عرفت المحامي الشهير المشاغب مرتضي منصور، أيام لم يكن محامياً ولا شهيراً، لكنه كان مشاغباً، طموحاً متحمساً، في شبابه وهو وكيل نيابة نابه.. وربطت بيننا صداقة عمر، وجمعت أسرتي وأولادي بأسرته وأولاده صداقة جميلة دافئة، وأحببت شخصية مرتضي منصور من البداية، ورغم أن الناس يرون أن مرتضي شخصية عنيفة عدائية، ورغم أن بعضهم رسم له صورة خيالية، لكني عثرت في صدره علي قلب طفل صغير بريء.. وإنسان بسيط طيب القلب.. يضحك كالأطفال من قلبه، وتنزل الدموع من عينيه أمام أي موقف إنساني صادق يحرك المشاعر. واختلفت مع بعض آراء ومواقف صديقي مرتضي منصور، وعارضته ووجهت له نقداً وصل إلي التحذير، ولم يخرج هذا الاختلاف إلا بدافع حبي لصديقي وأهله، كان من رأيه أنه لن يخاف أحداً في هذا البلد، وسوف يواجه الأقوياء، ويتغلب عليهم. كان لسان مرتضي طويلاً ومازال من يومه، كان يقول للأعور »أنت أعور« في عينيه، وبكل بساطة يشتم أي مخطئ، مادام واثقاً من أنه أخطأ، وكان من الطبيعي أن يدفع الثمن. اعتقله المرحوم اللواء زكي بدر وزير الداخلية الأسبق، في قضية الريان الذي كان مرتضي منصور آخر محاميه، لكن مرتضي كسب المعركة وبالقانون.. وخرج من المعتقل، أكثر شهرة وأكثر قوة!. ويوم خروجه من المعتقل عدت من مطار القاهرة إلي بيته، قبل أن أذهب إلي بيتي، وتابعت معارك مرتضي منصور سواء في الانتخابات أو في نادي الزمالك، وكيف كان يكسب أغلب قضاياه، بالقانون، والقانون وحده. وفي السنوات الأخيرة لم يكن في مصر من لديه الجرأة، مثل مرتضي منصور لكي يهاجم علانية الدكتور زكريا عزمي، أقوي الرجال في البلد، وسمعته بأذني يشتم الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، في شرفة شقته في الاسكندرية. وتحول مرتضي منصور إلي »ظاهرة« وكان المرور يتوقف في أي شارع يمشي فيه، وكأنه من نجوم السينما أو الكرة، ويمكن أكثر! لكن الشهرة لا تعطي العسل طول الوقت، وكان من الطبيعي أن يكون لهذا الإنسان المشاغب أعداء كثيرون، ولم يدخل السجن في قضية »موقعة الجمل« التي اتهم فيها مع ابنه وابن أخته، لكنه كان قد دخل السجن في الماضي أكثر من مرة. واختفي مرتضي منصور من الحياة عندما تصاعد خلافه مع القضاة، وأحاطت قوات الأمن بيته وحاصرته شهوراً. تلك كانت أصعب أيامه، بيته محاصر بالشرطة، وكذلك مكتبه، ورغم أنه يعلم حب كثير من الناس له، لكن ليس كل الأصحاب والأصدقاء كانوا معه وقت المحنة! وحكمت المحكمة ببراءة المتهمين في قضية موقعة الجمل، وقال مرتضي إن الله وقف معه. في نفس اللحظة التي تنفس فيها هواء الحرية، وكان يتحدث في إحدي الفضائيات، عندما تدخل علي التليفون أحد مستشاري رئيس الجمهورية، وحدثت مشادة تحولت إلي مشاحنة، وانفعل مرتضي منصور، وعندما شعر بأن إهانة وجهت إليه. قال لمستشار رئيس الجمهورية : أنت .....! عاد رجل المشاكل.. وعادت المشاكل!