جهاز الكسب غير المشروع أكبر الأجهزة الرقابية.. أهميته وخطورته تأتي من أنه جهاز قضائي يتبع وزارة العدل المسئولة عن شئون العدالة.. وانه أيضا يتولي مهمة الفحص والتحقيق فيما ترسله إليه الجهات الرقابية من تقارير واقرارات للذمة المالية.. وما يرد إليه من شكاوي موثقة حول جرائم التربح والتكسب.. والرشوة والعمولات.. والفساد واستغلال النفوذ.. وغيرها من جرائم المال العام التي قد يرتكبها من يتولون وظائف عامة في جميع اجهزة الدولة.. وأيضا المنتخبون والمعينون في الأحزاب والبرلمان بمجلسي الشعب والشوري.. وكذا الوزراء والمحافظون ونوابهم.. وأصحاب الوظائف العليا.. حيث يلزمهم قانون الجهاز ان يقدموا »إقرارات ذمة مالية« قبل تولي مناصبهم.. وعند خروجهم منها أيضا.. وذلك لاحالة أي مخالفات تشكل جرائم مال عام إلي القضاء.. أو لابراء ذمتهم المالية من أي شبهة كسب غير مشروع. الملاحظ ان جهاز الكسب غير المشروع ترك أصحاب الملايين المتربحين من الوظيفة العامة.. ومن إهدار أموال الدولة.. ومن زواج البيزنس بالسلطة.. ومشغول الآن بالبحث عن الملاليم التي حصل عليها صغار المستفيدين من فتافيت تورتة السرقة العامة لموارد الوطن الجريح! المادة (851) من الدستور السابق تنص صراحة وتحديدا علي انه لايجوز للوزير أثناء تولي منصبه ان يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعيا.. أو ان يشتري أو يستأجر شيئا من أموال الدولة.. أو يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله.. أو يقايضها عليه! هذا النص الدستوري يتطابق أيضا مع المادة (173) من لائحة البرلمان في تطبيق ذلك المنع والحظر علي نواب البرلمان جميعا من المنتخبين والمعينين منهم! عندما جاءت إلينا حكومات الفساد ورجال الأعمال برموزها وفلولها أدارت ظهرها للنص الدستوري وتجاهلته.. ووزعت المناصب والمنافع علي أقارب وأصهار وأصدقاء وشركاء لهم من أصحاب البيزنس الخاص.. فاختلط المال العام مع المال الخاص.. وتداخلت المصالح.. ومعها تم حصار الأجهزة الرقابية واختفت تقاريرها في الادراج.. بعدما تم زواج غير شرعي ما بين السلطة وأصحاب الأعمال الخاصة علي مدي سنوات! لذا رأينا وزراء ومسئولين ممن تولوا مناصب عليا.. ونوابا ورؤساء لجان في البرلمان والشوري والحزب الوطني.. يشترون آلاف الأفدنة من أراضي البناء والمشروعات الصناعية بالملاليم ويتاجرون بها بالملايين.. وأيضا شركات عامة ضمن برنامج الخصخصة.. وفنادق مملوكة للدولة.. ويعقدون صفقات مع جهات حكومية دون خوف أو تخوف أو اعتبار لأي حساب.. أو وقوع تحت طائلة ومساءلة القانون! الأمثلة كثيرة ومعروفة ومعلومة وملفاتها في ادراج جهاز الرقابة الإدارية والمحاسبات! هناك وزير اشتري شركة حليج الأقطان المملوكة للدولة وتضم معدات ومخازن وأراضي فضاء في أغلب محافظات مصر.. لأنه يمتلك شركة خاصة لتجارة واستيراد الأقطان.. وطوال مدة وجوده وزيرا دمر زراعة القطن.. ورفع شعار استيراد القمح أفضل وأرخص من زراعته.. والأخطر انه كان علي وشك بيع أراض مراكز البحوث الزراعية المنتشرة في ريف مصر.. بحجة توفير نفقات لموازنة الوزارة! وزير آخر اشتري قطعة أرض كبيرة بجوار ستاد القاهرة من شركة حكومية بملاليم لتحويلها لمستشفي استثماري يعالج الأثرياء.. وخفض ميزانيات العلاج بالمستشفيات العامة.. واستبدله بموافقات من الوزارة اسمها العلاج علي نفقة الدولة.. وتحولت أغلب حالات العلاج باهظة التكاليف إلي مستشفاه الخاص يعني بيزنس مع الحكومة علي حساب المرضي! هذا عدا نواب ورؤساء لجان في برلمان المحروسة اشتروا مساحات بالأفدنة في المناطق الصناعية.. وفي المدن الجديدة التابعة لوزارة الإسكان وأسسوا شركات عقارية باعت الأراضي بالملايين.. وكلهم أسماء معروفة! السادة أعضاء جهاز الكسب غير المشروع اين اقرارات الذمة المالية لمن تولوا مناصب ولماذا لا تخاطبون الأجهزة الرقابية لإرسال ملفات الفساد الكبري.. بدلا من بحث الشكاوي الكيدية.. والاكتفاء بحساب صغار المنتفعين من المال العام؟!