استحق أبوالهول ان يسمي باقدم مريض بالعالم.. بعد ان عاني بأعمال عديدة من الترميمات العشوائية غير المدروسة أو محددة المعالم حتي عام 1987 مع أول ترميمات مخططه اعادت له ابتسامته. أبو الهول تمثال فريد، ليس فقط في نشأته وتاريخة القديم، والأحداث التي شاهدها وشهد عليها عبر العصور" وإنما أيضاً عمليات الترميم المتتالية التي أجريت له بدءاً من العصر الفرعوني وحتي يومنا هذا. وتاريخ ترميم التمثال مليء بالأخطاء كما هو أيضاً مليء بالإنجازات.. ولنا أن نعلم أن أبو الهول عاني علي مر تاريخه الضارب في القدم بالعديد من عمليات الترميم غير الصحيحة سواء بإضافة أحجار غير مناسبة وبنسب تشريحية لا تمت للتمثال بشيء بل كادت أن تشوهه وللأبد، أو حتي باستخدام مواد ترميم أضرت بجسده المنهك المنحوت من الحجر الجيري المحلي لهضبة الجيزة. إن أقدم ما نعرفه عن تاريخ ترميم أبو الهول يعود إلي عصر الملك تحتمس الرابع في حوالي 1400 قبل الميلاد، وتتلخص في إزالة الرمال التي تراكمت علي جسم التمثال، وإعادة أحجار الترميم الخاصة التي وضعت خلال الدولة القديمة وبناء أسوار من الطوب اللبن لحماية التمثال من الرياح.. وبعد عدة ترميمات علي مر العصور تعرض التمثال إلي الكارثة المعروفة باسم ترميمات 1982 - 1987، وكادت أن تدمر التمثال وتخفي نسبه التشريحية المذهلة وللأبد بعد أن قرر جاهل استبدال الأحجار القديمة بأخري كبيرة الحجم وبنسب تشريحية خاطئة! وليت المصيبة توقفت عند هذا الحد بل إنهم عمدوا إلي استخدام الأسمنت الأسود في لصق هذه الأحجار؟ كانت ترميمات عام 500 قبل الميلاد هي ثاني أقدم ترميمات معروفة حيث تم إستخدام أحجار جيرية صغيرة يمكن مشاهدتها إلي يومنا هذا في الجانب الجنوبي لأبو الهول. أما في العصر اليوناني الروماني فقد تمت إضافة أحجار تكسو مخالب التمثال وجوانبه، وقد تم تسجيل هذه الأحجار علي الخريطة الفوتوجراماتية التي سميت «أبو الهول.. تسجيل شامل وكامل». وفي العصر الحديث وخاصة عام 1925، وحتي 1936 قام الفرنسي باريز بترميم الرقبة والرأس باستخدام الأسمنت الذي كان في ذلك الوقت مادة ترميم مهمة، وبالطبع لم يعرف باريز في ذلك الوقت أن الرقبة والرأس من أشد أجزاء التمثال صلابة ولا يحتاجان إلي أي أعمال ترميم؟! قامت مصلحة الأثار بدءاً من عام 1955 وحتي عام 1987 بأعمال عديدة لترميم التمثال وللأسف لم تكن عمليات الترميم مدروسة أو محددة المعالم، وكانت العشوائية في العمل هي السائدة، وللأسف لم يهتم أحد بتسجيل أو توثيق ما تم من أعمال، بل أننا نعرف أيضاً أن العمال هم من قاموا بأعمال الترميم دون إشراف المهندسين أو المعماريين أو المرممين. وكانت النتيجة الطبيعية هي إستمرار معاناة أبو الهول الذي يستحق أن يسمي بأقدم مريض بالعالم. كان أبو الهول يتألم وجعاً حتي قمنا بأول ترميمات عالمية مدروسة ومخططة أعادت إلي أبو الهول إبتسامته.