أصوات أمريكية تحذر من الحوار مع الجماعة كشف الخلاف المعلن بين دولة الامارات العربية المتحدة والرمز الاخواني الشيخ يوسف القرضاوي عن تفاصيل مذهلة حول ما يسمي مخطط الاخوان المسلمين للسيطرة علي الدول العربية من المحيط إلي الخليج.. بدأ الخلاف بين الجانبين حول الموقف من الثورة السورية عندما اتهم القرضاوي دولة الامارات باتخاذ اجراءات ومواقف سلبية ضد الثوار السوريين، وجاء الرد علي لسان الفريق ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي الذي هدد بإصدار أمر اعتقال دولي ضد القرضاوي وقال ان لديه معلومات من مصادر مخابرات غربية حول مخطط للاخوان المسلمين يستهدف الوصول إلي السلطة في دول الخليج العربية بحلول عام 6102 وان هذا المخطط سيبدأ تنفيذه في الكويت العام القادم 3102. ومع وصول الاسلاميين للسلطة بالفعل في العديد من دول الربيع العربي من تونس إلي مصر ومحاولاتهم المستميتة للسيطرة علي الثورة السورية، أصبح السؤال المنطقي المشروع هو.. هل يخطط الاخوان المسلمون بالفعل لاقامة دولة الخلافة الاسلامية من المحيط إلي الخليج؟ ترجح علاقة الولاياتالمتحدة بالتيار الاسلامي وبصفة اساسية مع جماعة الاخوان المسلمين لسنوات طويلة وكانت هذه العلاقة »سرا معروفا« في جميع الاوساط الامريكية والعودة الي الاوراق التاريخية لوزارة الخارجية الامريكية تكشف مدي التواصل فيما بين الجماعة وبين الجانب الامريكي منذ ثورة يوليو.. وقد ظلت الاتصالات حتي بعد حصول الجماعة علي لقب »الجماعة المحظورة« وكثيرا ما كان اتباع الجماعة يجتمعون بكبار المسئولين في وزارة الخارجية حتي اثناء الزيارات الرسمية لكبار المسئولين المصريين للعاصمة الامريكية.. وكان المتحدث الرسمي في الخارجية يقول في حالة احراجه بسؤال عن سبب الاجتماع ان الاجتماع يتم في اطار العمل السياسي الامريكي للتعرف علي وجهات نظر المعارضة في اي دولة! واذا كانت واشنطون قد تعاملت بحذر في بداية ثورة يناير مع مصر فانها سرعان ما تداركت ذلك بالترحيب بهذه الثورة والاشادة بها.. ومع بروز جماعة الاخوان بعد اسابيع من قيام الثورة لم تتوان واشنطون في الاعلان عن ان التعامل الامريكي مع الجماعة ليس مشكلة وقد جاء ذلك نتيجة الخوف من اعادة تجربتها الفاشلة في العراق ومع جماعة حماس. وقد بادر الكونجرس الامريكي بعد مرور حوالي شهرين علي قيام ثورة يناير بالدعوة الي جلسة استماع امام اللجنة الفرعية للارهاب والاستخبارات بمجلس النواب للاستماع الي تقييم عن الدور المحتمل الذي سيلعبه التيار الاسلامي في مصر وتداعيات هذا التطور علي العلاقات المصرية الامريكية وعلي المصالح الامريكية واستمعت اللجنة الي عدد لا بأس به من الخبراء الامريكيين الذين تواجدوا علي الساحة المصرية عند قيام الثورة او اولئك الذين شدوا الرحال الي مصر فور الاعلان عن اندلاع الثورة.. وكان في مقدمة هؤلاء روبرت ستالون مدير معهد واشنطون لسياسة الشرق الادني الذي اكد ان التحدي الماثل امام الولاياتالمتحدة هو مساعدة مصر علي تحمل فترة من عدم اليقين العميق وتوفير دعم ومشورة وشراكة لدعم الراغبين في اتخاذ مسار ليبرالي وديموقراطي شامل وسلمي للتغيير السياسي وعزل المصالح الاقليمية الامريكية الاوسع نطاقا عن التأثير السلبي المحتمل للسيناريوهات القادمة. واشار ستالون الي ان النشطاء الليبراليين كانوا مسئولين عن انطلاق الثورة ولكنه رأي في ذلك الوقت ان الاسلاميين والجيش هم من سيضعوا النهايات. وذكر ان الاسلاميين قد انخرطوا في الاحداث متأخرا عندما وجدوا الفرصة وكان هدفهم منذ لحظة دخول المعركة الاستحواذ علي الثورة واستغلالها حيث وفر اختفاء نظام مبارك الفرصة لاستئناف نشاط جماعة الاخوان المسلمين. ولم يغفل ستالون الاشارة الي نشاط جماعة الاخوان كحركة دولية سعت الي تنشيط المجتمع المصري والقضاء علي الأفكار الغربية ومكافحة الاستعمار والصهيونية. واشار كذلك الي ان نظام مبارك رغم ما فرضه من قيود علي جماعة الاخوان فانه اتاح له ادارة برامج الرفاهية الاجتماعية في اماكن قصور الاداء الحكومي. ودعا ستالون واشنطون ان تتوخي الحيطة والحذر من دمج جماعة الاخوان في الطيف السائد في الحياة السياسية المصرية مما سيمنحه ذلك من قوة دفع للتوجه الاسلامي للسياسات الداخلية والخارجية لمصر. ونصح المتحدث ادارة الرئيس اوباما ان توجد توازنا حكيما بين التنبه للمخاطر التي تشكلها الجماعة وحلفاؤها علي المصالح الامريكية الحيوية من جانب وتزويد الجماعة من جانب آخر بهدية سياسية في شكل بيانات او اجراءات وقائية قد تحفز العناصر التي لا تبالي بالجماعة علي دعمها وقد يكون تمادي الخارجية الأمريكية في الاعراب مرارا وتكرارا عن استعدادها للتعامل مع التيار الاسلامي في مقدمة الاسباب التي دعمت جماعة الإخوان المسلمين كما اشارت أغلب التقارير الأمريكية. واذا كان ستالوف قد بدا متفائلا منذ عام فإنه شهد هجوما عنيفا علي التيار الاسلامي في مقال نشر بجريدة وول ستريت جورنال في 32 يناير الماضي حيث قال »ان الوضع السائد في مصر ليس سوي كابوس من وجهة النظر الامريكية فبعد عام واحد علي نجاح ميدان التحرير في الاطاحة بالدكتاتور يستعد الاسلاميون للاستفادة من سلطة الشعب.. ولا يمكن للقادة الامريكيين تجاهل حقيقة ان الشراكة الامنية التي استمرت بين واشنطون والقاهرة لأكثر من 03 عاما هي الان في خطر شديد. ورفض في تعليقه فكرة ان استحقاقات الحكم ستدفع التيار الاسلامي إلي الاعتدال.. وانضم ستالوف إلي المحرضين علي قيام واشنطون باستخدام المعونة العسكرية لمصر كأداة للضغط حيث ان هذا قد يكون بمثابة توجيه اصبع الاتهام للتيار الاسلامي بالرغبة في اضعاف البلاد. وأما اريك تراغر وهو خبير سياسي يعد رسالة دكتوراه عن »الانتخابات المصرية بعد الثورة« فقد طالب واشنطون ان تكون رسالتها للتيار الإسلامي ولجماعة الإخوان بصفة خاصة مفادها أن مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية يعتمد علي سلوك جماعة الإخوان تجاه ثلاث مصالح امريكية اساسية هي: ضرورة التعامل باعتدال مع الليبراليين ومراعاة حرية العقيدة والرأي والصحافة. المحافظة علي معاهدة السلام مع إسرائيل والاعتراض علي أي استفتاء بشأن هذه المعاهدة باعتباره معارضة تستهدف القضاء علي اتفاقية كامب دافيد. التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.. وقد اشار في هذا الشأن ومن خلال اتصالاته مع جماعة الإخوان إلي ان هناك قناعة لدي الجماعة بأن تزايد النشاط الإرهابي في سيناء مشكلة امنية داخلية إلا أنها قد تكون الشرارة التي تؤدي لقيام ازمة مع اسرائيل. وفي مقال نشر بجريدة الواشنطون بوست حذر ديفيد بولوك من ازدواجية خطاب الاخوان، واشار إلي أن تصريحات الجماعة باللغة الانجليزية لا تطابق ما ينشر باللغة العربية موضحا ضرورة التعامل بحذر مع أي تصريح يصدر عن الجماعة وطالب واشنطون بالا تثق فيما يقال حتي تتثبت من صدقه. ووسط هذا التيار الجارف من التحذير من صعود التيار الاسلامي كانت تصريحات الخارجية الأمريكية تتسم بدبلوماسية متعلقة حيث كان تعليق فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية علي سؤال ينتقد بشدة تعامل التيار الاسلامي مع اختيار اللجنة التأسيسية للدستور واستحواذه علي الاغلبية فقالت: ان الجماعة قد تم انتخابها من قبل الشعب وبالتالي فإن علي هؤلاء النواب الاستجابة لتطلعات الشعب الذي يتطلع إلي دستور يقوم علي الديمقراطية واحترام الحريات.. وبالتالي فإن علينا الانتظار لنري ما سيقدم بدلا من أن تكون الاحكام علي مجرد تصريحات. وفي اطار الحديث عما إذا كان صعود التيار الإسلامي يشكل خطرا علي المصالح الأمريكية ذكر لورانس هاس الخبير بمجلس السياسة الخارجية الامريكية أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط هي عبارة عن خليط من الاهداف العملية القصيرة المدي واهداف مثالية طويلة المدي.. حيث تعمل واشنطون علي المدي القصير لحماية اسرائيل والحلفاء ومكافحة الإرهاب والسيطرة علي الطموحات الإيرانية ومساندة الاستقرار الاقليمي في المنطقة وهي الاهداف التي تضمن استمرار تدفق البترول للاقتصاديات الغربية. أما علي المدي البعيد فتسعي واشنطون إلي دعم الحرية والديمقراطية لتوسيع دائرة الدول التي تشارك في القيم الأمريكية والحد من الخطر الذي يهدد أمنها القومي وخلق فرص عمل لملايين من شعبها مع خلق اسواق جديدة للاستثمارات الأمريكية. ويري ان الحركات الاسلامية تهدد الاهداف الامريكية وتشكل تحديا خطيرا للولايات المتحدة. ويقول ان تقدم التيار الاسلامي عبر صندوق الانتخاب سيعطي هذا التيار قوة شرعية تمكنه من فرض قوانين حازمة بما يعني استبدال انظمة مستبدة بانظمة أكثر استبداداً معادية للغرب. ولكن جون كوينجلي استاذ القانون بجامعة اوهايو يري ان بزوغ التيار الاسلامي وصعوده انما هو نتيجة السياسة الخاطئة التي يتبعها البيت الأبيض.. ويعطي أمثلة لذلك بإيران التي اتجهت إلي التشدد الإسلامي لتوضح ما ترتكبه واشنطن تجاهها وحزب الله الذي اكتسب شهرته لمعارضته احتلال لبنان بين إسرائيل حليفة واشنطون وقيام واشنطون بتقديم الصواريخ للمجاهدين الافغان لضرب الطائرات الروسية وطرد الروس ليحل محلها جماعة طالبان. ويستنكر ايضا سماح واشنطون لإسرائيل باستخدام المفاوضات كوسيلة للاستيلاء علي الاراضي الفلسطينية وهو ما أدي لتقسيم الشعب الفلسطيني وظهور حماس ونجاحها في الانتخابات ثم قيام واشنطون باعتبارها منظمة غير مقبولة لرفضها الاسلوب الامريكي.. ويؤكد أن السياسة الأمريكية القصيرة النظر قد تؤدي إلي رد فعل سلبي قد يختفي خلف التيار الإسلامي.