كل سنة وانتم بكل الخير كل سنة ومصرنا الحبيبة اكثر اصرارا وعزما وقوة علي ان تجتاز المحنة الصعبة التي نعيشها والتي اعتقد اننا جميعا مسئولون عنها، حتي وان اختلف قدر المسئولية من مواطن لآخر. يأتي الشهر الفضيل ليكون فرصة سانحة لكي نتأمل فيها جميعا الحصاد الذي جنته بلادنا والذي انعكس علي كل شيء فيها بعد ثورة 52 يناير التي رفعت شعارات الحرية والكرامة والعدالة، والتي لم يتحقق منها شيء سوي وعود وآمال كاذبة لم تعد ترضي أحداً. حصاد سوف تحاسبنا عليه أرواح الشهداء الابرار الذين قدموا ارواحهم فداء لها إن نحن قصرنا او اهملنا في تحقيقها. حصاد يجب ان نتكاتف ونتعاون جميعا في ان نخفف طعم مرارته وقسوته وآلامه وقبل ان يتحول إلي وبال سوف ندفع جميعا ثمنا فادحا له. وأعتقد واثقا ان ذلك لن يتحقق إلا اذا اتجهت ابصارنا جميعا الي المستقبل وبعيدا عن جلد الذات والتوقف امام الاخطاء البشعة التي شارك فيها الجميع والتي قد تأخذ بلادنا لمنعطفات خطيرة نوشك بالفعل ان نقع فيها، فمصر تشهد حالة من الانقسام والانفلات والفوضي لم تعرفها طوال حياتها. ان تبادل الاتهامات ولغة التخوين والعمالة ومحاولات الاستقواء التي تقوم بها كل القوي السياسية في مصر تأخذنا جميعا الي حالة من الفراغ والخواء والوهن والضعف الذي لاينفع معه الندم علي اننا نفوت أكبر فرصة تاريخية للتحول الحقيقي نحو الديمقراطية وسيادة القانون واعلاء قيم الكرامة والعدالة. لم يعد هناك أي مجال لكي نستعرض الاخطاء او نلقي الاتهامات امام حقيقة اقتصاد يتهاوي ويخطيء البعض كثيرا عندما يعتقدون ان الحل يكمن فقط في الحصول علي القروض والمنح والمساعدات. لأن الحقيقة تؤكد انها خيارات لم تعد متاحة بكل الوضوح والصراحة، فلا أحد يقوض بلداً يتجه كله بسرعة إلي الانهيار والانقسام والفرقة. قد يبدو في الافق اننا سنواجه نوعا من الخجل المر حتي مع اقرب الاصدقاء والاشقاء والذين تغيرت كل حسابات وموازين القوي امامهم وهم يرصدون عن قرب مجتمعا يتفكك وينهش في جسده ألد اعدائه وخصومه وللاسف كلهم من ابنائه والذين يتسارعون علي كعكة لم ولن يروها بعد. نعم لست متفائلا ولكن لايزال للامل دبيب في قلبي ونفسي امام تعهد واضح قطعه الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بأنه سيكون رئيسا لكل المصريين وهو تعهد سوف تؤكده او تنفيه الايام القادمة واذا كنا لانملك الآن سوي تصديقه فإننا مطالبون بأن نؤدي ماعلينا. أزمة لم تعد مقصورة فقط علي اقتصادنا وانما امتدت لتشمل اخلاقياتنا وسلوكنا وسقوط هيبة القانون والتي تشكل خطرا بالغا. إن لغة الوعود والامال الزائفة التي يروج لها البعض علي مدي الايام التي اعقبت 52 يناير قد اعلت من سقف التوقعات والمطالب التي ينادي بها معظم المواطنين والتي اعتقد انها ستكون تحديا صعبا ان نحن تعاملنا معها بأسلوب عقيم وهو الاحتواء او الاستجابة الفردية لمطالب بعض الفئات دون الاخري لان ذلك جعل من الفوضي والمطالب الفئوية حالة عدوي تنتشر في المجتمع كله. ورغم ان الرئيس الجديد قد بدأ عمله برسائل اجتماعية تؤكد احساسه وقربه الشديد من المواطنين وخاصة اصحاب الدخول المحدودة من خلال علاوة اجتماعية إلا ان الظروف الصعبة التي يعانيها الاقتصاد تتطلب مواجهة شاملة وكاملة يعرف الناس فيها الحقائق كاملة. واعتقد ان الحكومة الجديدة لابد ان تعيد النظر في مناخ الاستثمار والظروف الصعبة التي يعانيها القطاع الخاص لانه يمثل القاطرة الحقيقية للتنمية ولأي مشروع للنهضة. وسام لقضاة مصر اشعر بالحزن الشديد وانا اتابع الحملة القاسية التي يتعرض لها قضاء مصر الشامخ بكل رجالاته. وخاصة خلال الفترة الاخيرة والتي وصلت الي حدود خطيرة يصبح التجاوز عنها تفريطا فادحا. لقد عقد الرئيس الدكتور محمد مرسي اجتماعا مع رجال القضاء لم يكشف النقاب للاسف عن محتواه ومادار فيه باستثناء بعض العبارات الاعلامية التقليدية عن العدالة وسيادة واحترام القانون والقضاء. غير ان الواقع مازال يؤكد ان هناك اصرارا متعمدا من جانب بعض جماعات الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والعديد من القوي السياسية لمهاجمة القضاء ورجالاته وبما يتجاوز كل حدود النقد الموضوعي وفي اطار احترام القانون والتي تفرض هيبة خاصة لرجال القضاء واحكامهم. يتناسي الجميع حقيقة دور القضاء وعدالة قضاة مصر في كل الانتخابات التي تمت سواء البرلمانية او الرئاسية والتي تؤكد حيادهم ونزاهتهم وستصبح اوسمة ونياشين علي صدور قضاة مصر علي مر التاريخ.. تناسي الجميع الظروف الصعبة التي يعمل فيها القضاة مصر وعدم تأثرهم بأية ضغوط وصلت الي حدود الاعتداء عليهم داخل حصون العدالة ونعتهم بألفاظ وكلمات تمثل اعتداء اثيما علي الشرعية التي يمثلونها واعتداء علي شعب مصر بأكمله. واذا كان المستشار الجليل أحمد الزند والمستشارة تهاني الجبالي قد نالا قسطا وافرا منها فإن مكانتهما في قلوب الشرفاء من ابناء مصر تعلو كل يوم، وهما يحاولان مع الشرفاء من رجال القضاء ضد تلك الهجمة الشرسة والاعتداء السافر علي آخر الحصون المنيعة والباقية في بلادنا.