ارتفاع سعر الذهب اليوم.. تعرف على سعر عيار 21    حدث ليلا.. شهداء بغزة وهجوم على قاعدة عراقية وكوريا الشمالية تختبر صواريخ جديدة    وفاة السوري محمد فارس ثاني عربي يصعد إلى الفضاء    كوريا الشمالية تختبر رأسا حربيا كبيرا وصواريخ مضادة للطائرات    ملامح التعديل الوزاري المرتقب .. آمال وتحديات    سعر الدولار اليوم في البنوك والسوق السوداء    الحق اشتري.. انخفاض 110 ألف جنيه في سعر سيارة شهيرة    موعد مباراة مانشستر سيتي وتشيلسي اليوم في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي    عمر مرموش يساهم بهدف في فوز آينتراخت فرانكفورت على أوجسبورج 3-1    تشكيل آرسنال المتوقع أمام وولفرهامبتون    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    ارتفاع جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 20 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    بركات قبل لقاء الأهلي: مباراة مازيمبي وبيراميدز شهدت مهازل تحكيمية    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    9 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء .. حدود الدم والموت
نشر في الوفد يوم 09 - 08 - 2012

لم تعرف سيناء طعم الحرية التي ذاقها الشعب المصري بعد ثورة يناير, ولكنها تذوقت مرارة وحزن البلطجة والإرهاب بعد أن تخلي الأمن عن دوره في تأمينها, حتي أصبحت مرتعا لجماعات الجهادية والإرهابية تنشر فيها سمومها وتلوث أرضها الطاهرة التي طالما صرخت في وجه الجميع تطلب التعمير والتنمية.
سيناء الآن لوحة سوداء بداخلها كل مظاهر الحزن والألم والعشوائية لم يعرف أهلها طعم البسمة, وعلي أرضها كتب الشهداء وصية بالدم والألم للحفاظ عليها وتأمينها وطرد العناصر الإجرامية منها.
ما حدث في سيناء الأحد الماضي كان نتاج الإهمال والتراخي رغم عشرات التحذيرات التي أطلقت, فالواقع فيها كان يشير الي ما سوف يحدث فمنذ عام تقريبا انتشر ملثمون في الشوارع يرفعون الرايات السوداء والأسلحة وهو ما كان ينذر بخطر لكن الأجهزة الأمنية وكأنها في عالم آخر أهملت الواقعة وتعاملت باستخفاف مع سيناء حتي تلقت الصدمة واللطمة الكبري بعملية إرهابية راح خلالها 16 شهيدا مصريا.
أصابع الاتهام تشير الي ثلاث جهات أولHها بالطبع إسرائيل وعناصر من غزة ومجموعة جهادية في سيناء ولكن الخبراء أكدوا أن الثلاثة تحالفوا لإسقاط الدولة وهز السيادة المصرية علي الحدود, وهو ما سيتوجب رد فعل قاس ومرض لأهالي الشهداء.
سيناء الآن لم تعد بلد الأمن والأمان, ولكنها أصبحت حدود الدم والموت ولابد الآن من القيام بإجراءات عاجلة لضبط إيقاع الحركة عليها وإعادة فرض السيطرة من جديد.
سيناء فى خطر.. تستغيث.. تتألم.. تطلب النجدة من الانفلات الأمنى والجماعات الارهابية التى تنمو فيها الآن، كل حبة رمل داخلها تنطق بالواقع المرير الذى عاشته على أيدى النظام السابق وزادت الأوضاع سوءاً بعد اندلاع الثورة.. غفل عنها الجميع حتى أصبحت تحت سيطرة جماعات متطرفة تعبث بها وبأمنها.. وكانت النتيجة الحادث الاجرامى الذى وقع مساء الأحد الماضى والذى راح ضحيته 16 شهيداً من رجال الجيش روت دماؤهم أرض سيناء الطاهرة لتكتب شهادة ادانة للجميع فالكل مدان فى الأحداث.
بعد قيام ثورة يناير انقلبت الأوضاع فى سيناء فغاب الأمن واستمر تهميش البدو، وانشغل القائمون على ادارة البلاد فى تلك الفترة بالصراعات السياسية وفى المقابل حدث نمو غير طبيعى للجماعات المتطرفة حتى انهم شكلوا قضاء خاصاً بهم، وكانت البداية التى تنذر بالخطر ظهور استعراض من القوى السلفية الجهادية المنتشرة فى سيناء، حيث تجولوا فى الشوارع بسيارات الدفع الرباعى ورفعوا الأعلام السوداء والأسلحة والمصاحف فى ميدان الحرية.
وجاء الصمت المخيب للآمال من جانب الأمن على تلك الواقعة بمثابة تشجيع ضمنى لانتشار العناصر الجهادية فى سيناء التى تعرضت على مدار ما يقرب من عام ونصف العام بعد اندلاع ثورة يناير الى عشرات الهجمات الارهابية التى لم تلفت نظر أى من القيادات الأمنية الى خطورة الوضع فيها ولم تتخذ أياً من الاجراءات الأمنية المطلوبة لتطهير سيناء من تلك العناصر بل هرب الأمن منها وأصبحت أقسام الشرطة خالية من العاملين بها وفى مقدمتهم الضباط، وكانت النتيجة أن تجرأت هذه الجماعات على الجيش وهاجمته وقتلت 16 من رجاله.
سيناء ضحية الانفلات السياسى الذى تعيشه مصر فكل القوى السياسية اخطأت فى حقها وكذلك الرئيس الذى لم يأمر بنشر الأمن الكامل فى سيناء بعد قرار فتح المعابر أمام الفلسطينيين، وأيضاً المجلس العسكرى الذى اهتم بالشأن السياسى اكثر من الجانب التأمينى للمناطق الحدودية حتى وصلنا الى مرحلة الخطورة التى تحتاج الى مراجعات شاملة من كل القوى والمؤسسات فى الدولة تجاه سيناء.
سيناء شهدت غياباً أمنياً واضحاً بعد الثورة كانت نتيجته تفجير خط الغاز الخاص بتصدير الغاز الى اسرائيل والأردن 16 مرة خلال أقل من عام ونصف العام، كما شهد كمين الريسة بجنوب العريش هجوماً مسلحاً على فترات متقاربة وصلت الى 25 مرة بالاضافة الى الهجمات المستمرة على قسم شرطة ثان العريش كما أن ميدان الماسورة الذى شهد الحادثة الارهابية تعرض لاطلاق النار على عدة أكمنة فيه وتعرض مقام الشيخ زويد الى التفجير ثلاث مرات متتالية.
تاريخ العمليات الارهابية فى سيناء بعد الثورة كبير، هاجم مسلحون فندق طابا السياحى دون خسائر، كما تم قتل مجندين وضابط فى هجوم مسلح على نقطة أمنية بمنطقة وادى فيران فى جنوب سيناء.
وفى اوائل الشهر الماضى قُتل جنديان مصريان فى مدينة الشيخ زويد أثناء تواجدهما فى دورية بالمدينة عندما تعرضا لاطلاق النار على يد ملثمين يستقلان دراجة بخارية، وبعدها بأيام قليلة خُطف سائحان امريكيان مرشدهما المصرى مقابل الإفراج عن أحد البدو.
الغريب أن الانهيار الأمنى الواضح فى سيناء وصل الى حد اهمال التحذيرات التى اطلقت من جميع الاطراف بما فيها اسرائيل والتى كشفت عن حقيقة ما يجرى فى سيناء فقبل اندلاع الحادث بثلاثة أيام دعا مكتب مكافحة الارهاب فى اسرائيل جميع السياح الاسرائيليين فى سيناء الى مغادرة المنطقة على الفور وذلك لوجود تهديد ملموس وكبير للغاية على حياتهم، وحصل المكتب على معلومات تؤكد أن منظمات ارهابية فى قطاع غزة وعناصر اخرى تواصل جهودها لارتكاب عمليات ارهابية واختطاف، وناشد المكتب جميع السياح العودة الى اسرائيل.
الاجهزة الأمنية تعاملت باستخفاف واضح مع هذا التحذير بل ان ردود معظم المسئولين عليه جاءت مخيبة للآمال بعد أن أكدوا أن التحذيرات عبارة عن مزاعم اسرائيلية تطلقها كل فترة لضرب السياحة فى المنطقة والاضرار بمصر فى حين أن الواقع عكس ذلك واثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجهات الأمنية لا تعلم شيئاً عن سيناء فى الوقت الذى تعرف فيه تل أبيب كل صغيرة وكبيرة فيها وتلك مصيبة كبرى.
الجماعات الجهادية وجدت طريقها فى سيناء وبدأت توسع من أنشطتها وحشدت عدداً كبيراً من الشباب لديها، خاصة بعد ان سيطرة الاسلاميين على المشهد السياسى وجاء الافراج عن عدد كبير من قيادات الجهاد مؤشراً لتلك الجماعات على ضرورة نشر فكرها.
ولكن حادث سيناء لا يبدو أنه من تخطيط التنظيمات الجهادية والارهابية فقط ولكن هناك ثلاث جهات اجتمعت حسب تأكيدات الخبراء لتنفيذ تلك المهمة على رأسها اسرائيل بالتعاون مع تنظيمات جهادية من غزة بمساعدة عناصر مصرية فى سيناء.
فطبقا للقاعدة الأمنية التى تقول «فتش عن المستفيد تصل الى الجانى» فالجهات الثلاث لديها مصلحة فى هذا الحادث فإسرائيل والذى يكشف رد الفعل السريع لديها وتدمير المدرعة فور دخولها أراضيها والتحذيرات المسبقة التى أطلقتها عن معرفة مسبقة تريد ان تغلق المعابر وتتوتر علاقة مصر بحماس وتريد أن يقوم الأمن المصرى بتنشيط سيناء كما أن هناك عناصر من غزة يهمها الوقيعة بين مصر وحماس بالاضافة الى أن هناك من داخل مصر من يريدون كسر هيبة الجيش المصرى والعدوان على السيادة المصرية.
اللواء جمال مظلوم – الخبير الاستراتيجى – قال: كان هناك عداء بين أهالى سيناء وبين الأجهزة الأمنية وحدثت مظاهرات من أهالى وأسر المعتقلين يطالبون بالافراج عنهم وبعد ثورة يناير تم الاعتداء على الأقسام وتدميرها وتوقفت الأجهزة الأمنية عن العمل حتى الآن وكانت نتيجة ذلك انهياراً أمنياً فى سيناء وهذا أدى الى اندلاع عمليات ارهابيه متعددة فيها.
وأضاف: إن الدولة أيضا تتحمل جزءاً من المشكلة الأمنية فى سيناء، خاصة أنها لم تبحث عن إعادة صياغة العلاقة بين أهالى سيناء والشرطة فكانت هناك تخوفات من رجال الأمن من العمل فى سيناء، خاصة بعد المحاكمات ولم يحدث تدخل لعلاج تلك القضية.
وأشار إلى أن مجلس الشعب يتحمل جانباً من الأزمة، خاصة أنه تفرغ للصراعات وخلق صدامات بين مؤسسات الدولة ولم يهتم بتشريع القوانين التى تعيد الشرطة الى عملها أو على الأقل المطالبة بتعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد، خاصة من الناحية الأمنية.
وقال مظلوم: إن وراء الحادث عناصر من غزة يعاونهم بعض المصريين ولا نستبعد دور اسرائيل التى من الممكن أن تكون المحرض أو المخطط والعناصر الارهابية نفذت فقط.
وأشار مظلوم الى أنه يوجد فى سيناء ما يقرب من 2000 من أعضاء التنظيمات الجهادية والارهابية وهذا رقم ضخم جدا ومخز خاصة أنهم يستخدمون السلاح بعنف وهم على درجة عالية من التفكير ويعاونهم بعض العناصر من غزة من المنشقين على حماس ولابد من تنشيط تلك المنطقة والقبض عليهم وإعادة تجفيف منابع الارهاب.
وقال اللواء محمد قدرى سعيد – مستشار الشئون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية – إن سيناء شهدت العديد من العمليات الارهابية قبل الثورة وبعدها وذلك نتيجة غياب الأمن والفراغ الأمنى والذى أدى الى انتشار جماعات إرهابية وجهادية تبحث فى الأساس عن الأماكن التى يغيب فيها الأمن وتستقر فيها ونتيجة فراغ الأمن فى سيناء انتشرت فيها على غرار ما حدث فى اليمن والصومال.
وأشار الى أن سيناء بها عدة أماكن جبلية عالية ومناطق يمكن للجماعات الارهابية الاختفاء فيها بسهولة، ولذلك لابد من شن حرب عشوائية على الارهاب مثل ما حدث فى مصر فى منتصف التسعينيات، وسيناء لابد أن يتكرر بها تجربة المدن التى شهدت حوادث إرهابية مثل القاهرة والاقصر وبعض المحافظات الجنوبية.
وقال: إن الجيش لابد أن يشارك الشرطة الأمن فى سيناء والأمن المركزى سيكون له دور أكبر فى تلك الحرب ولكن الجيش والشرطة فى حاجة إلى نوعية مختلفة من التدريب على حروب الارهاب خاصة أن نفس التدريبات تلقاها بعض الجنود فى التسعينيات.
وأشار الى أن دماء شهداء العملية الارهابية الاخيرة فى رقبة الاجهزة الامنية التى لابد أن تكون لديها معلومات عن ما يجرى دون الانتظار لما تقوله اسرائيل ويجب ان تكون لديها اسلحة وتدريب وقدرة على مواجهة تلك العناصر ولكن الأجهزة الأمنية انشغلت طوال الفترة الماضية بأمور خاصة بالسياسة وعليها أن تعود إلى ما كانت عليه.
وقال اللواء محمد على بلال – قائد العمليات العسكرية فى حرب الخليج – إن ما يحدث فى سيناء انعكاس لما كان يحدث فى مصر من أعمال فوضى خاصة بعد أن انتشرت حوادث العنف والفراغ الأمنى فى البلاد فكان من الطبيعى أن تنتقل تلك الظاهرة إلى سيناء التى شهدت فراغاً أمنياً نتيجة تدمير أقسام الشرطة والاعتداء عليها، ولكنها عادت إلى العمل بشعار «امشى جنب الحيط» وشعرت الشرطة بالخوف من المحاكمات فوقعت سيناء فى براثن الارهاب.
وأشار إلى أن هناك مجموعات ارهابية بلا شك فى سيناء ولكن لم يكن يحدث فى الماضى شن هجمات ضد الجيش وأعتقد ان هذه العملية مخططة بمستوى عال وقد يكون الجهاديون أداة التنفيذ فعلا، ولكن هناك جهات أكبر منها وراء ما حدث فالتخطيط جاء من اسرائيل والتنفيذ من غزة بمساعدة بعض العناصر المصرية التى لا تريد الخير للجيش المصرى.
وأشار اللواء محمد شفيق النجومى – الخبير الاستراتيجى – إلى أن العملية الانتحارية التى حدثت لا تتوافق مع سياسة اليهود والجماعات الجهادية مشهود لها بهذا الاسلوب كما ان القصف على معبر كرم أبو سالم يدل على أن الخطة كانت ممنهجة وواضحة وأعتقد أن الجماعة الجهادية عددها كبير الى حد التضحية ب 35 فرداً منها فى عملية واحدة.
وقال: إن الحادث الارهابى الأخير هو عملية اعتداء على السيادة المصرية ومقصود منها كسر الجيش المصرى والهدف الأكبر منها ضرب الرئيس، خاصة بعد تشكيل الوزارة واستقرار الدولة وفى الوقت نفسه هز الثقة فى المجلس العسكرى.
وأشار الى أن حماس ليس من مصلحتها تنفيذ هذا المخطط الارهابى خاصة أنها لا تريد إحراج الحكومة المصرية، ولكن هناك بعض المنشقين عن حماس أو من غير المنتمين لها خاصة ان اقتحام المدرعة للحدود الاسرائيلية ليس عملاً مصرياً ولكنه من الممكن ان يكون فلسطينياً، كما ان ضرب الطيران الاسرائيلى وحركة الانذار المسبقة والاستجابة لما يحدث تكشف أنها من الممكن أن تكون متورطة فى الحادث.
وقال: إن الجيش الثانى دخل سيناء بدون إذن من اسرائيل ودون الالتزام بالاتفاقية وذلك فى صباح الثلاثاء الماضى وذلك للانتقام من مرتكبى الحادث خاصة أن البيان نص على وعد بالانتقام من المخربين والمطلوب الآن لتحقيق ذلك عملية عسكرية شاملة فى مصر وداخل قطاع غزة للقبض على من أطلقوا النار أثناء الحادث بمساعدة حماس.
وأكد هانى سرى الدين – عضو المجلس الرئاسى لحزب المصريين الأحرار – أن الجميع مسئول عن ما حدث فى سيناء وهناك قصور فى الوضع الأمنى والدفاعى لسيناء منذ أكثر من عام والجميع الآن يعلم خطورة الموقف فمؤسسة الرئاسة مسئولة بعد أن قامت باتخاذ قرارات غير مدروسة بفتح المعابر والمجلس الاعلى للقوات المسلحة مسئول أيضا خاصة أنه انشغل بمشاكل الأمن الداخلى والسياسة أكثر من التأمين والنتيجة استشهاد 16 شاباً وتفاقم الوضع الأمنى فى سيناء.
وقال: إن الأمن القومى يفرض إعادة التنمية فى سيناء وليس عودة الأمن فقط ولابد أن نتحرك حتى لا يمتد التأثير الى السياحة والاستثمار وتكون رسالة بعدم الاستقرار فى مصر خاصة أن ذلك من الممكن ان يؤثر على القوات المسلحة لو لم يتحرك أحد.
وأكد طارق زيدان – رئيس حزب الثورة مستمرة – ان الخلافات الداخلية بين القوى السياسية وعدم الاستقرار السياسى سببان رئيسيان لما يحدث فى سيناء الآن، خاصة أنها المرة الأولى التى يتعرض فيها الجيش لمثل هذا الهجوم الارهابى كما أن النظرة الأمنية لسيناء لم تختلف وكانت كل القضايا والمشاكل الملحة فيها تعالج من الناحية الأمنية فقط.
وقال زيدان: إن الخطاب السياسى للتيار الاسلامى حمل بطريقة غير مباشرة تشجيعاً للتيارات المتطرفة بالاضافة الى أن فتح المعابر حدث بشكل عاطفى ولم يكن قراراً مدروساً وأبعاد الأمن القومى تفرض قراراً مختلفاً وضرورة الاهتمام بأمن مصر قبل أمن حماس.
وأشار إلى أن إهانة قيادات الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة سبب فى ما حدث بسيناء خاصة أن الجيش تعرض لتجريح واضح.
وقال عاصم عبد الماجد – المتحدث باسم الجماعة الاسلامية إن أجهزة الاستخبارات تتحمل جزءاً من الأزمة وحرس الحدود لديه قصور واضح فى التعامل مع الارهاب والأخطر أن الجيش نفسه انشغل بالعمل السياسى وهذا خطأ كبير ونفس ما يحدث لمصر الآن هو نفس ما حدث إبان الستينيات عندما انشغل الجيش بالسياسة وكانت النتيجة نكسة 1967 ولابد أن يعود الجيش إلى ثكناته بدلا من النزاع على السلطة مع الرئيس.
وقال: إن معاهدة السلام تغل يد الأجهزة الأمنية للعمل فى سيناء، كما أن هناك مجموعات تكفيرية فى سيناء ولو أن أجهزة الاستخبارات تعمل بقوة لما وصلنا الى ما نحن فيه.

الفريق حسام خير الله وكيل جهاز المخابرات السابق ل «الوفد»:
يجب استئصال الجماعات الإرهابية.. حتى لو تم دك جبل «حلال»
أرفض إجراء تنسيق أمنى بين مصر وحماس.. لأنها سلطة غير شرعية
رفض الفريق حسام خير الله، وكيل أول جهاز المخابرات العامة السابق عرض منظمة حماس إجراء تنسيق أمنى مع مصر، وأكد أن «حماس» ليست سلطة فلسطينية شرعية، ولكنها حكومة مُقالة وغير شرعية.
وأوضح خير الله أن الحادث الإجرامى الذى وقع فى سيناء يخص المصريين فقط، ومصر تعرف جيداً كيفية الرد على هذه الجريمة للتخلص من الارهاب.
وتعجب خير الله من طلب حماس، قائلا: كان أولى بحماس أن تقوم بإغلاق الأنفاق والسيطرة على العناصر الارهابية الموجودة على أراضيها، خاصة أن طلبها التنسيق الأمنى مع مصر ليس من المناسب، خاصة أن ما يهم مصر الآن هو القضاء على جميع أشكال الارهاب رغم عدم تخلى مصر عن دورها فى المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية لصالح القضية الفلسطينية فى المقام الأول.
وقال وكيل جهاز المخابرات السابق: لا أستبعد أن تكون هناك أيادٍ لحزب الله فى هذه العملية الاجرامية لسحب جزء من الاهتمام بها فى اتجاه آخر خاصة أن ايران تعمل على كسب الوقت لصالح مشروعها النووي، وأشار الى الجمعيات المتطرفة التى تحصل على مساعدات داخل قطاع غزة.
وقال خير الله: إن الحادث يحقق مصالح اسرائيل، مؤكداً أن اسرائيل تخترق الجماعات الفلسطينية بما فيها حماس والدليل على ذلك قيامها بتوجيه انذار الى رعاياها قبل الحادث بالخروج من سيناء وذلك بناء على توجهات جهاز المخابرات الاسرائيلية.
وأكد خير الله على ضرورة أن تقوم مصر بالرد على الحادث بمنتهى العنف لاستئصال أية جماعات ارهابية، ولو وصل الأمر الى دك «جبل حلال» مشيراً الى أنه لا خوف من اختراق اتفاقية السلام مرة واثنتان وثلاثاً طالما فى صالح أمن مصر القومى ثم نعود الى الاتفاقية الأساسية من أجل مصلحة الوطن.
مشيراً الى الاجتماع الذى عقد منذ شهر ما بين رئيس جهاز المخابرات المصرى وأحد المسئولين الاسرائيليين، ورفض الجانب الاسرائيلى تعديل الاتفاقية، فلايوجد أمام مصر الآن سوى الضغط على الولايات المتحدة وإن كنت شخصياً لا أثق فى الجانب الغربى فى الحكم.
وقال خير الله: إن سيناء مقسمة الى منطقتين أ، ب، منطقة «أ» يوجد بها 22 ألف جندي، و230 دبابة و480 مركبة أفراد مدرعة، ولكن القلق فى المنطقة «ب» الذى يوجد بها 4 كتائب لحرس الحدود وثلاث كتائب أمن مركزى وشرطة مدنية تمثل جميعاً 4 آلاف جندى يحملون أسلحة خفيفة ومركبات على عجل.
وقال وكيل جهاز المخابرات السابق ان الحادث فرصة هائلة أمام مصر لاخلاء سيناء من أية عناصر متطرفة مهما كلف الأمر مصر.
فاطمة عياد
تورط إسرائيل وحزب الله وجماعات التهريب
سينايوهات مذبحة «الماسورة»
تكشف الوجه القبيح لأعداء مصر
الأمن المصرى لم يستوعب الدرس
لا يمكن فصل العملية الإرهابية التى نفذت مؤخراً بمنطقة الماسورة فى رفح عن مسارات الأحداث الإجرامية التى زادت على 15 عملية خلال الفترة التى تلت ثورة 25 يناير 2011، وبهذه العملية الأخيرة التى راح ضحيتها 20 عنصراً من الجيش المصرى أصبحنا أمام ثلاثة سيناريوهات لتنظيم القاعدة الذى تحول من هيكل تنظيمى الى جماعات متفرقة ذات «فكر أيديولوجى تكفيرى، وتفتت الشبكة المنظمة إلى خلايا صغيرة، تعمل بمُفردها أو وفق تكليفات من جهات وأطراف مُتعددة، وفى بعض الأحيان يتم استغلالها فى تنفيذ عمليات قذرة بعلم وغير علم.
فى السيناريو الأول لا يمكن استبعاد تورط الموساد الإسرائيلى «بهدف إثارة القلق والترويج إعلامياً وعالمياً أن سيناء منطقة غير آمنة».
السيناريو الثانى «تورط جماعات التهريب» وذلك لإبقاء الأنفاق لتمر منها التجارة غير المشروعة وغير الشرعية، وذلك للحفاظ على المكاسب الطائلة التى تجنيها جراء تهريب الأفارقة والروسيات الى اسرائيل عبر غزة.
السيناريو الثالث «تورط حزب الله» ومن وراءه ايران التى تهدف لتحويل سيناء الى إمارة إسلامية تسيطر عليها، وتزرع شوكة فى قلب مصر السُنية.
أى أن كانت الكفة الأرجح للسيناريوهات السابق ذكرها أقرب للحقيقة فإن الإدارة السياسية المصرية فى كل الأحوال مُكبلة بنصوص اتفاقية السلام المعروف بكامب ديفيد، التى تحرم قواتنا المُسلحة من وضع قوات عسكرية لحماية سيناء من العمليات الإرهابية، واسرائيل تستغل تلك الاتفاقية لصالحها وتدعم وتخطط لعمليات قذرة لزعزعة أمن واستقرار مصر، لضرب السياحة، وتعطيل مسارات التنمية المصرية، خاصة بعد ثورة يناير، وتبذل كل جهودها لكى لا تتحقق الديمقراطية فى مصر.
يحدث ذلك بعد مضى أكثر من عام على عملية الهجوم المُسلح على قسم شرطة ثان العريش القريب من البحر، ففى نهاية شهر يوليو العام الماضى 2011 قام حوالى مائة من المُسلحين بمُحاصرة قسم شرطة ثان العريش، وتم الهجوم من خمسة محاور بساحل البحر متخذين الشاليهات المواجهة لقسم الشرطة ساتر لهم، مُستخدمين الأسلحة الثقيلة لمُحاولة إقتحامه وإحراقه، وكان بحوزتهم (مدافع الجورونوف والفيكر ومدافع آر. بي. جي. وبنادق آلية) وضعوها فوق عشر سيارات دفع رباعى حديثة ماركة لاندكروزر، فى مشهد استعراض للقوة وبأيديهم الرشاشات، ودارت معركة حقيقية استمرت 9 ساعات تم فيها تبادل إطلاق النيران بين عدد من قوات الشرطة وأكثر من مائة من عناصر الجماعات الإرهابية المُسلحة «قيل إنهم ينتمون إلى تنظيمات وجماعات مُتطرفة»، استنادا على أنهم كانوا حاملين المصاحف الى أعلي، ويرددون عبارات الله اكبر ونريدها دولة إسلامية.
وقد أسفرت العملية الإرهابية عن استشهاد خمسة بينهم ضابطا جيش وشرطة برتبة نقيب وثلاثة من المواطنين، إضافة لإصابة 24 بإصابات خطيرة، ونتيجة لحالة التوتر والرُعب التى سادت المنطقة آنذاك قامت عشرات الأسر بمُغادرة منازلها القريبة من قسم الشرطة هروبا من المعركة.
وكان من الواضح انها عملية إجرامية مُنظمة، قامت بها عناصر إرهابية على درجة عالية من التدريب على استخدام الأسلحة الاحترافية «التى تستخدمها القوات العسكرية النظامية المُتخصصة فى الجيوش، أى ليسوا من الهواة أو ممن يبحثون عن بضع جنيهات»، وكانوا ايضاً مُلثمين ويرتدون الزى الأسود الموحد ويرفعون أعلاماً سوداء, أى انهم قوة مُنظمة تتبع جهة ما أو دولة ما، وتلك معالم واضحة تؤكد ان ورائهم مصادر تمويلات مالية كبيرة، ولهم أماكن مُخصصة للتدريب العسكرى والتخطيط، ولهُم قيادات عسكرية وسياسية وضُباط اتصالات وعُملاء، ويقف من الخلف أحد الأجهزة الاستخباراتية.
قال أحد شهود العيان إن بعض المُسلحين قد وضع سلاحه بالقرب من منزله، وأثناء محاولته الخروج نهره بشدة وقال له: «ادخل جوه بيتك وإلا سأفرغ النار فى رأسك» مؤكداً أن لهجته العربية كانت غير سيناوية أو مصرية، وأشار آخر إلى أن ملامحهم كانت تؤكد انهم ليسوا من المنطقة أو المُدن والقرى المُحيطة بمدينة العريش , بعدما انكشف وجه أحدهم، وقال ثالث: « ان الاسلحة التى كانت بحوزتهم مزودة بأجهزة رؤية مُعظمة وليلية وبعضهم استخدم كاتم الصوت، وهى أنواع غير مُنتشرة لدى المُسلحين فى شبه جزيرة سيناء.
وكانت هذه المعلومات العلنية التى صاحبت العملية الإرهابية المُنظمة، إضافة لغيرها من المعلومات الأمنية السرية التى تملكها مُختلف الأجهزة الأمنية كفيلة وكافية لتحرُك موسع على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى، حفاظاً على أمن واستقرار وحياة الشعب المصرى، كما أن صورة وسُمعة وهيبة الدولة المصرية لا تقل أهمية.
وتجدر الإشارة إلى أن «الوفد» منذ نهاية العام الماضى 2011 قد دأبت على نشر تفاصيل مؤامرات وخطط استخباراتية تستهدف أمن وسلامة الوطن وكشفت النقاب عن اختراق الجاسوس «بيرنارد - هنرى ليفى» باسمه الحركى «الشخصية المُلتهبة»، الذى يرتدى قناع الناشط فى مجال حقوق الإنسان، إلا أن مُهمته الحقيقية هى اذكاء روح الفتن وإثارة الوقيعة والفوضى بالبلدان الساخنة بالمنطقة العربية وعلى رأسها مصر، وكيف أن إسرائيل روجت له فى وسائل الإعلام العالمية على أنه ناشط سياسي، كمدخل لتسهيل مهامه القذرة، فى تفاصيل أسرار رحلته للقاهرة إبان الثورة، والدور الذى قام به بتوجيهات من جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد»، هذا إضافة الى كشف عدد من المُخططات الإسرائيلية التى صبت مُعظمها فى هدف إسرائيل لإثارة القلق وزعزعة الأمن فى إطار عملية أطلق عليها الموساد الإسرائيلى «خطة الإرباك الحدودية فى سيناء»، وعملية أخرى عُرفت ب «المخلب الأحمر» للتجسس على مصر بعد الثورة، كما أجابت الوفد على سؤال غاية فى الأهمية يتعلق بأمن مصر تمثل فى: لماذا تريد إسرائيل إشعال الجبهة المصرية؟.. تعرضنا فيه للتهديدات التى أطلقها «إيهود باراك» وزير الدفاع الإسرائيلى بالمواجهة فى سيناء، كما كشفت «الوفد» أن إسرائيل لديها خطة استراتيجية عسكرية لتطويق المنطقة العربية بداية بشبه جزيرة سيناء،، وكان آخر ما كشفته «الوفد» الخميس الماضى هو أن: «الموساد لا يزال فى مصر تحت ستار المركز الأكاديمى الاسرائيلى بالقاهرة كبؤرة تجسس يعمل خلف أبواب مُغلقة، وأن مُخطط المرحلة الراهنة يكمن فى تجنيد عُملاء جُدد داخل مصر وإغراق البلاد بالسلاح وكذلك نشر الشائعات، وجاء ذلك فى تقرير سرى للمركز الأكاديمى تحت عنوان « أشواك ثورة ياسمين مصر تنهش فى جسد إسرائيل».
تقرير: سعيد السبكى
«مرسى» لم يوافق عليه وينتظر التفاهمات الدولية:
رهان المكسب والخُسارة فى مشروع المنطقة «الحُرة» مع غزة
اللواء نبيل فؤاد خبير الإستراتيجية العسكرية «للوفد»:
المشروع أمل يصعُب تحقيقه الآن ..ومصر لا تفرط فى أراضيها لا لعدو ولا صديق
الخبير الأمنى العميد حسين حمودة:
يقضى على ظاهرة التهريب عبر الأنفاق ويُفضل تنفيذه مرحلياً
لم تمض الا أيام قليلة على تجديد المُطالبة الفلسطينية بإنشاء منطقة تجارة حُرة بين مصر وغزة الا وجاءت العملية الإرهابية على النقطة الحدودية على معبر رفح، لتبدد آمال الفلسطينيين فى تنفيذ المشروع، فى وقت تتوزع الاتهامات بين تورط الموساد الإسرائيلى من ناحية، وأخرى تشير الى عناصر إرهابية دخلت الى سيناء قادمة من غزة لتنفيذ الجريمة، وثالثة تلقى التهمة تجاه جماعات الجهاد التكفيرية.
ففى ظل غياب الأدلة الدامغة عن الفاعل الحقيقى، واستهداف أمن سيناء، وعدم استقرار الأوضاع داخل غزة بسبب الصراع بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، دون مصالحة ووحدة موقف سياسى، ورهن الرئيس مرسى تنفيذ المشروع بانتظار التوصل لتفاهمات دولية، يبقى من الصعب تحقيق هذا المشروع خاصة وان الأمن المصرى القومى اصبح فى خطر بعد عملية الاعتداء على معبر رفح.
ويُعد مشروع التكامل الاقتصادى بين دول المنطقة حلما يُراود الشعوب العربية، ويرى القاصى والدانى تأخره كثيراً، ولا يُمكن إغفال انه تمت خلال النصف قرن الماضى عدة محاولات عربية فى هذا الإطار، وبعض من التجارب نجحت نسبياً وأخرى فشلت، أما الآن وقد عاد من جديد «مشروع منطقة التجارة الحُرة بين غزة ومصر» للحياة، وعادت معها الآمالَ الفلسطينية لتحقيق هذا الحلم بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية، بهدف كسر الحصار «الإسرائيلي»، والقضاء على «أنفاق التهريب» وعاد معها تباين الآراء والمواقف، ما بين ترحيب وتحفظ ورفض، تلقى «الوفد» الضوء على رهان المكسب والخسارة فى المشروع، أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وقبل كل ذلك حق السيادة المصرية على أراضيها، وفق القوانين الدولية.
ترحيب مشروط
يقول خبير الإستراتيجية الأمنية العميد «حسين حمودة»: ان هذا المشروع له فوائد اقتصادية وسياسية واجتماعية على الجانب المصرى والفلسطينى، حيث سينعش اقتصاد غزة المُتردي، ويُقلل من نسبة البطالة الكبيرة، بالإضافة لتنشيط الحركة التجارية فى منطقة شمال سيناء، وسيقضى على نسبة كبيرة من ظاهرة الأنفاق فى منطقة رفح، وهناك اتفاقية تم توقيعها فى أبريل الماضى بين رئيس الغرفة التجارية فى قطاع غزة «محمود اليازجي» مع رئيس غرفة تجارة شمال سيناء «عبد الله بدوي» لإنشاء منطقة تجارة حُرة على مساحة نحو مليون متر مربع، منها نحو 200 ألف متر فى الجانب الفلسطينى من مدينة رفح ونحو 800 ألف متر فى الجانب المصري، وقد تعثرت تلك الاتفاقية منذ ذلك الحين بسبب اشتراط مصر «إنهاء حالة الانقسام السياسى والجغرافى بين غزة والضفة الغربية أولاً»، وهو شرط يحمل رؤية أمنية مصرية، وقد انتقد وزير الاقتصاد فى قطاع غزة « د.علاء الرفاتى » موقف مصر فى عملية ربط تنفيذ المشروع بتحقيق المُصالحة، نظرًا ل«مُماطلة» حركة فتح فى تحقيقها وفقاً لقوله، وأضاف « حمودة »: أن هذه المنطقة ستكون شبيهة بالمنطقة الحرة فى «بورسعيد»، حيث سيستطيع التاجر المصرى أو الفلسطينى استيراد البضائع للمنطقة دون خضوعها للجمارك، وان الإشراف عليها سيكون من طرف القطاع الخاص، ولن تتدخل الحكومة المصرية والفلسطينية إلا فى الناحية المالية فقط حين خروج البضائع لغزة أو لمصر.
الخطر الأمنى القومى المصرى
وحول الخطر الأمنى القومى المصرى يؤكد « حمودة »: ان الخطر الحقيقى هو فى إبقاء الحدود مع غزة مُغلقة، وعلى عكس من بعض المخاوف المطروحة على الساحة السياسية فى مصر الآن، فإن مرور البضائع تحت العيون الأمنية والسيطرة المصرية أفضل بكثير من استمرار الأنفاق وحركة التجارة الغير مشروعة، هذا إضافة الى ان الفلسطينيين لن يضحوا بأراضيهم الفلسطينية فى سبيل طموح العيش فى شبه جزيرة سيناء الصحراوية، واذكر انه حينما كسر الفلسطينيون السور الحدودى مع مصر بداية عام 2008 ودخلوا الى سيناء اشتروا بضائعهم ثم عادوا لأراضيهم، فلا مخاوف من ما يُشاع عن هدف توطين الفلسطينيين فى سيناء، والأقرب للحقيقة ان هذه الشائعة تروجها إسرائيل بغرض التأثير السلبى على الرأى العام والإعلام المصرى، لأن مشروع منطقة التجارة الحُرة مع غزة سيضُر إسرائيل سياسياً واقتصادياً، حيث ان كسر الحصار على الفلسطينيين فى غزة سيُحدث انفراجة اقتصادية لها أبعاد سياسية ذات أثر اجتماعى، لأن غزة سوق كبير للمُنتجات الإسرائيلية، ستخسره فور تنفيذ المشروع.
إجراءات وترتيبات ضرورية
حول الإجراءات الضرورية المطلوبة قبل القدوم على تنفيذ مشروع المنطقة الحُرة بين غزة ومصر يقول حمودة: « لابد وان يكون أولاً لمصر اليد الطولى فى اتخاذ قرار سياسى سيادى من هذا النوع، ومن الذكاء السياسى والاقتصادى ان يتم تنفيذه بتدُرج مرحلى يعتمد على:
أولاً: تنظيم حركة التجارة التفضيلية التى تمنح ميزات متكافئة للطرفين المصرى والفلسطينى فى مثل هذا الاتفاق فيما يختص بالاعفاءات الجمركية والضرائبية وما شابه ذلك من رسوم وأعباء مالية.
ثانياً: التجارة الحُرة وفق ضوابط اقتصادية مُحددة، وصحية بالنسبة للمُنتجات والسلع الاستهلاكية خاصة المأكولات، يُراعى فيها تحقيق المصالح بتوازن تقبله كافة الأطراف.
ثالثاً: يؤخذ فى الاعتبار ان تكون مرحلتى التجارة التفضيلية و التجارة الحُرة اساسا لقيام سوق عربية مشتركة بين دول المنطقة العربية.
أما الخبير العسكرى فى الشئون الأمنية اللواء «نبيل فهمى» فيقول: « الأمر ليس بهذه البساطة لأن عليه مآخذ غاية فى الأهمية:
الجانب السياسى
ان غزة ليست هى المُعبرة عن دولة فلسطين، هى فقط جُزء من هذا الكيان، وليست لها صفة رسمية، والمؤسسة السياسية المنوط بها التمثيل الشرعى هى السُلطة الفلسطينية بقيادة « عباس محمود أبو مازن « الذى جاء للسُلطة بانتخابات شرعية، وأى تفاهمات بين غزة ومصر تكون فرعية باعتبار انها منطقة ملاصقة للحدود المصرية.
الجانب الاقتصادى
حينما يتم توقيع اتفاقية اقتصادية بن طرفين من الضرورى ان لهما مصلحة فى ذلك، وليس فوائد لطرف واحد دون الآخر، وموارد غزة محدودة جداً، إذاً فإن التكافؤ الضرورى غير موجود، وهل من المعقول ان يكون العطاء من الجانب المصرى لمنحهم الكهرباء يعيشون هم فى النور والشعب المصرى فى ظلام؟.. ونصدر لهم الغاز فى ظل معاناة المصريين بسبب عدم توافر طاقة كافية.
المأخذ الأمنى
حينما قامت اسرائيل بفك الارتباط بينها وبين غزة فعلت ذلك تحت وطأة ضغوط ونتيجة لحدة الصراع المُسلح، وقد عملت اسرائيل على ان تعيد الرابطة التى كانت تربط مصر بغزة قبل عام 1967، حينما كانت مصر هى المُشرفة على منطقة غزة، تحت قيادة الحاكم الإدارى لقطاع غزة، ومساعى اسرائيل فى حينه لإلحاق غزة بمصر كان بهدف حماية اسرائيل، لتلقى بالمسئولية الأمنية على مصر، وجاء رفض مصر لسبب إستراتيجى بعيد المدى يحمل رؤية أمنية وسياسية، على اعتبار ان غزة جزء اصيل من أرض فلسطين.
ويُضيف اللواء «نبيل فهمى»: انه منذ بداية القرن الماضى كانت هناك دوماً توجهات إسرائيلية للتواجد فى العريش وشبه جزيرة سيناء، وقد فشلت فى ذلك رغم الحروب العسكرية، ولا نخفى انه فى الوقت الحالى، ووفق المناخ السياسى فى مصر وفلسطين فإن مشروع مثل منطقة التجارة الحُرة من المُمكن فعلاً أن يُهدد الأمن القومى المصرى، لأن غزة غير مُنضبطة حالياً، أما فى حالة ما اذا تمت المُصالحة بين السُلطة الفلسطينية وحركة حماس فيكون وقتها لكل حادث حديث، لكن الحديث الآن عن إنشاء مشروع منطقة تجارة حُرة بين غزة ومصر يأتى فى إطار الآمال فقط، ويؤكد «فهمى» على ان الأراضى المصرية أمر مُقدس، مُشيراً الى انه بعد حرب 73 وعقد اتفاقية السلام مع اسرائيل كان جزء منها عمليات الانسحاب مُتعدد المراحل، أرادت إسرائيل التلكؤ فى تنفيذ الانسحاب لكن مصر مارست الضغوط السياسية، وكانت هناك حرب قانونية اخرى أبرزها أرض طابا المصرية، وانتصرت مصر فى تلك المعركة القانونية.
وأضاف اللواء «نبيل فهمى» مؤكداُ على ان مصر لا تفرط فى الأرض لا لعدو ولا لصديق، وان الحكومة المصرية الحالية بمُختلف تياراتها وان غلب عليها التيار السياسى للإخوان المسلمين لن تخرج على الشرعية والقوانين خاصة الملف الأمنى المصرى بكافة جوانبه، وان المصالحة الفلسطينية وكفالة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفى مُقدمتها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف أمر لا يقبل الجدل، فقضية الشعب الفلسطينى فى عقول وقلوب المصريين.
وجدير بالذكر ان الحكومة المصرية قد وافقت على زيادة ساعات العمل فى معبر رفح لتصبح 12 ساعة بدلا من 8 ساعات يومياً، كما تجرى فى الوقت الحالى دراسة الحالات الممنوعة من السفر عبر مصر، مع وعود بحل مشاكل الكهرباء والصحة عبر زيادة كميات الوقود القطري، والسماح بإدخال الأدوية إلى منطقة غزة، وبحسب مصادر «الوفد» الخاصة فإن الرئيس مرسى حتى الآن لم يوافق على إقامة منطقة تجارة، لأن هذا الأمر مرتبط بتفاهمات دولية لم تحسم بعد.
تحقيق يكتُبه: سعيد السبكى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.