ووجدتني اقول له : انني لا اريد تكريما لشخصي.. كل ما اطلبه هو انشاء نقابة لنا نحن الاعلاميين» فرض الخبر المنشور نفسه علي الكثيرين، وتدفقت الاتصالات والاستفسارات، وعبارات الشكر والتهاني إذ تحقق الحلم أخيرا، وصار متاحا أن يكون للاعلاميين «إذاعة وتليفزيون» نقابة تنظمهم وتحتضنهم وترتقي من خلالهم بمستوي المهنة التي اصابها ما اصابها في الفترة الاخيرة من تدهور وفوضي وانفلات، حتي ان حلم الاعلاميين صار حلم جميع المواطنين الذين صدمهم ما تبثه بعض القنوات والاذاعات من أخبار أقرب إلي الشائعات، وحوارات مجالها الشوارع والحارات، بل صار حلم الرئيس وجميع المسئولين الذين رأوا ولمسوا بأنفسهم كيف ان الاعلام صار عبئا ثقيلا علي الدولة بدلا من ان يكون سندا ودعما لها بامكانياته التكنولوجية الهائلة التي جعلته يرافق كل مواطن داخل بيته أو في سيارته! قصتي مع هذا الحلم بالنقابة الضرورية ترتبط بقصة النضال والكفاح من أجل تحقيق هذا الحلم، وشاركني في ذلك عدد من الاعلاميات والاعلاميين الشرفاء والمهمومين بقضايا الاعلام والوطن، والمدركين للأهمية القصوي «للحرية والمسئولية» في العملية الاعلامية، ولعلني كنت من أوائل المطالبين باقامة النقابة، واذكر كما يذكر بعض الزملاء ما حدث في السبعينيات عندما بلغ الرئيس السادات نبأ تشكيل إسرائيل للجنة «اجرانات» للتحقيق في اسباب هزيمتهم في حرب اكتوبر، وبحثت تلك اللجنة- فيما بحثت- اسباب انتشار البرنامج المصري المعادي «صوت المعركة»- الذي كنت أقدمه- بين الاسرائيليين الذين يعرفون اللغة العربية وطبعا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وبمجرد ان علم الرئيس السادات بذلك اتصل بوزير الاعلام وقتئذ الدكتور جمال العطيفي وطالبه بتكريمي قائلا له «الكنيسي قالب دماغ اسرائيل» واستدعاني الوزير حيث قال لي انه قرر ترقيتي درجتين بصفة استثنائية لدوري الاعلامي والوطني في حرب اكتوبر كمراسل حربي وصاحب اهم برنامج، ووجدتني اقول له : انني لا اريد تكريما لشخصي.. كل ما اطلبه هو انشاء نقابة لنا نحن الاعلاميين» وفوجئ الوزير الدكتور جمال العطيفي بموقفي وظل يردده في اجتماعاته مع قيادات ماسبيرو، وان كان- للاسف- لم يستطع ان يحقق وعده بانشاء النقابة لانه خرج من الحكومة في تعديل وزاري مفاجئ. وكان من الطبيعي ان أواصل مع بعض الزملاء مثل محمود سلطان «رحمه الله» وشفيع شلبي الذي هجر المهنة لكننا كنا نصطدم برفض الانظمة السابقة حتي ان أحد وزارء الاعلام قال بوضوح «علي جثتي» وقال آخر : انسوا يا جماعة حكاية النقابة دي، لكنني شخصيا لم أفقد الامل ! من الثمار الرائعة لثورتي 25 يناير، و30 يونيه أن الدولة هي غير الدولة فدولة الثورة لا تخشي وجود نقابة للاعلاميين بل ترحب بها حتي ان الرئيس السيسي دعا الاعلاميين إلي وضع التشريعات اللازمة للمنظومة الاعلامية الجديدة التي نص عليها دستور 2014 والتي تتضمن نقابة الاعلاميين إلي جانب المجلس الاعلي لتنظيم الاعلام، والهيئة الوطنية للاعلام المرئي والمسموع، والهيئة الوطنية للصحافة، وكان من الطبيعي ان تلتقط فورا هذه الدعوة وقدمت بنفسي لمؤسسة الرئاسة ولمجلس الوزراء مشروع قانون النقابة كما اعددناه أثناء تشكيلنا لنقابة الاعلاميين تحت التأسيس التي ضمت مجموعة متميزة من الزميلات والزملاء وبعد عرض المشروع علي لجنة الاصلاح التشريعي.. تحرك الحلم الكبير.. ليقترب من ارض الواقع المتلهفة له انقاذا للاعلام.. وتحقيقا لحقوق الاعلاميين. مع سعادتنا بتحقيق حلم نقابة الاعلاميين «المصريين» نتطلع إلي حلم آخر وهو اتحاد الاعلاميين العرب الذي تعمل من اجله مجموعة تملك من الخبرة القانونية والاعلامية الكثير إلي جانب الحماس البالغ من أجل قيام كيان اعلامي عربي له القدرة والفاعلية علي التصدي للارهاب وتغيير الصورة العربية المغلوطة لدي الآخرين، ويسعدني شخصيا ان اشارك في هذا العمل مع المستشار الدكتور علي عبدالواحد والكاتبة الصحفية هالة فهمي ويتجلي ذلك في المؤتمر الذي سوف يعقد في 16 يناير بحضور كوكبة من كبار المسئولين والاعلاميين المصريين والعرب.