خطوة مهمة تأخرت كثيرا. أقصد تلك الدعوة الكريمة التي أطلقها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر لعلماء السنة والشيعة للاجتماع بالأزهر الشريف والجلوس علي مائدة واحدة لاصدار فتاوي من المراجع الشيعية ومن أهل السنة تحرم علي الشيعي أن يقتل السني، وتحرم علي السني أن يقتل الشيعي، وتفرز ثقافة التعايش والسلام. أعرف أن المتطرفين في الجانبين سيهاجمون دعوة الإمام الأكبر، لكن هذا لا ينبغي أن يثبط الهمم، أو يسمح بعرقلة هذه الخطوة المهمة. الفتنة المذهبية هي الخطر الأكبر الذي قد لا نحس به كثيرا في مصر ذات النسيج الوطن المتآلف، لكنها تعصف بالوطن العربي وبالعالم الإسلامي، وتحظي بدعم كامل من أعداء الأمة الذين يريدون اغراقها في هذا المستنقع، وادخالها في نفق الحروب المذهبية التي لن تخرج منها إلا بعد سنوات طوال وتدمير كامل. واذا كان لنا أن نضيف شيئا لدعوة الإمام الأكبر، فإننا نقترح أن تكون البداية في نطاق عربي، وربما بمشاركة ومعاونة من الجامعة العربية. وبحضور المراجع الشيعية العربية والقيادات السنية التي يختارها الأزهر الشريف. إن نقطة الخطر الآن أن المتطرفين السنة من الإخوان والدواعش يدعون تمثيل الإسلام ويكفرون الآخرين. وعلي الجانب الآخر تحاول إيران أن تنصب نفسها متحدثة باسم الشيعة في العالم كله.. وكلا القولين باطل في باطل!! الشيعة العرب.. هم عرب أولا وأخيراً، يدينون بالولاء لأوطانهم وتجمعهم عروبتهم، ويتجهون لمراجعهم الدينية في النجف وكربلاء في العراق المنكوب والمراجع الدينية العليا مثل الإمام السيستاني وغيره من أئمة الشيعة يدركون الخطيئة التي يرتكبها سياسيون يستغلون الدين بمساعدة إيران علي مد نفوذها في الوطن العربي. ونفس الشيء يحدث من جماعات ترفع راية الإسلام السني لتقيم خلافة وهمية، أو تخلق تنظيما دوليا يرفع شعارات طظ في مصر!! أو في غير مصر، لكي يؤكد عالميته المزعومة، ويبرر تدخله المرفوض في شئون الدول الإسلامية، ويعادي العروبة لأنها تقف حجر عثرة أمام إرهابه ومشاريعه التي لا تخدم إلا أعداء الأمة، ولا تنتج إلا التطرف والإرهاب ونشر الكراهية وتكفير الآخرين.. وهو ما يتمناه الأعداء، وما يضع المنطقة علي حافة الكارثة. كل التأييد لدعوة الإمام الأكبر. وكل الأمل أن يسعد ونهج إمامنا الراحل العظيم الشيخ شلتوت في التقريب بين المذاهب الإسلامية. ثم يبقي التأكيد علي أن هذه القضية ليست مسئولية علماء الدين وحدهم. بل هي مسئولية كل المثقفين العرب. ولعلنا نحن نحتفل بذكري الثورة الأم «ثورة 23 يوليو»، نتذكر كيف كانت الشعوب العربية تقف موحدة تحت راية العروبة وفي ظل المدالقومي. هل كان أحد يتساءل اذا كان عبدالناصر سنيا أم شيعيا؟ وهل كان هناك عربي يعلن أن مرجعية خارج الوطن العربي.. سواء عند أئمة إيران، أو عند خلافة تركية، أو عند تنظيم إرهابي «سني أو شيعي» يقودنا إلي ما نحن فيه الآن؟!