حسين عبد الواحد [email protected] يري الكاتب اليهودي الأمريكي الشهير توماس فريدمان أن قرارات ومواقف إسرائيل الأخيرة المناهضة للسلام, مثل تكثيف الاستيطان وانتهاك المقدسات الإسلامية ليست دليلا علي تعاظم الإحساس بالقوة بقدر ما هي مؤشرات علي اضطراب وتخبط السياسة الإسرائيلية وإلي الحد الذي يخاطر بإفساد علاقات التحالف مع الولاياتالمتحدة والتي يرجع إليها الفضل في بقاء إسرائيل. ويقول فريدمان صراحة في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن هذه القرارات والمواقف أظهرت أن قادة إسرائيل فقدوا إتزانهم وأصبحوا خارج حالة الوعي وكأنهم مخمورون لا يدركون عواقب ما يفعلون. . والمصدر الرئيسي لقلق بل وخوف إسرائيل في المرحلة الراهنة هو احتمال أن يتغير الواقع الإقليمي في المنطقة بشكل يتقبل فيه العالم فكرة التعايش مع إيران حتي لو امتلكت أسلحة نووية.. فهذا الاحتمال رغم أنه ما زال بعيدا حتي الآن لن يؤدي فقط إلي ظهور عدو قوي جديد لإسرائيل في الشرق الأوسط بل أيضا سيؤدي إلي فقدانها لوضعها المتميز الراهن كقوة عسكرية لها أهميتها الاستراتيجية لأمريكا والعالم كعنصر ردع ورأس حربة في مواجهة ما يسمي بالإرهاب وقوي التطرف الإسلامي.. وهكذا فإن إقدام إسرائيل علي تصعيد التوتر في المنطقة, كما تفعل الآن, يستهدف في المقام الأول توصيل رسالة للجميع وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة بأن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا في إطار صفقة واحدة تشمل إزالة الخطر الإيراني علي إسرائيل.. وقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال محادثاته الأخيرة مع المسؤولين الأمريكيين تبرير مواقفه المعادية للسلام بأنها جاءت نتيجة للطبيعة اليمينية المتشددة للائتلاف الحاكم الذي يقوده. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل عندما ردت عليه وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت بقولها إن حل هذه المشكلة بسيط وهو أن يشعر نتنياهو بالقلق من الولاياتالمتحدة وليس من ائتلافه المتشدد. وقد أوضحت محادثات نتنياهو الأخيرة في واشنطن أن الثقة مفقودة بين الجانبين رغم كلمات الغزل المعلنة. فقد تزايد اقتناع الأمريكيين أن نتنياهو لن يتعامل طواعية مع مشروع أوباما لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي. وفي نفس الوقت يشك نتنياهو في حقيقة نوايا أوباما ليس فقط تجاه الصراع مع العرب بل أيضا وهذا هو المهم إزاء الطموحات النووية الإيرانية ومدي إصرار أمريكا علي منع إيران من امتلاك أسلحة ذرية حتي لو تطلب ذلك اللجوء للقوة العسكرية. وكان هذا الشك وراء بعض عبارات التحدي التي أطلقها نتنياهو في واشنطن مثل قوله إن القدس ليست مستوطنة بل عاصمة إسرائيل الأبدية وهو ما دفع بعض الأقلام للرد عليه بأن إسرائيل كلها مجرد مستوطنة يهودية.. ويتزايد إحساس نتنياهو وزمرة الصقور في إسرائيل بالمأزق في ضوء المبادرة الجديدة التي تعدها فرنسا وأسبانيا لبلورة حل الدولتين الفلسطينية والإسرئيلية خلال عامين سواء بموافقة إسرائيل أو بدونها أي عبر مجلس الأمن الدولي وهو ما جعل المتطرفين الإسرائيليين يشعرون أن الوقت ليس في صالحهم..هذا الإحساس بالمأزق أو الحصار ربما يدفع هؤلاء المتشددين إلي المزيد من التهور من خلال خطوات جنونية قد تصل إلي الانتحار وهدم المعبد علي رؤوس الجميع !