مسارات، تشمل العديد من المقترحات والأدوات من أجل تعزيز إطار التمويل الخاص والاستثمار، وتطوير بنية تحتية ذات جودة (النفاذ للطاقة المتجددة)، وتحقيق شمول النمو الاقتصادي والتوظيف وفق مسار الاقتصاد الكلي،والذي يهدف إلي تحفيز مصادر التمويل المالية الوطنية، وترشيد الانفاق الحكومي، ورفع العائد من هذا الانفاق، والاستثمار في البنية التحتية غير التجارية (مثل الصحة والتعليم الأساسي)، ومرونة استدامة الدين العام، وتطوير أساليب إعداد المشروعات، وتوحيد نسق التعاقد لإقامة المشروعات. الي جانب مسار قطاع الأعمال،حيث تطوير التشريعات والمؤسسات الفعالة من خلال إنشاء آلية لحماية الاستثمارات وفض المنازعات الاستثمارية. وأيضا المسار المالي،حيث توفير التمويل بتكلفة أقل ومعدلات مخاطرة منخفضة، وتطوير سوق الاستدانة المحلية، وتوسيع نطاق التمويل الخاص من خلال إنشاء أدوات لجذب المستثمرين.