حمل الشهر الماضي «مارس» الذكري الواحدة والخمسين لرحيل الملك فاروق والذي توفي في 18 مارس 1956 عن عمر يناهز خمسة وأربعين عاما وبعد حكم استمر ستة عشر عاما.. ولد فاروق في قصر عابدين 11 فبراير 1920 واهتم والده الملك فؤاد الأول بتربيته لدرجة مبالغ فيها وكانت مربيته الانجليزية صارمة في التعامل متسلطة لدرجة اعتراضها علي تعليمات الملكة نازلي فيما يختص بتربية ابنها فاروق الذي اصبح وليا للعهد في سن صغيرة وحرص الملك فؤاد علي انتهاز أية فرصة ليقدم بها الامير للشعب الذي سيكون ملكا عليه وفي 28 ابريل 1936 توفي الملك فؤاد وترك لفاروق تركة ثقيلة تتمثل في حكم البلاد ووالدته نازلي واربع شقيقات فوزية وفايزة وفائقة وفتحية.. وعاد فاروق من انجلترا في 6 مايو 1936 وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد رسميا لجلوسه علي العرش ونصب ملكا خلفا لوالده واستمرت الوصاية عليه خمسة عشر شهرا.. استقبل الملك الصغير من الشعب استقبالا رائعا واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد ابيه الذي كان ينظر إليه علي انه ملك مستبد ويميل للانجليز.. استطاع رجال الحاشية صناعة صورة جيدة لملك شاب محبوب يفعل عكس ما كان يفعل والده فيظهر متواضعا محبا للشعب يقود سيارته بنفسه ويشارك في الاحتفالات الدينية بجوار علماء الدين ذي المكانة العالية لدي المصريين، وشاعت بينهم صورة الملك الصالح وفي بداية عهده.. غير ان حكم الملك الشاب انتهي فجأة بحركة الضباط الاحرار في 23 يوليو 1952 وانتهي الحكم الملكي لمصر حيث ارغم فاروق علي التنازل عن العرش لابنه الطفل احمد فؤاد وفي مساء 26 يوليو غادر فاروق مصر علي ظهر اليخت الملكي «المحروسة» وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديو اسماعيل عند عزله عن الحكم وهذا من سخريات القدر.. وطلب فاروق آنذاك المحافظة علي كرامته في وثيقة التنازل وطمأنه علي ماهر باشا رئيس الوزراء آنذاك انه ستكون مثل وثيقة تنازل ملك بلجيكا وغادر فاروق إلي روما منفاه الاختياري. كان فاروق طوال حكمه يتبرع للفقراء من أمواله الخاصة فتبرع للجمعيات الخاصة بالقاهرة والاسكندرية وكان يأمر باستقدام الطلبة العرب والافارقة للدراسة بالأزهر علي نفقته الخاصة وفي افتتاحه لمصنع الغزل والنسيج في يوليو 1944 تبرع لنادي العمال ودعا بعضهم للجلوس علي مائدته وأمر بركوب نقيب العمال بجواره في طريقه لزيارة ناديهم. أمر بتأسيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية عام 1945 لنشر الوعي التاريخي بين المواطنين وفي عام 1946 أمر بانشاء مجلس لمكافحة الفقر والجهل والمرض.. وتوجه إلي مجلس الوزراء داعيا اياهم لانشاء المجلس بكلمات ابرزها جئت إليكم لاطالبكم بحق الفقير في تخليصه من الفقر والجهل والمرض وتبرع كشخص مجهول للفدائيين الجامعيين لشراء أسلحة لحرب العصابات بمنطقة القناة وانشأ مدينة فاروق الاول للبعوث الإسلامية.. توفي ليلة 18 مارس 1965 في منفاه ثم عاد ليدفن في مصر بتعليمات من جمال عبدالناصر بعد رفض من الحكومة المصرية في احد المدافن وبعد عدة سنوات تم نقله ليدفن بجوار والده واسرته بمدافن الاسرة العلوية بمسجد الرفاعي وكأنما اراد القدر ان يحقق له امنيته في ان يدفن في المكان الذي اختاره من قبل. قالوا: حكي أحدهم كنت اروي موقفا محرجا حيث انسكبت القهوة علي قبل ان اخرج لتقديم الحفل فقالوا جميعا : وماذا فعلت؟ الا أمي سألت في لهفة هل اصبت؟ (جنتي انت يا أمي في حياتك وفي مماتك.. سلام عليك في عليين في جنة الخلد) وقالوا: بر الوالدين قصة تكتبها انت ويرويها لك ابناؤك وقالوا: لا يستطيع احد ركوب ظهرك الا اذا كنت منحنيا فاستقم.