أثار إعلان وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في تقرير لها عن تراجع المساحة المزروعة بمحصول القطن في الموسم الصيفي الحالي إلي ما يقرب من نصف العام الماضي، حالة من الخوف حول مستقبل زراعة القطن في مصر بدءا من العام المقبل. وبلغ إجمالي ما تمت زراعته من محصول القطن خلال الموسم الزراعي الحالي 127 ألفا و149 فدانا بمختلف المحافظات التي تزرع المحصول وذلك بتراجع بلغ 121 ألف فدان عن العام الماضي والذي وصلت فيه المساحة المزروعة بالقطن إلي 248 ألف فدان، أي أن إجمالي ما تمت زراعته خلال الموسم الصيفي الحالي يصل إلي 51 % مما زرع العام الماضي، وهو أقل إنتاج يصل إليه القطن المصري منذ أكثر من 200 عام وتحديدا منذ عام 1805. ولم يتوقف الأمر علي ذلك فحسب، بل أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي كمية صادرات القطن المصري بلغ 112.7 ألف قنطار متري خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتي فبراير 2016، مقابل 246 ألف قنطار متري للفترة نفسها من الموسم السابق، بنسبة انخفاض 54.2٪، مرجعًا السبب لانخفاض المحصول من القطن. وأكدت الوزارة في تقرير لشئون المديريات الزراعية أن أسباب تراجع مساحات القطن طويل التيلة الموسم الصيفي الحالي عن العام الماضي تتمثل في المشاكل التي لحقت بالمزارعين خلال الأعوام السابقة وعدم وجود آلية تنفيذية لتسويق المحصول، وبيعه بأقل الأسعار، ولجوء الشركات إلي الاستيراد من الخارج لتخفيض أسعاره لجني أرباح، وزيادة تكلفة زراعته والتي تصل لأكثر من 9 آلاف جنيه للفدان، بالإضافة إلي ارتفاع أسعار الأرز مما جعل الفلاح يلجأ لزراعته بدلا من القطن، وكذلك عدم وجود دراسات اقتصادية تقدر المساحات التي ينبغي زراعتها بالقطن أو بأي محصول، وفقا لإمكانيات المصانع العاملة وأحجام تصنيعها، بالإضافة إلي القصور والخلل الذي يعاني منه قطاع الأعمال العام بسبب توقف القطاع عن تصنيع الغزل من القطن طويل التيلة، واستخدم القطن المصري في نحو 50% من صناعة الغزل، والاعتماد علي الاستيراد من الأقطان متوسطة التيلة. ومن جانبه أعلن د. عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أنه يتم عقد اجتماعات دورية بين الوزارة وبين كافة المسئولين عن القطن من مزارعين ومجمعيات من أجل وضع خطط عاجلة لمحاولة إنقاذه وإعادته لوضعه الطبيعي كأفضل قطن في العالم، مشيرا إلي أن آخر تلك الاجتماعات كان مع أعضاء جمعية شباب رجال الأعمال، لوضع خطة لإعادة القطن المصري إلي عرشه وصياغة رؤية مستقبلية لزيادة المساحة المزروعة والنهوض بالجودة خلال الموسم الزراعي الصيفي المقبل. وأضاف فايد أنه وضع سياسة صنفية للقطن، وتوفير نصف مليون فدان بذرة إكثار، فضلاً عن وضع خطة لتسويق محصول القطن في الموسم الجديد، وذلك للتيسير علي المزارعين، وضمان حصولهم علي السعر الذي أعلنته الحكومة هذا العام، حيث تقوم الإدارة المركزية للتعاون الزراعي بالإشراف عليها، بالتنسيق مع الجمعية العامة لمنتجي القطن، والتي ستتولي استلام الأقطان من المزارعين، وتوريدها للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، التي سيتم التعاقد معها لاستلام كميات الأقطان وفقاً للأسعار التي أعلنت عنها الحكومة. وأوضح فايد، أن قرارات اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، الخاصة بتحديد سعر شراء القطن من صنفي جيزة 86 وجيزة 87 ب1250 جنيها للقنطار الواحد، وسعر شراء القنطار من صنفي جيزة 90 وجيزة 91 ب1100 جنيه، لإنتاج موسم عام 2016، تأتي في إطار حرص الحكومة علي تشجيع المزارعين والحفاظ علي مصالحهم ورفع مستوي معيشتهم، فضلا عن الحفاظ علي أصناف القطن المصرية من خلطها بأصناف أخري، وجودتها العالمية المعروفة، حتي يعود القطن المصري إلي سابق عهده. وقال فايد إنه سيتم استلام الأقطان من المزارعين، وتوريدها للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، التي سيتم التعاقد معها لاستلام كميات الأقطان وفقاً للأسعار التي أعلنت عنها الحكومة، مؤكدا أن تلك المنظومة سيتم تعميمها علي كافة الجمعيات التعاونية الزراعية، بحيث تنشأ مراكز لتجميع المحصول من المزارعين، ودفع مستحقاتهم المالية فوراً، والتي أعلنتها الحكومة، وفقاً لدرجات التحكيم. ومن جانبه قال وليد السعدني رئيس الجمعية العامة لمنتجي القطن، إنه من المتوقع أن يشهد الموسم القادم أيضا تراجعا في زراعة القطن بسبب ضعف العائد علي الفلاحين، فضلا عن استمرار الاستيراد العشوائي من الخارج لاستخدامه في صناعة الملابس المحلية، مشيرا إلي أن القطن هذا العام وصل إلي أقل إنتاج منذ عام 1805 أي أقل إنتاج منذ 200 عام. وأكد أن هناك توجها الآن من الفلاحين لترك زراعة القطن وزراعة أصناف أخري وعلي رأسها الأرز بعد أن حددت الحكومة سعر الطن من الأرز ب 4 آلاف جنيه، فيما جاء قنطار القطن ب 1250 جنيه وهو عائد ضعيف للغاية إذا ما قورن بالمجهود الذي يبذل في زراعة هذا المحصول الاستراتيجي، مشيرا إلي أن خسائر الدولة جراء تراجع زراعة القطن تتخطي ال 800 مليون جنيه. وقال مجدي الشراكي رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، إن ما يحدث للقطن هو امتداد لما تشهده الزراعة المصرية من تخبط وعشوائية، فبعد انتهاء موسم القمح وما شهده من مشاكل وأزمات جاء الدور الآن علي محصول القطن ليشهد هو الآخر أزمات مماثلة سوف تتسبب في عزوف الفلاحين عن زراعته. وأكد أن أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع زراعة القطن هو عدم تطوير المحالج والمغازل الموجودة في مصر لتناسب تركيبة القطن المصري، حيث إن تلك المحالج تعمل علي حلج القطن قصير التيلة في حين أن القطن المصري طويل التيلة ذو قيمة عالية، مشيرًا إلي أن مصر كانت تزرع 2 مليون فدان من القطن ونتيجة لمشاكل تسويق القطن وغزله انخفضت المساحة إلي 292 ألف فدان فقط، ومنها إلي 127 ألف فدان. ودعا إلي تطبيق الزراعة التعاقدية لتسويق المحصول وإعطاء أمل للمزارعين بتحقيق هامش ربح من زراعة محصوله، موضحا أن أسعار محصول القطن ستشهد ارتفاعا غير مسبوق هذا العام، بسبب تدني المساحة المزروعة حاليا.