أطياف فكرية مختلفة ليبرالي جدا وليبرالي معتدل واسلامي وسطي واسلامي سلفي وسلفي جدا.. هذه الاطياف جميعا تضمها عائلتي الحبيبة.. قبل الثورة كانت مناقشاتنا تتناول الشئون المعيشية العادية، أذكر أننا أردنا يوما الخروج في نزهة جماعية وبدأنا ننظر في الأماكن المقترحة، اقترح أحدهم أحد المطاعم الشهيرة علي النيل ولكن اقتراحه لاقي اعتراضا كبيرا فهو باهظ التكلفة وفي الوقت ذاته لايناسب صغار السن الذين لا يرحبون بالجلسة الهادئة، اقترح آخر أن ندخل السينما ولكنه أيضا وجد هجوما شديدا فهذا يريد فيلما عربيا وذاك يريد أجنبيا وثالث لايقبل هذا ولا ذاك.. استمرت الاقتراحات وفشل الواحد منها تلو الآخر وأخيرا طرحت فكرة حديقة الأزهر لم يرحب الجميع بها بشدة ولكن كان من الممكن التأقلم معها.. لك عزيزي القارئ ان تتخيل حال مناقشاتنا بعد الثورة، فالسياسة باتت تغلب علي كل المناقشات وتفاوت الآراء أصبح أضعافا مضاعفة، وازداد حدة مع انتشار حالة التخوين بين الاطياف السياسية في المجتمع، حتي إن البعض منا بدأ يتجنب اللقاءات العائلية لتفادي الخلاف، إذا كنا أبناء العائلة الواحدة لا نستطيع الوصول الي اتفاق كامل حول اتفه الامور، فما بالك بالقوي السياسية المختلفة التي اجتمعت لوضع دستور للحياة.. لا شك أننا يجب أن ننحني احتراما لكل من شارك في اعداد الدستور، فقد استطاعوا رغم شدة الاختلاف أن يواصلوا مناقشاتهم لمدة ستة أشهر، ويضعوا لنا دستورا حتي وان لم نرض عنه 100٪- فالرضا الكامل غاية لا تدرك. أعتقد ان المشكلة الحقيقية التي نواجهها اليوم ليست مشكلة الدستور، انما هي مشكلة أزمة ثقة نجح اعداء الوطن أن يزرعوها في نفوسنا، ما نحتاجه وبشدة هو استعادة الثقة فيما بيننا حتي نستطيع ان نتعايش معا ونتجاوز اختلاف الرؤي أيا كانت نتيجة الاستفتاء.