بعد 7 سنوات من الصمت.. أوباما في مواجهة عاصفة ترامب

وسط تجدد الاتهامات القديمة التي تطارد الساحة السياسية الأمريكية، خرج الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن صمته ليرد على ادعاءات غير مسبوقة أطلقها الرئيس الحالي دونالد ترامب، اتهمه فيها بأنه "زعيم قضية روسيا"، وفي بيان نادر عبر عنه المتحدث باسمه، وصف أوباما تلك المزاعم بأنها "محاولة واهية لصرف الانتباه"، وسط تصاعد جديد لجدل لم يُغلق منذ انتخابات عام 2016.
ووفق ما نشرته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، فإن هذه الاتهامات جاءت على خلفية وثائق جديدة أُفرج عنها، لتعود من جديد رواية التدخل الروسي والملف الأمني الذي مزّق واشنطن على مدى سنوات.
ترامب يتهم وأوباما يرد
في تصريحات مثيرة أطلقها من المكتب البيضاوي خلال لقائه رئيس الفلبين، قال الرئيس دونالد ترامب إن باراك أوباما هو من "قاد" خطة اختلاق رواية تدخل روسيا في انتخابات 2016، ووصف ترامب تلك الخطة بأنها "أكبر عملية احتيال سياسي في تاريخ البلاد"، مطالبًا بفتح تحقيق جنائي بحق أوباما وكبار مسؤولي إدارته.
وقال ترامب: "أوباما هو من بدأ ذلك، كان حاضرًا، ومعه بايدن، وكومي، وكلابر، وبرينان... جميعهم في الغرفة"، وأكد أن "إدارته تمتلك آلاف الوثائق التي ستُكشف لاحقًا"، مدعيًا أن هيلاري كلينتون أيضًا كانت وراء خطة "تشويه" حملته من خلال ملف استخباراتي ملفّق.
ردًا على هذه التصريحات، أصدر باتريك رودنبوش، المتحدث باسم أوباما، بيانًا ناريًا قال فيه إن "الادعاءات سخيفة ومحاولة يائسة لصرف الانتباه"، وأضاف: "احترامًا لمكتب الرئاسة، لا يُقدّر مكتبنا عادةً الهراء والمعلومات المضللة التي تتدفق باستمرار، لكن هذه الادعاءات مُشينة بما يكفي لتستحق الرد".
وأكد رودنبوش أن "الوثائق الصادرة الأسبوع الماضي لا تنقض الاستنتاج المعروف والمُسلّم به على نطاق واسع بأن روسيا حاولت التأثير على انتخابات 2016، لكنها لم تنجح في التلاعب بالأصوات"، مشيرًا إلى أن هذه النتائج تم تثبيتها في تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ لعام 2020 برئاسة السيناتور ماركو روبيو.
وثائق مرفوعة السرية
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب رفع السرية عن مجموعة وثائق من قبل مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، والتي تضمنت ما وصفتها ب"أدلة دامغة" على أن إدارة أوباما قامت بتسييس معلومات استخباراتية لتدعيم رواية تدخل روسيا.
وبحسب الوثائق وفق "فوكس نيوز"، فقد وردت أسماء بارزة في إدارة أوباما من بينها: الرئيس باراك أوباما، وجيمس كلابر (مدير الاستخبارات الوطنية)، وجون برينان (مدير وكالة الاستخبارات المركزية)، وسوزان رايس (مستشارة الأمن القومي)، وجون كيري (وزير الخارجية)، ولوريتا لينش (المدعية العامة)، وأندرو ماكابي (نائب مدير ال FBI).
وقد أرسلت غابارد إحالة جنائية إلى وزارة العدل بشأن هذه الوثائق، لكن الوزارة لم تعلن عن تفاصيل الأشخاص المشمولين في هذه الإحالة.
تقرير مولر ودورهام
وكان تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر، الذي استمر لعامين وانتهى في مارس 2019، قد خلص إلى عدم وجود دليل على وجود تواطؤ أو تنسيق إجرامي بين حملة ترامب وروسيا خلال الانتخابات.
وعقب ذلك، تم تعيين جون دورهام كمستشار خاص للتحقيق في أصول تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف ب"Crossfire Hurricane"، وخلص دورهام إلى أن ال FBI "فشل في التصرف" على الرغم من "إشارات تحذيرية واضحة" بأن التحقيق كان مُسيسًا واستُخدم لأغراض حزبية.
وأعاد ترامب الحديث عن ملف كريستوفر ستيل، الذي موّلته حملة كلينتون واللجنة الوطنية الديمقراطية، ووصفه بأنه "تقرير مزيف تمامًا". وقال: "كلّه أكاذيب، كلّه تلفيق، كلّه احتيال معترف به".
وأضاف أن هذا الملف استخدم كأساس لمذكرات توقيف بحق مساعده السابق كارتر بيج بموجب قانون FISA، على الرغم من أن مجتمع الاستخبارات نفسه كان ينظر إلى الملف باعتباره "شائعة على الإنترنت".
ما التالي؟
تتصاعد وتيرة التصريحات والتحقيقات وسط مناخ سياسي متأجج في الولايات المتحدة، إذ يُعيد ترامب خلط الأوراق مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة، بينما يسعى خصومه إلى مواجهة سيل الاتهامات المتجددة.
وفيما يظل أوباما صامتًا في معظم الأحيان، فإن هذا البيان الأخير يعكس حجم التوتر الكامن بين أركان السياسة الأمريكية، حيث لا تزال قضية "روسيا وترامب" تلقي بظلالها رغم مرور أكثر من سبع سنوات على بدايتها.