أرجو ألا تنسينا الأحداث المتتابعة ضرورة التوقف بالدراسة الجادة لآثار هذه الأحداث علي عالم لا نملك الانعزال عنه، وعلي منطقة أصبحت مزيجا من رمال ناعمة تغوص فيها الأقدام، ونيران مشتعلة تهدد الجميع!! محاولة الانقلاب في تركيا وتطوراتها لا ينبغي أن تجعلنا نسدل الستار علي الحادث الخطير الذي شهدته مدينة «نيس» بجنوب فرنسا حيث اقتحمت سيارة شحن جموع المحتفلين بعيد الثورة الفرنسية لتترك وراءها أكثر من ثمانين ضحية وأكثر من مائة وخمسين مصابا منهم حوالي عشرين في حالة الخطر، ومنهم خمسون طفلا خرجوا ليعانقوا الفرح في عيد وطني ليدهمهم من لا يعرف معني للوطن ولا قيمة للانسانية، ولا يشغله إلا القتل والكراهية للبشر أجمعين. الكارثة مروعة بكل المقاييس. وعلينا أن ندرك أن كشف الضحايا لن يقتصر علي من سقطوا في هذه المدينة الفرنسية الجميلة. وإنما نحن كعرب ومسلمين سنكون ضمن الضحايا، ولعل شعوبا أخري ستلحق بنا. نحن -كعرب ومسلمين- سندفع ثمن الجريمة وغيرها من الجرائم التي يرتكبها هؤلاء الوحوش الذين لا ينتمون للبشرية إلا شكلا. ولقد كان خطيرا بلا شك أن ينسب للرئيس الفرنسي «أولاند» بعد الحادث قوله «إن فرنسا كلها تقع تحت تهديد الإرهاب الإسلامي!!». أن يأتي هذا من رئيس ينتمي للاشتراكية والعلمانية والعقلانية.. فماذا نتوقع من اليمين العنصري المتعصب؟ وكيف سيتم التعامل مع عشرات الملايين من العرب والمسلمين في اوروبا؟ وهل كانت هذه احدي المهام التي انشئت من أجلها داعش ووقفت أجهزة المخابرات الغربية مع الإخوان وتوابعهم من المنظمات الإرهابية؟! وهل سيكون الإرهاب بعملياته الحقيرة هو الرافعة لأمثال السياسة العنصرية لوبان لتصل لرئاسة فرنسا، ولهذا المهرج اليميني المتطرف «ترامب» ليصل لرئاسة أمريكا بعد شهور؟! ويبقي العبء الأكبر علينا كدول عربية وشعوب اسلامية كتب عليها أن تواجه هذا الإرهاب المنحط الذي انطلق (برعاية قوي عالمية واقليمية) ليدمر دولا عربية ويعيد تقسيمها ويزرع الحروب الطائفية في أرضها. ثم يكتب عليها -في نفس الوقت- أن تواجه حملة كراهية ضد الاسلام والمسلمين، وضد العروبة والعرب. وأن تتحمل مسئولية حرب فكرية لابد أن تخوضها لتجديد الفكر الديني، واستئصال جذور الإرهاب التي رعتها لعقود طويلة التي تدعي الاسلام وهي أكبر من تسيء إليه، وتدعي العروبة وهي الخائنة لها والمتآمرة عليها عبر التاريخ. ويبقي الحذر. لقد ضربوا في فرنسا وهي تحتفل بعيد ثورتها الكبري. ولا ينبغي أن ننسي انهم وجهوا لنا - قبل سنوات- ضربات في طابا ودهب وغيرها من أرض سيناء التي مازالوا يمارسون انحطاطهم بأعمال إرهابية رخيصة فيها. كانت ضرباتهم قبل سنوات في أعيادنا الوطنية مثلما فعلوا في فرنسا، ليقولوا انهم ضد معني الوطن، وضد الثورات التي تغير مجري التاريخ، كما هو الحال مع ثورة فرنسا، ومع ثورات مصر وفي مقدمتها ثورة يوليو المجيدة التي نحتفل بها بعد أيام. انهم يكرهون الوطن، ويعادون الثورة، ولا يعرفون إلا طريق الخيانة والعمالة وكراهية البشر أجمعين.