يحقق الصيام للإنسان الصحة والحيوية وقوة الإرادة والعزيمة فضلا عن تقربه للخالق والروحانيات التي لا تتكرر ولا نشعر بمذاقها إلا في هذا الشهر الفضيل. في شهر رمضان يصاب البعض بتقلصات شديدة في القولون، مع انتفاخ في البطن يصاحبها تقلصات وغازات، نتيجة لاتباع بعض السلوكيات الخاطئة أثناء تناول وجبتي السحور أو الإفطار، ومن ناحية أخري يلاحظ الكثير من مرضي القولون العصبي بتحسن في أعراض عسر الهضم خلال فترة الصيام وخاصة عند تقليل كمية ونوعية الأطعمة الدسمة كالمعجنات والحلويات بأنواعها ، لذا يعد شهر رمضان فرصة جيدة لأصحاب القولون العصبي، للتخلص من الأعراض المزعجة التي تزداد غالباً مع الأكل أو الإفراط فيه. ويشير الدكتور مرسي محمد استاذ الجهاز الهضمي بجامعة اسيوط إلي أن للصيام قدرة شفائية لبعض الأمراض منها القولون العصبي ، لأن شهر رمضان يعد راحة لأجهزة الجسم كلها من الإجهاد الزائد الذي تتعرض له طوال العام ، فالقولون هو عبارة عن جزء من الأمعاء يبلغ طوله من 150 185 سم ، ويقوم باستقبال ما تبقي من الأغذية والعصارات من الأمعاء الدقيقة ، كما أنه يمتص ما تبقي من سوائل وماء ، وترتبط الإصابة بالقولون العصبي بشكل مباشر بالحالة النفسية للشخص ، لذا يساعد شهر رمضان كثيراً في استقرار القولون بسبب الهدوء النفسي للمريض فتزول أعراضه من ألم بالبطن وغازات وانتفاخات واضطرابات في الأمعاء من إسهال أو إمساك. وينصح د. مرسي بضرورة احتواء وجبة الافطار علي الألياف ويفضل أن يقسم مريض القولون وجبة الإفطار علي مرتين أي يقوم بتناول الحساء الدافئ في البداية مع حبة أو اثنتين من التمر، ثم يكمل وجبته بعد ذلك بنصف ساعة تقريباً، كما أن تنظيم أوقات النوم والعمل والراحة والطعام يساعد علي التخلص من اضطرابات القولون العصبي. نظام محدد ويشدد د. مرسي علي ضرورة اتباع مريض القولون لنظام محدد غذائي خلال شهر رمضان الكريم وذلك علي النحو التالي : أولا : تجهيز القولون للعمل في بداية وجبة الإفطار وذلك عن طريق البدء بتناول الماء مع التمر أو العصائر التي تقوم بتعويض نقص السكر في الدم ، وترسل بدورها إشاراتها العصبية للقولون للاستعداد ويكون ذلك خلال صلاة المغرب ، وهذه الدقائق القليلة لها فائدة مهمة وأساسية في تنظيم عمل القناة الهضمية بعد فترة الصيام. ثانيا: لابد أن يراعي في الوجبة الرئيسية الاعتدال في كمية الطعام والابتعاد عن الأطعمة الدسمة والسكريات مع الاقلال من البهارات والأغذية الحارة ، مع الاهتمام بتناول الخضروات الطازجة مثل البقدونس والخيار مع تناول كميات من الماء والسوائل التي تقي من الإمساك. ثالثا : يمكن تأخير السحور قدر المستطاع للسماح للمعدة بالهضم وللقولون أن يفرغ محتوياته، وتكون مكوناته لبناً وبعض الفاكهة مع الخبز الاسمر الذي يحتوي علي الألياف التي تساعد في الهضم وتقي من الإمساك. الصيام والسكر وعن تأثير الصيام في مرض السكر يقول الدكتور ابر اهيم الابراشي استاذ السكر بجامعة القاهرة : هناك ما لا يقل عن 8 ملايين مسلم مصاب بالسكري، ويتوق هؤلاء إلي الصيام في كل عام، مما يدفع الأطباء إلي ضرورة البحث في آثار الصيام في مريض السكر حتي يمكن توجيه المريض إلي ما فيه الخير ، وينقسم مرضي السكر إلي قسمين ، القسم الأول هم الذين لا يستطيع البنكرياس لديهم القيام بوظيفته وهؤلاء يكونون من صغار السن عادة وهؤلاء يحتاجون إلي الأنسولين في علاجهم ولا غني لهم عنه وهؤلاء لا ينصحون بالصيام أساساً حتي لا يتعرضوا للانخفاض أو الارتفاع المفاجئ في نسبة السكر في الدم وقد تحدث لهم غيبوبة من جراء هذا الارتفاع أو الانخفاض الشديد ، والقسم الثاني وهم مرضي السكر الذين يحدث لديهم ارتفاع في نسبة السكر في الدم نظراً لعدم إفراز البنكرياس للأنسولين بشكلٍ كافٍ وهؤلاء يتناولون الأقراص المخفضة لنسبة السكر حتي يعود لمعدله الطبيعي، وهذه الزيادة في نسبة السكر في الدم تنتج من كبر السن والممارسات الغذائية الخاطئة، وهذا القسم من مرضي السكري يمكنهم الصيام ولكن يجب عليهم تناول قرص مخفض لنسبة السكر قبل الإفطار وتناول قرص قبل السحور، ولكن يراعي تناوله لنصف كمية الدواء في السحور حتي لا يحدث انخفاض شديد للسكر أثناء الصيام. ويقول د. ابراهيم : ومن المفيد لهؤلاء المرضي ممارسة بعض الرياضة الخفيفة أثناء الصيام فعند القيام بفحص الصائمين من القسم الثاني تبين أن ممارسة الرياضة تعمل علي ضبط نسبة السكر في الدم أكثر من غيرهم من المرضي من نفس القسم ممن لم يمارسوا الرياضة. مريض الضغط اما بالنسبة لمرضي الضغط فيري د محسن إبراهيم، رئيس الجمعية المصرية لضغط الدم أنه لا توجد مشكلة إطلاقاً بالنسبة لمريض الضغط مع الصيام ولكن ينصح بالإكثار من تناول السوائل في فترة الإفطار حتي لا يصاب بالجفاف وينصح كذلك بتجنب تناول الأطعمة الغنية بالدهون والأملاح والكافين ، كما أن الامتناع عن الطعام كلياً في النهاريساعد علي استهلاك الدهون الزائدة مما يخفض نسبتها ويقي من تصلب الشرايين وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم. مرضي القلب اما بالنسبة لمريض القلب فيقول د. عادل البنا عميد المعهد القومي للقلب : من المتعارف عليه أن هناك احتياطات غذائية خاصة يجب أن ينتبه إليها مرضي القلب حيث تعتبر عاملاً كبيراً في علاجه إذ يعتمد عليها كجزء كبير من علاجه بحيث يجب تنظيم طريقة تناوله للطعام وذلك بالإقلال من الكمية والإقلال من تناول الأملاح والدهون.. وهذا والامتناع عن الطعام من خلال الصيام يخفف العبء علي القلب بنسبة 25٪ علي الأقل حيث يقل المجهود الذي يقوم به القلب بانخفاض ضخ الدم ومن هنا يتقوي القلب تدريجياً بالصيام، ولكن علي مريض القلب مراعاة تنظيم الأدوية التي يتناولها بمساعدة طبيبه . الصيام والبدانة ويقول د. محمد المنيسي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد : أن الصيام يلعب دوراً كبيراً مع البدانة حيث يؤدي الامتناع عن الطعام إلي تقليل نسبة الدهون في الدم عامة وللشخص البدين أن يستغل هذه الفرصة في التعود علي الجوع حتي لا تكون هناك مشكلة في تقليل الطعام فيما بعد ويشعر الصائم بالجوع لمدة 4 أيام تقريباً ثم يتلاشي الشعور بالجوع بعد ذلك ويمكن للبدين أن يتبع نظاماً غذائياً خالياً من الدهون ومتوازناً في سعراته عند الإفطار، وبهذا تستمر الفائدة وينجح في الإقلال من وزنه ويحمي نفسه من الأمراض المتوقعة بسبب البدانة. نصائح للصائمين اما د. مجدي بدران استشاري الحساسية والمناعة فيقدم نصائح عامة للصائمين قائلا: أن وأغلب المرض يأتي من البطن، أي من الممارسات الغذائية الخاطئة فهي مصدر كل داء، فالإفراط في أي نوعٍ من أنواع الطعام مهما كان مفيداً ومهماً كان الإنسان مغرماً به يكون له مضاره الجسيمة بمرور الوقت ، فالدهون والأملاح والكافيين عند الإفراط فيهم يصاب الإنسان بالأمراض الخطيرة كتصلب الشرايين وضغط الدم المرتفع وكذلك الإفراط في تناول السكريات والنشويات له مضاره أيضاً، فأقل الضرر إن لم يكن المرض هو السمنة التي هي بداية كل داء والصيام فرصة لكي ننعم بصحة جيدة لذا يجب ألا نفسد فوائد الصيام الصحية بسبب بعض الممارسات الخاطئة. ويضيف : ومن الخطأ أن نجد الصائمين بمجرد سماعهم أذان المغرب يعوضون حرمان اليوم كله بتعبئة المعدة بما لذ وطاب من كافة الأطعمة وخصوصاً الدسمة منها، ثم تناول الحلويات الرمضانية المشبعة بكميات هائلة من السكر ثم العمل علي إزاحة كل هذا بالماء أو بالمياه الغازية فتتوقف المعدة وتحدث التخمة ويحدث الخمول ولا يكون الإنسان نشيطاً في إقباله علي صلاته التي تزداد جرعتها بصلاة التراويح في رمضان وتحتاج إلي جسد خفيف غير مثقل يؤديها كما تحتاج إلي عقل يقظ يعي ما يقوله فالإفراط في الطعام يؤدي لتحول الدورة الدموية إلي المعدة وقلة توجهها للحركة والمخ ، ولا شك أن هذا الأسلوب في تناول الطعام هو السبيل إلي المرض وليس الصحة وإلي زيادة نسبة الدهون والكوليسترول في الدم وإلي زيادة الوزن كذلك.