سمىر عبدالقادر الغالبية العظمي من المصريين علي اختلاف طوائفهم واتجاهاتهم السياسية يجتمعون علي رأي واحد، وهو رفض الدولة الدينية، ويتطلعون إلي أن تكون مصر دولة مدنية عصرية، وليست دولة دينية تعيش في جلباب الجماعات والتيارات المتطرفة التي لا يعلم إلا الله إلي أي مصير يقودون إليه البلاد، وإلي أي مستقبل يشوبه الغموض، والضباب، والتطرف والتخلف! والذين يؤيدون الدولة الدينية، قلة من المتطرفين لن يؤثروا علي ما تتفق عليه الغالبية العظمي من المصريين، ولذلك نجدهم يلجأون إلي الفئات الفقيرة أو التي لم تأخذ حظها من التعليم، ويحاولون الضحك عليها وخداعها، واقناعها بمبادئهم المريبة التي يروجون لها مستغلين الدين والرشاوي في غسيل عقولهم حتي يحوزوا علي تأييدهم، وهذا ما حدث في انتخابات مجلسي الشعب والشوري، وماذا كانت النتيجة؟ مجالس هشة لا يميزها إلا كثرة الملتحين وتضم نوابا ليسوا علي مستوي من الكفاءة والثقافة والعلم، ولذلك كان أداؤهم مثارا للسخرية والاستخفاف من طوائف الشعب، خاصة بعد وقوفهم ضد الفنون والابداع الفكري، ومحاولات تقييد الحريات الشخصية للمواطنين في الاستمتاع بحياتهم كل بطريقته في حدود ما تسمح به الأعراف والتقاليد في المجتمع الذي نعيش فيه، وقد أعجبني تعليقا للمهندس نجيب ساويرس صرح به في إحدي القنوات الفضائية عما تريده التيارات الإسلامية المتطرفة، قال: همه عايزين مننا لا نسمع موسيقي ولا غني ولا نمارس أي متعة في الحياة، عايزين مننا نقضي وقتنا كله في المساجد والكنائس نصلي ونتعبد.. دا حتي ربنا يزهق مننا!! وعن الانتخابات القادمة فقد انكشف دور هذه التيارات وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ومرشدها الدكتور محمد بديع، وما تخطط له بعد أن ركبت موجة الثورة، واستولت عليها، وأخرجت منها الثوار والمناضلين، وهي الآن تتاجر بدماء الشهداء، وتدعي القدرة علي القصاص وإعادة المحاكمات لأعوان مبارك ووزير داخليته، وهذه تخاريف انتخابية ووعود لا يمكن تنفيذها، اذ ان إعادة المحاكمات غير جائز من الناحية القانونية طبقا لما أعلنه فقهاء القانون إلا إذا كان هناك أدلة جديدة، ورغم هذا فإن مرشح الإخوان مازال يردد هذه الوعود معتمدا علي نقص الوعي وما يعانيه الكثيرون من الأمية والجهل والفقر. وأنا الآن في حيرة.. وأتساءل: من المرشح الذي سيحقق للشعب المصري أمانيه وأحلامه، في إقامة دولة مدنية عصرية، ومستقبل يضمن لمصر مركزا مرموقا في العالم يليق بتاريخها العريق وماضيها المجيد، أنا مازلت أبحث عن إجابة، فإذا انتخبت مرشح الإخوان فإن هذا معناه تسليم مصر إلي مصير مجهول ومستقبل غامض.. فلا أحد يعرف إذا نجح مرشحهم بفضل غياب الوعي والجهل والفقر، فمن الذي سيحكم مصر، المرشح نفسه أم مرشد الجماعة الذي أقسم له علي السمع والطاعة وقبل يده وبايعه؟ أم أنتخب الفريق شفيق الذي سيقودنا إلي دولة مدنية عصرية؟ هناك من يعترضون علي هذا الاختيار بحجة ان الفريق ينتمي إلي عهد مبارك، وسوف ينتج النظام القديم.. ولكني أعتقد عن إيمان واقتناع انه لا يمكن أن ترجع عقارب الساعة إلي الخلف بعد ان انتهي عهد الفساد والمحسوبيات والاعتقالات.. فالثورة بالمرصاد لكل من ينحرف عن مبادئها، والويل له. ان كل ما أخشاه أن يكون بديع هو رئيس الجمهورية الحقيقي في حالة فوز مرسي، ويؤيد مخاوفي ان المرشح الإخواني أعلن عدم موافقته علي الانضمام إلي مجلس رئاسي يضم حمدين وأبوالفتوح إلا بعد الرجوع إلي الجماعة، ويقصد الحصول علي موافقة المرشد، فهل هكذا ستحكم مصر إذا أصبح مرسي رئيسا للجمهورية؟ هذا هو السبب في حيرتي.. هل أنتخب مرسي فأكون في الواقع قد انتخبت بديع.. أم أنتخب الفريق شفيق؟