اختيار فيلم "رسائل البحر" لتمثيل مصر في تصفيات جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي والجوائز التي حصل عليها الفيلم مع أفلام "عصافير النيل" و"بالألوان الطبيعية" و"المسافر" من مهرجان الإسكندرية والحالة التي أحدثتها تلك الأفلام في كل المهرجانات التي شاركت فيها..وإعلان المهندس أسامة الشيخ عن اعتزام اتحاد الإذاعة والتليفزيون دعم عشرة أفلام..هذا هو بعض حصاد ما زرعه الفنان فاروق حسني في السينما المصرية، والذي سيحفظه له تاريخها. .فالأفلام التي ذكرتها هي تلك التي دعمتها وزارة الثقافة، فكانت مرة من المرات القليلة التي ذهب فيها الدعم لمستحقيه، كما ضربت الوزارة نموذجا يستحق التكرار، بعد الإشادة به، حين أنتجت فيلم "المسافر" الذي رغم الجدل المثار حوله إلا أنه رفع اسم مصر في كل المهرجانات التي شارك فيها وعلي رأسها مهرجان فينسيا وكان للفيلم شرف تمثيل السينما المصرية للمرة الرابعة خلال 66 سنة في مسابقته الرسمية.. وهنا، تكون التحية واجبة للدكتور فوزي فهمي الذي وضع النظام الداخلي لدعم الأفلام، وللناقد الكبير علي أبوشادي الذي تولي مهمة تطبيقه. ولا أبالغ لو قلت إن الدعم الذي قدمته وزارة الثقافة للأفلام المذكورة، مضافا إليه دعمها لفيلم "تلك الأيام" كان هو الدافع الأساسي لإنتاجها، أو للإنصاف أقول إنه شجع من أنتجوها علي دخول مغامرة إنتاج أفلام تختلف عن السائد وعما يتم عادة الرهان عليه، فالأفلام كلها تشترك في ابتعادها عن مقاييس ومعايير السوق، ولا تراهن إلا علي القيمة الفنية، وهذا في رأيي فإن ما يحدث الآن هو ما كان ينبغي أن يحدث منذ عام 1971 وهو العام الذي توقف فيه القطاع العام عن الإنتاج. وما من شك في أن نجاح التجربة كان هو الحافز الأساسي لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، خاصة أن الاتحاد له تجربة لا أصفها بأقل من المؤسفة في الإنتاج كان نتيجتها عددا من الأفلام "الهزيلة" بعضها لا يزال حبيس العلب حتي الآن! . أما الشيء المحزن والمؤسف هو وجود بعض من حاكموا فيلم "المسافر" بمعايير السوق، وحاولوا أن يطبقوا عليه نفس المعايير العقيمة، والتي لا تعلي إلا من قيمة شباك التذاكر، ورغم أهمية الإيرادات، فإن مكانها وأهميتها ينبغي أن تكون خارج أي حسابات حين تتدخل الدولة أو إحدي مؤسساتها. ولولا ضيق المساحة لعرضت وحكيت وضربت عشرات الأمثلة لأفلام خاصمها الجمهور وقت عرضها، وأنصفتها الأيام كما أنصفها الجمهور أيضا الذي لا يمل من مشاهدتها عند عرضها علي شاشات القنوات المختلفة. إن تجربة وزارة الثقافة في دعم الأفلام تصلح لأن تكون هي الأصل الذي تقيس عليه وزارة الإعلام مشروعها لدعم السينما. إنها تجربة وزير فنان، يثبت كل يوم أن الصفة الثانية تسبق الأولي، وأن رهانه دائما علي ريشته التي قدمت لنا خلال عام 2009 لوحة للسينما المصرية يتجدد "بروازها" مع كل مهرجان سينمائي دولي أو محلي. زوم أوت: سيذكر تاريخ السينما للوزير الفنان فاروق حسني أنه أعاد الروح للسينما المصرية، وستبقي تجربة دعم وزارة الثقافة للأفلام التي دعمتها علامة فارقة ومثالا بارزا للدور الذي ينبغي أن تقوم به الدولة تجاه إحدي ركائز قوتها الناعمة.. تجاه السينما المصرية.