هذا.. هو وقت الانتماء لمصر.. والمحافظة عليها. الاستقرار يعني الوفاء للبلد. ليست مرحلة شعارات، او مجرد عبارات، وانما هي مرحلة استدعاء الكبرياء، لعبور واحدة من اصعب الازمات. مطالب الشباب الوطني تحققت، او الكثير منها، ولا يمكن ان تكون مقاصد هؤلاء ان تصل الحالة الي ما وصلت اليه. العناصر الخبيثة التي اندست، والاهداف الدنيئة التي كشفت عنها وجوه قبيحة لا تريد الخير للبلد، والمؤامرات والضغوط الخارجية التي تكشف عن مصالح تخريبية لتمزيق اوصال شعب اثبت عبر التاريخ انه قادر علي الصمود. كل هذه الصورة اصبحت واضحة للعيان، ومن ثم ينبغي ان يتصدي الكل للدفاع عن وطنه. لن تطول الازمة اذا التف الجميع حول مصلحة ومستقبل البلد. ولن تعود الحياة الي ما كانت عليه الا اذا اندفع الكل بعقلانية وهدوء الي استيعاب الدرس. ولن تنقشع الغمة بدون ادراك حقيقة ان مصر لابنائها، وابناؤها هم الأحرص علي حماية مقدراتها. اذا كان الامر كذلك.. فان كل أشكال الحوار ينبغي لها ان تأخذ منحي آخر غير الذي اعتاد عليه الشارع. ولعل دعوة الحوار مع القوي الوطنية والشباب ينبغي ان تقوم علي عنوان واحد هو كيف يمكن المحافظة علي المواطنين الذين اصابهم الهلع والخوف علي انفسهم، وعلي مستقبلهم في ظل كل هذه التحديات في الداخل والخارج. والواقع ان الوقت ليس في صالح احد.. ومن ثم لابد من استثماره بفكر عصري جديد، ينطلق من طبيعته وشكل الاحداث التي لم تمر علي مصر من قبل. ليس هذا وقت الحديث في اخطاء وسلبيات سابقة، فهي معروفة، وتم الاعتراف بها، او بمعظمها، وصدرت مجموعة قرارات وتعديلات دستورية لإصلاحها.. وانما هو وقت التأكيد علي أمر واحد.. وهو الاستقرار. لقد أصبح الاستقرار مطمحا لجميع المواطنين، وهو ما ينبغي ان يعمل الكل لاجله، لأنه يمثل مصدر الأمان الذي دفع الأهالي لأن يسهروا ليلا أمام بيوتهم ليدافعوا عن اسرهم في مواجهة المجهول. ولا يختلف اثنان ان المواطن الذي نجح حتي الآن في التصدي للبلطجية والحرامية ببراعة، وان التلاحم بين اولاد وابناء الشارع الواحد يتجلي الان في ابهي صوره، وان التواجد الدائم للجان الشعبية طوال اليوم لتسيير الامور.. والمرور يجسد قيمة كبيرة لهؤلاء الاوفياء المخلصين. اذن.. هي فترة عصيبة تتطلب اشياء كثيرة.. اولها التعامل مع الضغوط الخارجية بالمنطق وبكشف المخطط الذي يهدف الي ضرب هذا الاستقرار.. وثانيها محاولة اعادة الاستقرار.. وثالثها واهمها العودة الي الحوار. ان الحوار الوطني الحقيقي.. وليس حوار البحث عن المصالح او تصفية حسابات هو الطريق الذي يمهد الي الاصلاح بكل ما تحمله الكلمة من معني. ولعل الحوار الذي لا يقوم علي اجندات مسبقة، هو الذي يجعل الصورة اكثر وضوحا امام كل الاطراف.. وهو الذي يكشف ايضا عن حسن نوايا تدفع الي الاقناع.. والاقتناع. لقد آن الأوان لان يعيد كل فرد تفكيره، وسلوكه، واذا كان الرياضيون قد التفوا منذ يومين، واصدروا بيانا لتلبية نداء الواجب والضمير الوطني لتهيئة الاجواء من اجل الاستقرار والامن والمحافظة علي تراب مصر والثروات البشرية والماضية فإن هذا البيان لا يمثل الا خطوة كان ينبغي ان تسبقها مبادرات.. ويليها خطوات اخري. ان النجوم الذين طالما احبتهم الجماهير، وهيأت لهم اجواء من الراحة والارتياح، لابد ان يكون لهم دور في المجتمع.. ينزلون الي الشارع.. يخاطبون ويناقشون ويقنعون، لا ان يجلسوا علي مقاعدهمويكتفون بالمشاركة في مسيرة من اي نوع. ليس هناك اهم من الاستقرار ومن المحافظة علي الامن. وليس هناك اخطر من مواجهة اعداء تري بعضهم بالعين.. وآخرين يأتون من الخلف، او من الخفاء. وايا كان الامر.. فان الموقف يتطلب الحكمة وعدم الانفعال.. كما يتطلب هذا الحوار الذي يمثل البداية وان كان يبدو صعبا.. الا ان عبوره ممكن.. بفضل الإيمان بأهمية ان تبقي مصر آمنة.