الخبراء يطالبون الإدارة الأمريگية بتحديد موقفها من المرشحين التزمت واشنطن بأسلوبها الحذر في التعليق علي الجولة الاولي لانتخابات الرئاسة في مصر واكتفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية باصدار بيان مقتضب وصفت فيه عملية التصويت بأنها عملية تاريخية تمثل علامة مهمة علي طريق التحول نحو الديمقراطية. وذكرت في بيانها ان واشنطون تتطلع إلي العمل مع الحكومة المصرية المنتخبة ديمقراطيا وانها ستواصل الوقوف الي جانب شعب مصر من اجل بناء ديمقراطية تعكس قيمه وتقاليده وتحترم حقوق الانسان. إلا أن هذا الحذر لم يرض بعض المهتمين بما يجري في مصر وكان في مقدمتهم روبرت ستالوف مدير معهد واشنطون لسياسة الشرق الادني حيث طالب الادارة الامريكية ان توضح موقفها حتي لا يبدو وكأن عدم الاكتراث هو الواقع. ودعا واشنطون إلي ابراز كيف يمكن ان تؤثر نتيجة جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة المصرية علي العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر.. وذكر في اطار رصده لما يجري ان الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة تمثل خيارا بالغ الصعوبة بالنسبة لإدارة الرئيس أوباما: فإما ان تلتزم الصمت وتعرب عن عدم اكتراث الولاياتالمتحدة بمن سيقود حليفها العربي الاكثر اهمية او تعلن عن تفضيل مرشح دون آخر مع تحمل مخاطر اتهامها بالتدخل في التجربة الديمقراطية في مصر.. ويري ستالوف ان الحل يكمن في بيان المصالح الامريكية بشكل واضح - أي عدم دعم اي مرشح بعينه لكن مع العمل في نفس الوقت علي تذكير المصريين بنوع البرامج السياسية التي يمكن للولايات المتحدة ان تدعمها او لا تدعمها من خلال المساعدات المالية. ويقول ستالوف ان الاشارة الوحيدة لما تراه واشنطون في انتخابات مصر كما وردت في بيان الخارجية الامريكية تتسم بالكثير من السيولة وبالنظر إلي الاستثمار الهائل للولايات المتحدة في مصر خلال تحولها السلمي إلي حكومة شعبية منتخبة وبناء قدراتها الاقتصادية القابلة للنمو ونموذجها في التصرف البناء علي المستويين الاقليمي والدولي فإن واشنطون مع ما تقدمه لمصر من مساعدات عسكرية واقتصادية لا يجب ان تلتزم الصمت حيال التأثير المحتمل الذي يمكن ان تحمله نتيجة انتخابية محددة علي المصالح الامريكية الجوهرية ويري ان الصمت قد يكون خيارا اذا كان فقط سيؤدي إلي حصول كلا المرشحين علي النتيجة ذاتها.. ومن خلال تحليله يري ستالوف ان قاعدة انصار محمد مرسي قد ترجح فوزه في حين يري ان فوز شفيق غير مرجح وان كان غير مستحيل.. ويري ستالوف ان فوز اي من المرشحين سيسبب درجة من الازمة فانتصار مرسي يتيح لجماعة الإخوان احتكار المؤسسات السياسية في مصر مما قد يؤدي إلي تصادم حتمي فعلي مع المؤسسة العسكرية وهجرة جماعية محتملة للاقباط الذين ينتمون إلي الطبقة المتوسطة والمفكرين واصحاب الاعمال الحرة، كما ان انتصار شفيق - كما يقول ستالوف- الذي يعتبره غالبية المصريين والرأي العام العالمي نظيف اليدين - سوف يعيد المصريين الي اجواء الثورة مما يرجح ان يؤدي بدوره إلي عودة الآلاف الي ميدان التحرير والمدن في جميع انحاء مصر فضلا عن قيام مواجهة دموية محتملة.. ويبلور مدير معهد واشنطون تأثير أي رئيس مصري جديد علي ثلاث مواقف حيوية لكل منها تداعياته علي المصالح الامريكية فيما يلي: المسار الذي سيتم اختياره لاصلاح اقتصاد مصر وهل سيقوم علي اساس العدالة الاجتماعية الشعبية ام اقتصاد السوق الذي سيركز علي الاستثمار؟ ما هي سرعة التحول الاسلامي وارتباطه بمنهج البلاد في التسامح الديني والمساواة بين الجنسين واحترام الحقوق العالمية للإنسان؟ هل ستحافظ مصر علي توجهها الاستراتيجي الحالي المؤيد للغرب والسلام ام انها ستتبني منهجا اكثر حياداً؟ ويخلص ستالوف إلي أن هناك احتمالا واضحا بأن يتبع مرسي سياسات مثيرة للمشاكل علي جميع الجوانب الثلاثة مما سيكون له تداعيات حادة علي رغبة واشنطون في الابقاء علي مستويات مرتفعة من المساعدات لمصر وعلي النقيض من ذلك ليس من الصعب تصور قيام مصر تحت قيادة شفيق بتبني سياسات اكثر ملائمة نسبيا ومن ثم سيكون التأثير علي المساعدات الامريكية اقل بكثير. ويري ان المفارقة تكمن في ان المصريين الذين يتابعون اخبار واشنطون لا يمكن لومهم اي استنتاج ان امريكا تفضل مرسي وذلك نظرا لتوافد المسئولين الامريكيين ورجال الكونجرس إلي مكاتب قيادات الاخوان خلال الاشهر الاخيرة والاهتمام الذي لقيه وفد الاخوان الذي زار واشنطون مؤخرا. ويقول ستالوف ان واشنطون لابد وينبغي ان توضح ان هذا تصور خاطئ وتذكر المصريين بتبعات تصويتهم ولكن ليس من خلال الاعراب عن دعمها لشفيق، حيث سيؤدي ذلك لنتائج عكسية بل يتعين ان تدرس الاعلان عن تصريحات واجراءات تدعم القيادة المصرية والتي من المرجح ان تصب في صالح استمرار المساعدات الامريكية المباشرة وتضمن الدعم من المؤسسات المالية الدولية وذلك من خلال رسائل تذكير بشأن المصالح الامريكية.