قرر الكاتب الكبير عبد الحليم قنديل التحدث بكل وضوح عن رؤيته للمشهد السياسي الحالي، والتعليق على الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب، ونظرته لشعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي. ** مرتضى منصور الأكثر لياقة لرئاسة برلمان ال2% ** عزوف الناس عن التصويت عصيان مدني على طريقة«خليك في البيت» ** السيسي يفضل «المقاولة» عن السياسة.. والأمل تراجع فيه ** عشرات الملايين نزعوا شرعية البرلمان.. وأتوقع زيادة التظاهرات والوقفات والاضرابات الاجتماعية ويرى «قنديل» أن هناك حالة سخط مجتمعي، وينذر ذلك بخطر على مستقبل الحياة السياسية، وفي السطور التالية نص الحوار: * ما تعليقك على الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب؟ كل ما يمكن التأكيد عليه أن ما حدث في المرحلة الأولى وارد التكرار في المرحلة الثانية، ببساطة نحن بصدد انتخابات ميتة، وميكرو برلمان انتخبه ميكرو شعب في الاعادة، ونحن بصدد برلمان في خفة جناح البعوضة، قاعدته التمثيلية محدودة جدا، وبالحسابات البسيطة لا يمثل سوى 2% من إجمالي الناخبين، لأنه يوجد فرق بين نسبة التصويت المعلنة وبعد ذلك التصفيات فيها، ولدينا برلمان لا يمثل أحد، وبالدقة يمثل 2% من مجمع الناخبين، ونحن بصدد أزمة سياسية كبيرة.
* كيف تنظر إلى النتائج في دائرة الدقي والعجوزة؟ ما حدث في هذه الدائرة يتففق مع جميع الدوائر، ويوجد فرق بين تزوير التصويت داخل الصناديق، وهذا أمر لم يعد يحدث، وتزوير إرادة التصويت ، وهو يحدث على نطاق واسع جدا، وهذه الانتخابات شهدت اوسع عملية محمومة لشراء الأصوات، وبحسب التقارير المنشورة وصل قيمة الصوت الواحد إلى 1000 جنيه، ونحن بصدد مزايدة مالية، وحالة أحمد مرتضى منصور معبرة عن طبيعة هذه الانتخابات، فهو مرشح ساويرس من جهة، ومرشح عدد من القنوات التي يملكها المليارديرات، وإتاحة مساحة له ولأبيه، مثل قناة محمد أبو العينين أو قناة أحمد بهجت.
* ما نظرتك للانتخابات بشكل عام؟ نحن بصدد انتخابات فقدت صفتها السياسية وتحولت إلى بورصة مالية، من يدفع أكثر، وينطبق الأمر على عبد الرحيم علي كما ينطبق على أحمد مرتضى منصور، وميكرو برلمان من هذا النوع لن أعجب إذا تطلع مرتضى منصور لرئاسته، واظن أن مرتضى منصور هو الشخص الأكثر لياقة لرئاسة برلمان من هذا النوع.
* هل كنت تتوقع رؤية هذا المشهد؟ قبل الانتخابات بشهور قلت ببساطة نسبة التصويت في أفضل تقدير وكان في اعتباري الجلب الجماعي للناخبين، وشراء الأصوات في الأحياء العشوائية ستصل في أكثر تقدير إلى 25%، والنتيجة وصلت إلى 26% كما أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات، وقلت إن الأصوات الباطلة ستكون مهولة، وهو أمر لم تحدث من قبل نتيجة تعقيدات قانون الانتخابات، وتحقق ما قلته، حيث وصلت الأصوات الباطلة إلى حوالي 10%من جملة الاصوات، وتوقعت أن تكون هناك إعادات كاملة، وهذا ما حدث بسبب توازن الضعف بين مرشحين مجهولين، كما توقعت أن القاعدة التمثيلية لهذا البرلمان لن تزيد عن 2%، والمفارقة أنها معبرة عن طبيعة توزيع الثروة في مصر، حيث يوجد 1% يملكون نصف ثروة مصر، وهذا ال1% انتقل إلى ملكية البرلمان، فهو برلمانهم، وما سيترتب على ذلك خطير.
* وما توقعاتك لتقبل الناس للبرلمان المقبل؟ أريد التأكيد على أنه حين يتعذر التغيير عبر البرلمان ينتقل الناس إلى الميدان، لكن هل سينتقل الناس إلى الميدان هذه المرة في صورة ثورة خلع ثالثة، أنا لا أرجح ذلك، انما ارجح وجود غضب إجتماعي جارف، بمعنى زيادة موجة التظاهرات والوقفات والاضرابات الاجتماعية، ويوجد شعب صغير جدا يحتكر البرلمان وشعب كبير جدا لا يمتلك برلمان، وكان أمر طبيعي عزوف الناس عن التصويت، وأرى عزوفهم عن التصويت عصيان مدني تلقائي على طريقة خليك في البيت، وأحذر من أن هذا الغضب الصامت قد يتحول إلى غضب نافق في ظل تهافت البرلمان، وتردد الرئيس في الانحياز لفقراء الطبقات الوسطى.
* كيف ترى انطباعات الناس على ما يحدث في المشهد السياسي؟ توجد حالة إحباط وسخط عامة، تعني دواعي الأمل في الرئيس يتراجع جدا، سببها أنه رجل إنجاز بلا انحياز اجتماعي للفقراء والطبقات الوسطى، ويفضل فكرة المقاولة على فكرة السياسة، ونحن بصدد نظام قديم يحكم مع الرئيس، وتوجد حالات احتواء واضحة جدا، وما لم ينفذ السيسي مذبحة مماليك البيروقراطية الفاسدة ومليارديرات النهب العام ربما يجد نفسه محاطا به من كل الجهات، وهذا الوضع موجود في الحكومة والبرلمان الآن.
* هل انخفضت شعبية السيسي؟ من المؤكد أنها تأثرت، توجد مسافة صغيرة بين هل العزوف عن التصويت بمثابة استفتاء على الرئيس، أظن أنه إستفتاء على نظامه، ويوجد خيط لا زال موجودا في المخيلة الشعبية حتى الآن ما بين الرئيس ونظامه، أو اللا نظامه، الرئيس ما زال أمره معلقا حتى إشعار آخر، بإمكانية تحول الغضب الصامت إلى غضب نافق، وعشرات الملايين الذين خرجوا لإزاحة حكم الاخوان في 30يونيو، هم عشرات الملايين الذين قرر العصيان المدني على طريقة خليك في البيت، وعملوا مقاطعة تلقائية واسعة ضمت ثلاثة أرباع الناخبين في أقل تقدير من اجل نزع أي شرعيةعن البرلمان.