حسام الدين ناصر في وقت تحتاج فيه البلاد الي زيادة الانتاج وتشغيل الطاقات العاطلة، مازال عدد من المصانع والشركات يشكو من نقص التمويل ويعاني من التعثر، ورغم إعلان وزير الصناعة أكثر من مرة سعيه لحل مشكلات تلك المصانع واتاحة التمويل لها، ورغم الاجتماعات المتكررة لمسئولي البنوك مع جمعيات المستثمرين ورجال الأعمال مازالت المشكلة قائمة، ومازالت صيحات أصحاب المصانع تتعالي وأعداد العالميين تتزايد. ما هي العوائق التي تواجه البنوك وتحد من قدرتها علي توفير التمويل المطلوب لتلك المصانع؟ وكيف يمكن الخروج من هذه المشكلة. خبراء العمل المصرفي يختلفون في النظر للمشكلة، فالبعض يري أن السبب الرئيسي في عجز البنوك عن مساندة المتعثرين يرجع إلي قواعد التعامل مع المتعثرين التي أقرها البنك المركزي عام 2005 وتم تحديثها وتطويرها مطلع هذا العام، وبدأ العمل بها أوائل الشهر الجاري، ووفقا للتعديلات الأخيرة فإن كل عميل يتعثر ويتم عقد تسوية معه أكثر من مرتين، أو يضطر البنك لإسقاط جزء من مستحقاته لإتمام التسوية يوضع علي القائمة السوداء، ويحظر عليه الاقتراض من البنوك لمدة ثلاث سنوات، إلا إذا اقترض من ذات البنك المتعامل معه، أو أخذ موافقة ذلك البنك علي أن يحصل علي تمويل من بنك أو بنوك أخري.. البعض يري أن هذه القواعد هي السبب الرئيسي في عجز البنوك عن مساندة العملاء المتعثرين وتمويلهم، بينما يري آخرون أنها تحمي العميل والبنك، وأنها لم تغلق الباب أمام المتعثرين، إنما نظمت التعامل معهم، ومن أصحاب هذا الرأي اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر إيران والذي يري أن البنوك لابد أن تساند العملاء المتعثرين ليستمروا في نشاطهم، ويقول وسائل ذلك عديدة منها تخفيف الفوائد وإعطاء فترة سماح، وضخ تمويل إضافي أو تحويل جزء من المديونية إلي رأس المال.. كل ذلك يمكن طرحه لمساندة العميل، وإعادة جدولة مديونته.. أما عملية التسوية التي يترتب عليها إعفاء العميل من جزء من أصل الدين فهذه تعتبر تصفية وليست مجرد تسوية، مثل هذه الحالات تنطبق عليها القواعد المحددة من البنك المركزي، وفرصتها في التمويل تشترط الرجوع لنفس البنك أو علي الأقل أخذ تصريح منه للاقتراض من بنك آخر وذلك لحماية البنك والعميل أيضا. ويؤكد اسماعيل حسن أن هذه القواعد لا ينبغي أن تتخذ حجة لعدم توفير التمويل متي أمكن تدبيره ومد العميل بتمويل إضافي منضبط بما يساعده علي تشغيل مصنعه أو وحدته الانتاجية، فالمهم هو العمل علي زيادة الانتاج لمواجهة البطالة وتحقيق النمو، ويري اسماعيل حسن أن السوق يحتاج شركة رأس مال مخاطر قوية برأس مال ضخم قد يصل إلي مليار جنيه، لتكون قادرة علي لعب دور جاد، ويضيف قائلا: هذه الشركة يكون دورها مكملاً لدور البنوك وليست بديلة عنها، أما مهمتها فتتمثل في تمويل المصانع والشركات المتعثرة في صورة زيادة لرأس المال، وتكون شريك بنسبة قد تصل 25٪ وتلعب دوراً مهما في الادارة واتخاذ القرارات، وبعد أن يتحسن الوضع تتخارج وتطرح أسهمها للبيع. حسام الدين ناصر الخبير المصرفي ومستشار وزارة التخطيط والتعاون الدولي سابقا يؤكد ان القيود والقواعد الصادرة عن البنك المركزي في منح التمويل، تعتبر العميل المتعثر عميلاً غير كفء وتضعه علي القائمة السوداء لمدة 3 سنوات، وتمنعه من التعامل مع البنوك، ويقول إن الحالة الوحيدة التي تسمح للمشروعات المتعثرة بالحصول علي التمويل من البنوك ولا تضعها علي القائمة السوداء هي الحالة التي يتم فيها سداد جميع مستحقات البنك دون الحصول علي أي خصم أو تنازل من البنك، فهذه القواعد تطبق بغض النظر عن اسباب التعثر.. رغم أن 40٪ من حالات التعثر المتسبب فيها هو البنك- لمنحه التمويل بأسس غير سليمة- ونتيجة لهذه القواعد لا يستطيع البنك مساعدة العميل المتعثر مهما كانت قناعته بصحة موقفه، ويطلب حسام الدين ناصر اعادة النظر في القرارات الخاصة بوضع المتعثرين علي القوائم السوداء لتأخذ في الاعتبار اسباب التعثر، فلا يوضع علي القائمة السوداء من تعثر لاسباب خارجة عن ارادته، أو نتيجة لخطأ من البنك، ويؤيد د. حافظ الغندور المستشار المالي وعضو مجلس ادارة البنك الأهلي سابقا مطالب تعديل قواعد منح الائتمان وقواعد التعامل مع المتعثرين إلا أنه يري ان المشكلة تتمثل في القدرة والجرأة علي اتخاذ القرار أكثر منها تعديل القواعد، ويقول إن التعامل مع التعثر يجب ان يتضمن قرارات جريئة فهو أشبه بالعملية الجراحية، لابد للقائم عليه أن يكون مؤمناً بدور البنك، فلا يكتفي بالتسوية بل يبادر أيضا لتعويم العميل بضخ التمويل اللازم له ليتمكن من العودة إلي نشاطه، ولابد من التفرقة بين العميل الجاد الذي تعثر رغم إرادته والعميل الذي تعمد سوء استخدام القرض، حتي مع استخدام نظم الكمبيوتر فلا يجب ان يعني ذلك إلغاء دور العنصر البشري الذي يستطيع ان يقدر اسباب التعثر ويقدم التمويل لمن هو أهل له. ويضيف قائلا من غير المقبول أن نشترط للحصول علي التمويل وعدم الادراج في القوائم السلبية عدم تنازل البنك عن شيء للعميل في عملية التسوية.