أمير قطر يرحب بالرئىس رغم أن القمة العربية الرابعة والعشرين التي استضافتها قطر الثلاثاء والأربعاء الماضيين قمة دورية عادية إلا ان نتائجها كانت استثنائية بكل المقاييس، لأسباب عديدة بعضها يعود للجانب القطري الذي استعد جيداً لاستضافة القمة حتي خرجت في أبهي صورة، وبعضها صنعته الظروف والاحداث الطارئة مثل استقالة معاذ الخطيب زعيم الائتلاف السوري المعارض يوم الاثنين الماضي، بينما كانت الاجتماعات التحضيرية للقمة تناقش منحه مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، مما أدي إلي انقلاب الأوضاع في القمة. أرادت القيادة السياسية القطرية أن تصبح القمة غير عادية فبذلت جهداً كبيراً أدي لعدول أو إرجاء الخطيب لاستقالته وحضوره القمة العربية، بعد موافقة 15 دولة عربية علي منح المعارضة مقعد سوريا في القمة.. وهو تحول خطير في سياسات الجامعة العربية جعل من قمة قطر نقطة تحول كبري في مجال العلاقات العربية العربية. الأزمة السورية واستقالة الخطيب.. لم تكن هي فقط السبب في إشعال أجواء المباحثات بالقمة والتي تمثل أكبر تجمع سياسي عربي.. فعلي مستوي الاجراءات الأمنية، وعلي الرغم من أن المواطن العادي لايشعر باجراءات استثنائية في شوارع العاصمة إلا أن المنطقة المحيطة بفندق الشيراتون مكان انعقاد القمة شهدت اجراءات مشددة حيث انتشر أفراد الامن الذين يستخدمون تقنيات عالية في اجراءات تفتيش السيارات التي تنقل الوفود. استقبال وحفاوة مساء الاثنين الماضي بدأ وصول الرؤساء والزعماء وقادة الدول العربية وقد تقدم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد مستقبلي الرئيس الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية والوفد المرافق له، لدي وصوله الي مطار الدوحة الدولي.. وبعد مراسم الاستقبال، رافق الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الموكب الخاص بالرئيس محمد مرسي إلي مقر إقامته في الدوحة. وقد استبق الملوك والرؤساء والامراء العرب افتتاح قمتهم العادية الرابعة والعشرين يوم الثلاثاء الماضي بالتقاط صورة تذكارية. وقبل دخولهم الي قاعة الاجتماع تبادل الزعماء والقادة العرب الاحاديث الودية. بداية القمة انطلقت في تمام الحادية عشرة صباحا بتوقيت الدوحة أعمال القمة بكلمة للعراق الرئيس السابق للقمة العربية وتسلمت بعدها دولة قطر رئاسة القمة الرابعة والعشرين حيث ألقي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير دولة قطر الكلمة الرئيسية في الجلسة الافتتاحية، وكان قد جري التحضير للقمة عبر عدة اجتماعات بدأت يوم الخميس قبل الماضي باجتماع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي علي مستوي الخبراء وكبار المسئولين أعقبه اجتماع لنفس المجلس علي مستوي وزراء المال والاقتصاد يوم الجمعة الماضي ثم اجتماع لمجلس الجامعة العربية علي مستوي المندوبين الدائمين ، ثم اجتماع وزراء الخارجية الذي ناقش مشروعات القرارات التي عرضت علي القادة العرب. 4 ملفات وأكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية، أن القمة كانت مهمة للغاية وناقشت أربعة ملفات رئيسية، وهي: الأزمة السورية، القضية الفلسطينية، الملف السوداني، إصلاح الجامعة العربية، واصفاً ما يجري في سوريا حالياً بأنه "حرب أهلية تقريباً"، وقال: "نحن اليوم في حرب أهلية تقريباً وأمام وطن يُدمَر ونازحين ولاجئين وخلافه، الحل يجب أن يكون حلا باتفاق سوري عربي في المقام الأول، لان هذه القضية سورية عربية، ويجب أن يكون الحل سياسياً يعتمد علي الاستجابة لمطالب الشعب السوري، والحفاظ علي وحدة الأرض السورية، أننا لا نريد أن تكون سوريا مدمرة". وأوضح أن وجهة نظر مصر فيما يتعلق بحل الأزمة السورية تتلخص في: أولاً أن يكون واضحاً للنظام السوري أنه لن يفرض الحل بالطائرات، ويجب أن نبدأ في عملية سياسية تفاوضية ما بين الأطراف السورية، وبين بعض الجهات التي لم تتلوث أيديها بدماء الشعب السوري. وتطرق إلي القضية الفلسطينية التي تمر حالياً ب"مرحلة محورية"، حسب تعبيره، منوهاً بأهمية النظر إلي أن السلام لم يتحقق وأن هناك مبادرة السلام العربية التي مر عليها 10 سنوات، والأخذ في الاعتبار مسألة الاستيطان الذي حدث خلال السنوات الماضية وما زال يحدث في محاولة من الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الواقع، مؤكداً علي أن كل هذا يُضعف مسألة قيام دولة فلسطينية بحدود 67، متسائلاً: هل سنستمر في عملية السلام التي تحولت إلي عملية دون سلام حقيقي. وقبل بداية القمة كانت هناك آمال معلقة علي امكانية حسم القمة للسوق العربية المشتركة، وقد صرح الامين العام المساعد للشئون الاقتصادية السفير محمد ابراهيم التويجري بأن قمة الدوحة مطالبة باتخاذ قرار سياسي لازالة اهم العقبات التي ما زالت تعترض اقامة منطقة التجارة العربية حتي الآن، والمتعلقة بقواعد المنشأ، والقيود غير الجمركية ، بهدف إزالتها نهائيا مع نهاية العام الجاري، وشدد علي أن قمة الدوحة سيكون لها القول الفصل في مستقبل منطقة التجارة العربية الحرة. المعارضة السورية والمقعد بعد تسلمه رئاسة القمة العربية العادية الرابعة والعشرين استأذن رئيس القمة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الزعماء العرب في دخول معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية وغسان هيتو رئيس الحكومة المؤقتة الي القاعة لشغل مقعد سوريا في القمة وقد قوبل دخول هيتو والخطيب بالتصفيق فيما تم وضع علم الاستقلال السوري أمام منصتهما دون وجود لعلم سوريا الحالي، وكانت هذه الخطوة كفيلة بإشعار الجميع بأن القمة العربية نجحت في تحقيق أهم اهدافها وهو تحقيق التوازن بين النظام والمعارضة في سوريا. تضحيات مصر ولأن مصر الشقيقة الكبري لكل العرب فقد كان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دلة قطر ورئيس القمة العربية حريصاً علي التحدث عن مصر خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية وقال: إن دول ثورات الربيع العربي بحاجة للدعم والمساندة، وبخاصة جمهورية مصر العربية نظراً لكثافتها السكانية الكبيرة وقال الشيخ حمد: لا أحد ينسي التضحيات التي قدمتها مصر لذا فإن تقديم الدعم لمصر واجب علينا جميعاً وتقديراً لدور مصر الفاعل في القضية الفلسطينية اقترح الشيخ حمدبن خليفة آل ثاني خلال كلمته أيضاً عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة تجمع بين فتح وحماس لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات والاتفاق علي موعد موحد محدد لإجراء الانتحابات ومن يتخلف عما سيتم الاتفاق عليه يتحمل مسئوليته كاملة. وأعلن الشيخ حمد عن إنشاء صندوق لدعم القدس والحفاظ علي هويتها بمبلغ مليار دولار فوراً ، منها 250 مليون دولار تبرعا فوريا من قطر. الجامعة العربية ترحب وقد رحبت جامعة الدول العربية بحضور رئيس الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية معاذ الخطيب الذي انضم إلي اجتماع القمة بصفته ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري بعد نجاح الائتلاف في تشكيل الحكومة المؤقتة، وقال الامين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة إن الجامعة ومؤسساتها المعنية ستواصل جهودها من أجل المساهمة في توفير المساعدات الإنسانية والاغاثية للشعب السوري والنازحين منه داخل سوريا وفي دول الجوار. وأكد الامين العام لجامعة الدول العربية علي ضرورة إجراء عملية مراجعة شاملة لميثاق جامعة الدول العربية، والذي تمت صياغته عند نهاية الحرب العالمية الثانية، في ظروف دولية وإقليمية لم تعد قائمة، بحيث تمكن الجامعة من الاضطلاع بوظائفها التي تمليها عليها تحديات العصر بظروفه الدولية والإقليمية الحالية. قرارات القمة قمة الدوحة لم تكن في حاجة لإصدار إعلان ختامي أو قرارات لأنه ومنذ الجلسة الافتتاحية للقمة كانت هناك قرارات مهمة عديدة وفي مقدمتها تشكيل وفد وزاري عربي برئاسة رئيس وزراء ووزير خارجية دولة قطر وعضوية كل من مصر والاردن وفلسطين والامين العام للجامعة العربية لاجراء مشاورات مع مجلس الأمن والادارة الامريكية وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي للاتفاق علي آليات وفق اطار زمني محدد لاطلاق مفاوضات جادة وتكليف الامين العام للجامعة العربية بتشكيل فريق عمل لاعداد الخطوات التنفيذية لهذا التحرك. ودعت القمة إلي عقد مؤتمر دولي خاص بطرح القضية الفلسطينية من جميع جوانبها بهدف انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية مستندا علي اقرار قضايا التسوية النهائية للصراع العربي الاسرائيلي وعلي رأسها الحدود والامن والاستيطان والقدس واللاجئين والمياه. وفيما يتعلق بالصعوبات التي تعوق استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبري، طالبت القمة باعتماد قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية المتفق عليها من قبل الفريق السعودي المغربي التي تصل فيها نسبة اتفاق الدول الاعضاء في المنطقة الي ما نسبته 80 في المائة أو تزيد عنه، ودعوة الدول التي تقل نسبة توافقها علي قواعد المنشأ عن 80 في المائة الي النظر في تحسين مساراتها التفاوضية في اطار اللجنة الفنية لقواعد المنشأ ، قبل نهاية عام 2013.واعتمدت القمة خطة عمل مكافحة الامية بين النساء في المنطقة العربية "مقاربة تنموية"، كخطة استرشادية تستعين بها الدول الاعضاء عند وضع خطط عمل تنفيذية لمكافحة الامية بين النساء العرب. واشادت القمة بالجهود المقدرة التي تقوم بها الدول المجاورة لسوريا والدول العربية الاخري ودورها في توفير الاحتياجات العاجلة للنازحين والتأكيد علي ضرورة دعم تلك الدول ومساندتها في تحمل اعباء هذه الاستضافة، والعمل علي مواصلة تقديم اوجه الدعم والمساعدة لايواء واغاثة النازحين في لبنان وفق خطة الاغاثة التي وضعتها الحكومة اللبنانية، وكذلك تقديم الاغاثة الي النازحين في الاردن وفق خطط ونداءات الاغاثة التي اقرتها الحكومة الاردنية، وكذلك العراق لمواجهة الاحتياجات الضرورية لهؤلاء المتضررين. ودعت القمة الي عقد مؤتمر دولي في اطار الاممالمتحدة من اجل اعادة الاعمار في سوريا، وتأهيل البنية التحتية لجميع القطاعات المتضررة جراء ما حدث من تدمير واسع النطاق واختتم الدكتور محمد مرسي زيارته الناجحة للقمة التي نجحت بامتياز، بعقد لقاءين مهمين الأول مع مجلس الأعمال المصري القطري بمشاركة حوالي 70 من كبار رجال الأعمال في البلدين، واللقاء الثاني والاخير مع ممثلي الجالية المصرية في قطر، وهو اللقاء الذي يحرص الرئيس علي إجرائه في جميع زياراته الخارجية لمختلف دول العالم.. وقد حضر اللقاء حوالي 600 مصري من العاملين بقطر ودار بينهم وبين الرئيس حوار من القلب حول مصر ومستقبلها، وانصرفوا بعد أن اطمأنوا من الرئيس علي أن القادم أفضل.