السكر ب 30 جنيها والأرز 27، جولة داخل المجمعات الاستهلاكية بالإسكندرية (فيديو وصور)    كرة اليد، خريطة اللاعبين المصريين في الدوريات الأوروبية    ميرور: إيزي وميتوما ولياو على رادار بايرن لتعويض فشل صفقة فيرتز    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات مازال قائمًا ولم يلغى    "الإنتاج الحربي" يعقد أكبر صفقة جرارات زراعية مع بيلاروسيا    «العمل الفلسطيني»: استهداف ممنهج لعائلات فلسطينية بهدف الترهيب والتهجير    كارثة إنسانية.. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    القوات المسلحة تفتتح نادى وفندق "6 أكتوبر الحلمية" بعد إنتهاء أعمال التطوير الشامل    مجلس النواب يقر زيادة قيمة التأمين للترشح فى الانتخابات القادمة    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    وصول «سفاح المعمورة» إلى محكمة جنايات الإسكندرية    تنخفض 9 درجات.. موعد تحسن حالة الطقس    تأييد حكم المؤبد لموظف قتل شخصا بسلاح ناري بالعبور    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    «الطوب اللبن في مصر القديمة».. اكتشاف جديد يروي حكاية منسية في منقباد    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    عاشور يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    رئيس جامعة سوهاج يفتتح فعاليات المؤتمر الأول لأمراض الأوعية الدموية المخية    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    «الداخلية»: ختام تدريب الكوادر الأفريقية بالتعاون مع الشرطة الإيطالية في مكافحة الهجرة غير الشرعية    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    كاف يكشف عن التصميم الجديد لكأس الكونفدرالية    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 25 مايو 2025 في 4 بنوك    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    مسيرات استفزازية للمستعمرين في القدس المحتلة    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميني برلمان
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 12 - 2015

لم يخرج التشكيل النهائي للبرلمان عما توقعناه بالحرف ، فقد توقعنا نسبة تصويت هزيلة في حدود ربع إجمالي الناخبين ، وجاءت النسبة الرسمية المعلنة حول 28% في الجولتين الأوليين وحول 20% في الإعادتين ، وتوقعنا إعادات انتخابية علي الأغلب الساحق من المقاعد الفردية ، وجاءت الإعادات متتابعة وشبه كاملة ، ومع تمثيل مقصور علي نصف أصوات الإعادات زائد واحد بحسب القواعد المعمول بها ، وهو ما قلص من القاعدة التمثيلية للبرلمان الجديد ، وجعله في وضع معلق تماما ، وبقاعدة شعبية لا تكاد تري ، وأشبه بميني برلمان انتخبه «ميني شعب» ، تحول مع كثرة الإعادات إلي «ميكرو برلمان» انتخبه «ميكرو شعب» .
ولا حاجة لأنبئكم بمن يمثل هذا الميني برلمان ، فهو يمثل الذين صنعوه وافتعلوه بأموالهم ، عدد من مليارديرات المال الحرام أخذوا المقاولة علي عاتقهم ، ونزلوا إلي الانتخابات كأنها مواسم صيد وقنص ، نزلوا من «كومباونداتهم» إلي ساحات بؤس المصريين الواسعة ، اشتروا المرشحين ، واشتروا المصوتين ، واصطنعوا تصويتا بالنقل الجماعي والتصويت الجماعي ، واستثمروا في التصويت العائلي والتصويت الطائفي ، ورفعوا سعر الصوت لأعلي رقم ، وفي مباريات شراء محمومة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات المصرية علي إطلاق عصورها ، وكونوا برلمانا علي مقاس المصالح الطافية لرأسمالية المحاسيب ، ومع توافقات محسوسة بين جماعة البيزنس وجماعة الأمن ، ومع وجود استثناءات طفيفة جدا ، لا تكاد تصل إلي عشرة نواب من العناصر الوطنية والديمقراطية والثورية ، ومع وجود هذه الاستثناءات التي تؤكد القاعدة العامة الغالبة بامتياز ، فلا شبهة في حقيقة البرلمان الجديد ، فهو يعبر بدقة عن تحالف مليارديرات النهب والبيروقراطية الفاسدة وعائلات الريف والصعيد الملتصقة تقليديا بالجهاز الأمني ، ويعبر بدقة عمن نسميهم عادة بالفلول ، وهو برلمان ثورة مضادة «بالثلث» ، فاحت رائحته حتي قبل أن يتشكل ، وجرت تهيئة قوانين انتخاباته المتحيزة مع سبق الإصرار والترصد ، وفهم الناس الغاية المقصودة دون شروح ، وهو ما يفسر المقاطعة التلقائية الغالبة ، والتي ضمت ثلاثة أرباع الناخبين ، وفي حركة عصيان مدني تلقائي علي طريقة «خليك في البيت» ، أرادت إهدار أي شرعية سياسية للبرلمان قبل أن يبدأ ، وإضعاف قاعدته التمثيلية إلي أضيق حد ، وإيصال رسالة غضب بليغة من الوضع المختلط القائم كله .
وأخطر ما في الصورة التي انتهي إليها الميني برلمان الجديد ، أنها تنطوي علي احتمالات أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية متفاقمة ، فهو برلمان أنابيب يشبه أحزاب الأنابيب داخله ، لا يسمح ضيق قاعدته التمثيلية بمرور أشواق ومصالح الغالبية الواسعة الساحقة من المصريين ، ولا يكاد يعبر إلا عن مصالح الواحد بالمئة من السكان ، والذين يملكون نصف الثروة الوطنية بالتمام والكمال ، بينما لا مجال لمصالح التسعين بالمئة من المصريين ، وهم مجموع الفقراء والطبقات الوسطي ، والذين يملكون بالكاد نحو ربع إجمالي الثروة ، وهنا جوهر الأزمة ، فالمصالح الأوسع التي لن تجد لها حضورا في قاعات الميني برلمان ، سوف تبحث لها عن مجال آخر للتعبير ، وقد تنتقل إلي الميدان عوضا عن غياب برلمان يمثلها ، وهو ما قد يدفع إلي سطح الحوادث بظواهر غضب اجتماعي متلاحقة ، في صورة مظاهرات واحتجاجات واعتصامات وإضرابات اجتماعية ، فلا أحد يستطيع أن يحبس الحركة الاجتماعية في قبضة يده ، ولا أن يرسم لها إشارات مرور خضراء وأخري حمراء ، خصوصا مع انسداد الطريق الأخضر بضيق وعاء البرلمان ، وبهزال تعبيره عن الناس ، وبجلسات الكوميديا السوداء المتوقعة فيه ، خصوصا مع وجود عدد لا بأس به من «البلياتشوهات» المستعدين لتقديم عروض سيرك ، تكاد تكون استنساخا لفوائض «الجهل» و«الهبل» السائدة في إعلام مليارديرات المال الحرام .
والقاعدة العامة في السياسة كما في الفيزياء ، هي أنك لا تستطيع إغلاق كل الطرق ، ثم تأمن شر انقلاب الريح وانفجار الأواني ، فالمادة تتحول لكنها لا تفني ، وحركة المجتمع لا تتوقف وإن تبدلت صورها ، وهو ما يجعلنا نتوقع عودة إلي ميدان غضب اجتماعي مع انسداد البرلمان ، ومع احتمالات ترادف غضب سياسي مع الغضب الاجتماعي ، ولكن دون ثورة خلع رئاسي علي طريقة ما جري مع المخلوعين مبارك ومرسي ، فلا تزال عند الشارع دواعي أمل في الرئيس السيسي ، وفي مقدرته علي تجاوز مصالح ضيقة لبرلمان هزيل التمثيل ، وفي دفعه لاستخدام صلاحياته الواسعة في حركة تطهير شامل ، تكنس تحالف مماليك المال الحرام والبيروقراطية الفاسدة ، وتقيم اقتصادا صناعيا زراعيا بقاعدة انتاجية صلبة متنوعة ، تمتص بطالة ملايين العاطلين الشباب ، وتنصف صناع الحياة من الفقراء والطبقات الوسطي ، وتنهي امتيازات «رأسمالية المحاسيب» ، وتنتصر لمبادئ العدالة الاجتماعية ، وتفكك الاحتقان السياسي المرشح للتفاقم مع التشكيل المتهافت للبرلمان ، وتخلي سبيل الآلاف من المحتجزين في غير قضايا العنف والإرهاب المباشر ، وتفتح الطريق لتعبئة شعبية عامة من حول الاختيارات والإنجازات الوطنية الكبري للرئيس ، وتقطع الطريق علي تربص الخارج بمحاولات مصر للنهوض .
ولا علاقة بالطبع للغضب الاجتماعي والسياسي الذي نتوقعه ، ولا للأزمة المتفاقمة التي نرجحها إن استمر الحال علي ماهو عليه ، لاعلاقة لذلك كله بالثورات العبثية التي يدعو لها الإخوان ومن حالفهم ، فلن تقوم ثورة ولا يحزنون في 25 يناير المقبل ، ولسبب غاية في البساطة ، وهو وجود الإخوان في خلفية هذه الدعوات ، فالإخوان ليسوا قوة ثورية ولا دعاة ثورة ، وهم قوة يمينية رجعية بامتياز ، وهم قوة ثورة مضادة ، لا ثورة تنتصر للفقراء والطبقات الوسطي ، وقد جربهم الشعب المصري ، وعرف فيهم صورة القرين لا البديل لجماعة مبارك ، ولا يلدغ الشعب من جحر مرتين ، وقد لفظ الشعب الإخوان كشربة «زيت خروع»، وعزلهم عن الحكم ، ثم عزلوا أنفسهم شعبيا بالميل الظاهر للإرهاب و«الدعشنة» ، انتهي المصريون من قصة الإخوان ، وهم يواجهون الآن سيرة الفلول العائدين عبر «ميني برلمان» جديد ، قاطعته الأغلبية الشعبية في التصويت ، وسوف تعامله كخيال مآته ، وتلفظه كشربة الطين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.