كل من يريد أن يعرف السبب في إسقاط الطائرة الروسية فوق سوريا.. عليه أن يقرأ السطور التالية هتافات مدوية ردها الآلاف الذين احتشدوا أمام المحكمة الجنائية في اسطنبول وفي عدة أماكن أخري من نفس المدينة وكذلك في العاصمة انقرة. قالت الجماهير التركية : «كتفاً بكتف ضد الفاشية» و«اردوغان لص وكاذب وقاتل» و«يوم أسود للصحافة». كانت المحكمة تصدر حكمها بحبس اثنين من كبار الصحفيين، هما «جان دوندار»، رئيس تحرير صحيفة «جمهوييت» اليومية، وهي صحيفة محترمة تنتمي إلي المعارضة العلمانية، و«ارديم جول»، مدير مكتب الصحيفة في انقرة بتهمة «إفشاء أسرار الدولة»! والتهمة الحقيقية الموجهة للصحفيين هي فضح علاقة النظام الحاكم في تركيا بمنظمات الارهاب في سوريا. فقد نشرت الصحيفة تفاصيل حول الشاحنات التي تنقل اسلحة، تحت اشراف المخابرات التركية والأمن القومي التركي إلي تنظيم «داعش» داخل سوريا في مايو الماضي. والمعلومات موثقة ومصورة. ورغم أن اردوغان نفسه هو الذي قدم بلاغا ضد الصحفيين متوعدا كلا منهما بدفع الثمن غالياً، إلا انه مما يلفت النظر ان اردوغان، الذي سبق أن زعم ان تلك الشحنات ليست سوي «مساعدات انسانية للأقلية التركمانية في سوريا.. تراجع مؤخراً، وتساءل قائلا: ماالفرق اذا كانت الشاحنات تحمل اسلحة بدلاً من المساعدات»؟!! الحقيقة ان الفرق هو ان الشاحنات كانت تحمل الف قذيفة هاون و80 الف قطعة ذخيرة لأسلحة من عيار صغير وكبير والمئات من راجمات القنابل اليدوية، وهي اسلحة روسية مهربةمن دول كانت تنتمي إلي الكتلة السوفيتية السابقة.. ويواجه الصحفيان التركيان عقوبة السجن مدي الحياة.. وقد اعلن «جان دوندار» في المحكمة قائلا: «لسنا خونة، ولسنا جواسيس، ولسنا أبطالاً، ولكننا مجرد صحفيين»، وقال لزملائه الذين تجمعوا لمساندته: «لاتقلقوا، فهذا الحكم بحبسنا ليس سوي وسام شرف لنا». وهكذا أثبت «دوندار» انه يستحق جائزة حرية الصحافة لعام 2015 التي حصلت عليها جريدته نظير «شجاعتها الصحفية». ولم يحدث من قبل مثل هذا التكميم لحرية الصحافة في تركيا، ففي الشهر الماضي، تم اغلاق 15 قناة تليفزيونية وتجري ملاحقة مئات الصحفيين المتهمين ب «إهانة الرئيس». وكان اردوغان قد الغي المادة 311 من قانون العقوبات التي تقضي فقط بمعاقبة من «يوجه الاهانة إلي تركيا ومؤسساتها» لكي تحل محلها المادة 299 التي تتحدث عن «إهانة الرئيس» والتي يتم استخدامها الآن بكثرة ضد المعارضين. والآن.. ماذا تنتظر نقابة الصحفيين المصريين لإعلان تضامنها الكامل مع الصحفيين الاتراك، خاصة بعد اعلان كثير من المنظمات الدولية تضامنها معهم. كلمة السر: الدفاع عن مهنة الصحافة