استمرار مسئول ما في موقعه لسنوات طويلة يصيبه بالجمود ويسبب تصلب شرايين عقله وأفكاره. بقاء صاحب سلطة في منصبه سنوات طويلة يخلق منه طاغية لا يتحمل كلمة نقد أو مناقشة من أحد . لذلك كانت حكمة الغرب أن المسئول يتم تغييره كل عدة سنوات قبل أن يتجبر ويتكبر ويتكلس. وما حدث من تغييرات خلال الأيام الماضية في قطاع المخابرات والحرس الجمهوري والشرطة العسكرية وغيرهم في مجالات الأمن أمر كان يجب أن يتم منذ فترة . فالمسألة الأمنية في سيناء كانت قد وصلت إلي مرحلة من التدهور لدرجة أنها أصبحت خطرا يهدد الأمن القومي. لقد عاث الفساد والمفسدون في سيناء كثيرا خاصة في الفترة ما قبل يناير 1102 طغي رجال الشرطة وفسدوا لدرجة أنهم كانوا يسمحون ببناء الأنفاق مع غزة مقابل يومية تسدد من جانب المستفيدين من الأنفاق تصل إلي آلاف الدولارات. كانوا يفرضون إتاوات علي السيارات التي تعبر قناة السويس من خلال العبارات بل ويفرضون رسوما جمركية غير حقيقية علي السلع التي تعبر القناة مع المواطنين علي اعتبار أنها سلع مصدرة للخارج أي إلي غزة رغم أنه لم يكن هناك أي دليل علي أن تلك السلع ستباع في غزة. كانت الشرطة تمارس المرح وفي نفس الوقت تبذل أجهزة المخابرات الجهد لإصلاح ما تفسده الشرطة التي كانت تعامل مواطني سيناء بصورة سيئة تراكمت نتائجها لدرجة أن مواطني سيناء ضاقت صدورهم وتصرف بعض شبابهم بشكل يضر بالأمن. كان ضباط الشرطة يرفضون النقل من سيناء رغم أنها تعتبر من المناطق النائية وفي نفس الوقت كان بعض الضباط يستعينون بالوساطة لنقلهم إلي سيناء فالعائد المالي من الأنفاق كان يعتبره الضابط بمثابة بعثة للخارج »لتحويش قرشين« تمام.لقد انعصر قلب مصر عندما سمعت باستشهاد مجموعة من خيرة أبنائها علي الحدود ولم نعرف ممن ننتقم وممن نطلب حق الشهداء. إن دم هؤلاء الشهداء في رقبة الدولة ممثلة في مؤسساتها المختلفة من الجيش والمخابرات وأجهزة الأمن وكان من العيب أن يخرج رئيس جهاز المخابرات ليعلن أنهم أخطروا الجهات المسئولة!. فإذا لم يكن جهاز المخابرات من الجهات المسئولة عن الأمن القومي فما هي تلك الجهات المسئولة حتي يمكن معرفتها ومحاسبتها. كان من المهم أن تتضمن حركة التغييرات أيضا قيادات شرطية مثل مدير أمن القاهرة التي تحولت إلي مقلب زبالة وتشهد شوارعها فوضي لم تر مثيلا لها من قبل. لقد عاث المجرمون فسادا في العاصمة وكانت المبررات من قبل أن الشرطة لم تكتمل عافيتها وظلت لم تكتمل عافيتها إلي أن اكتملت عافية المجرمين وأصبحت الشرطة عاجزة عن مقاومة إجرامهم وفجرهم. لقد نامت شرطة القاهرة عن ذئابها فانطلقت الذئاب المسعورة تنهش في لحم مواطني العاصمة. أصبحت العائلات تخشي علي سيداتها وبناتها من الخروج ولو في عز النهار البلطجة صارت عنوانا لمناطق بعينها آخرها منطقة نايل سيتي التي أحرق البلطجية السيارات الموجودة أمام مبناها ودمروا منشآت بملايين الجنيهات. لقد »رحرحت« الشرطة وأصبح رجالها إما من الجبناء أو من المتخاذلين أو من المتآمرين مع البلطجية والمجرمين. وكان من الضروري أن يتخذ رئيس الجمهورية خطوة لتصحيح الأوضاع وإقالة بعض المتسببين في فوضي المجتمع المصري وكذلك الذين ألحقوا الأذي والضرر بسمعة الجيش المصري وجهاز المخابرات ذي السمعة الطيبة وبدا أمام العالم وكأننا لا نملك جيشا علي مستوي راق من الأداء والكفاءة أو أن جهاز المخابرات الذي يعد من أكفأ وأفضل أجهزة المخابرات العالمية وكأنه لا يعلم ما يدور داخل حدود بلاده وعلي مستوي بسيط. خطوة رئيس الجمهورية تصحح بعض الأخطاء وليس كلها ويجب الضرب بقوة علي كل متقاعس ومتهاون ومتواكل في حق بلاده.