لا شك أن لكل تكنولوجيا جديدة وجهين: وجه »ناصع« يتمثل في مجموعة الفوائد والمكاسب التي يمكن أن تعود علينا من جراء تطبيقاتها. ووجه »معتم« يمثل مجموعة التحديات والمخاطر التي قد تحدث عند التطبيق الفعلي لها. ولعل تكنولوجيا إنتاج الوقود النووي واستخدامات الطاقة النووية السلمية خير مثال يمكن استخدامه للدلالة علي ذلك. وقد صاحبت مواد وتكنولوجيا النانو منذ منتصف العقد الأول من هذا القرن مجموعة من الهواجس تتعلق بالمخاطر المحتملة والآثار السلبية المترتبة علي تطبيقاتها في المجالات المختلفة، ولعل من أبرز تلك المخاطر التي يمكن أن توصم بها مواد وتطبيقات تكنولوجيا النانو تلك المتعلقة بالقضايا التالية: - قضايا اقتصادية وقضايا اجتماعية وقضايا أخلاقية وقضايا بيئية وقضايا متعلقة بسمية المواد النانونية. ونظراً لما تتسم به المواد النانونية وتكنولوجيتها بخواص تنفرد بها عن سواها، فقد أثار هذا الأمر مجموعة أخري من الهواجس لدي الكثيرين، من بينها: - هواجس تتعلق بهذا التعتيم الكامل الذي تفرضه الدول المنتجة للمواد النانونية التي تستخدم في الأغراض والتطبيقات العسكرية وفي صناعة أسلحة الدمار الشامل. - هواجس أمنية تولدت عند حكومات الدول التي لم تشارك بعد في وضع خطط وبرامج بحثية وتطبيقية لتكنولوجيا النانو. ولتلك الدول كل الحق في أن تشعر بهذا القلق، خاصة وهي تشعر بالندم علي عدم مشاركتها في النشاط النووي العالمي وهو لايزال في مهده. - هواجس تتعلق بالمستقبل العلمي والاقتصادي الذي تنتظره الدول المتخلفة عن ركب تقنيات النانو التكنولوجية، وزيادة احتمال تعميق الفجوة التكنولوجية بينها وبين رواد سفينة تكنولوجيا النانو وبحاريها. - ارتفاع المعدلات الإنتاجية للمواد النانونية، وظهور عائلات جديدة منها بصورة شبه يومية، وهذا يمثل عند البعض خطورة نابعة من هاجس عدم ضمان أهلية تلك المواد الناشئة للاستخدامات الآمنة. - هواجس متعلقة بالطبيعة غير المرئية لمواد النانو المخلقّة معملياً، وعدم القدرة علي متابعتها أثناء التشغيل بالعين المجردة. وهذا يثير احتمالات فشل أي محاولة للسيطرة عليها وإبطال فاعليتها إذا ما احتاج الأمر إلي ذلك، وقد رأي البعض أن يربط بينها وبين طبيعة التفاعلات الانشطارية بالمفاعلات النووية التي يصعب إيقافها إلا من خلال استخدام تقنيات خاصة. وبالطبع ليس من المنطقي تطبيق القوانين نفسها والنظم الملزمة الخاصة بالتقنيات والتكنولوجيات الماضية، ونقلها جملة وتفصيلاً إلي التكنولوجيات اللاحقة فلكل تكنولوجيا هويتها وتطبيقها ومخاطرها الخاصة بها. إن الخطر الحقيقي الذي يمكن أن نتأثر به كدول نامية من جراء تطبيقات تكنولوجيا النانو هو التخلف عن ركبها كما حدث سابقاً في التكنولوجيات الأخري التي تخلفنا عن اللحاق بها. وللحديث بقية..