الغضب الشعبي.. والتظاهر غير السلمي أمام السفارات.. ورفع الشعارات المعادية.. والهتافات المسيئة ظاهرة جديدة وخطيرة.. ويمكن ان يترتب عليها آثار سلبية تضر سمعة مصر كأكبر دولة تستضيف البعثات الدبلوماسية في العالم.. وأيضا يعرضها للمساءلة القانونية! السفير محمد منيسي المشرف العام علي هيئة رعاية المصريين بالخارج يقول إنه يوجد علي أرض مصر 042 سفارة وقنصلية ومنظمة دولية وهو ما يجعلها الأكبر عددا بالنسبة لاستقبال هذه البعثات حتي مقارنة بالولايات المتحدةالأمريكية. كما أن لها 331 سفارة و23 قنصلية في الخارج.. فمصر دولة قديمة ولها علي مدار العصور مكانة ووضع متميزان فهي التي تحظي بشعار »ادخلوها بسلام امنين« والموجه لضيوف مصر فما بالنا بالبعثات ذات الحصانة الدولية التي تستضيفها القاهرة.. لذلك يجب ألا يسيء شعب مصر إلي سمعتها الدولية نتيجة اخلالها بما التزمت به من اتفاقيات لحماية هذه البعثات. ويلفت منيسي النظر إلي خطورة ما حدث أولا بالنسبة للسفارتين الإسرائيلية والسعودية ثم تكرر بالسفارة السعودية للمرة الثانية وإمكانية تحول هذه الاعتداءات إلي ظاهرة خطيرة مؤكدا ان مصر من أكبر الدول المستقبلة للبعثات الدبلوماسية في العالم.. لنا رصيد وسمعة وأضاف ان مصر دائما ما كان لها سمعة متميزة ويجب الحفاظ علي هذا الرصيد ويوضح ان ما جري جاء نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد بعد الثورة حيث الانفلات الأمني وعدم احترام القانون وضعف هيبة الدولة فبالرغم من أننا جميعا ندين الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة علي الفلسطينيين ونقف ضد ذلك ولنا مواقفنا الثابتة إلا أنه يجب ألا ننسي أن هناك التزامات دولية علي مصر برعاية وتأمين البعثات الدبلوماسية بموجب توقيعها وتصديقها علي اتفاقيتي فيينا للحصانات الدبلوماسية والقنصلية لعامي 1691 و4691 واللتين تنصان علي أن حماية ورعاية الدبلوماسيين الأجانب في أي دولة تقع علي عاتق سلطات الدولة المضيفة وكانت مصر دائما ما تتباهي برصيدها من الأمن والأمان اللذين توفرهما للدبلوماسيين الأجانب.. ويصف منيسي ما حدث من سلوكيات بأنها خروج عن اللياقة والأدب من جانب قلة قد تعلم أو لا تعلم أن ما تقوم به يمثل صفعة قوية علي مصر وهذا السلوك وإن كان مستهجنا بشكل عام إلا انه بالغ الخطورة بالنسبة لسفارة دولة شقيقة تربط مصر بها علاقات خاصة. إجراءات حماية فورية ويضيف ان معالجة هذا الأمر لا يتم إلا بالرجوع إلي التقاليد العريقة التي كانت مصر ملتزمة بها وعدم السماح بالخروج عن قواعد الأدب واللياقة في التعامل مع الدبلوماسيين الأجانب جميعا. ويري ان إجراءات تفريق من خرجوا عن آداب التظاهر جاء متأخرا وكان يجب أن يتم منذ اللحظة الأولي فالوقاية خير من العلاج.. وأكد أن السلطات المسئولة يجب أن تسارع عندما تستشعر ان هناك تجمعات لا يمكن السيطرة عليها حول سفارة بأن تتخذ إجراءات للمنع ففي نهاية المطاف ستتضرر أموال الدولة وممتلكاتها وليس مبني السفارة فقط. والأهم هو تعرض سمعة مصر للإضرار وهو ما ينعكس علي علاقاتها الدولية وحركة السياحة والاستثمار بها. دور اقتصادي وينتقل منيسي إلي جانب آخر للتمثيل الدبلوماسي قائلا إن وجود هذه البعثات في مصر وإن كان يعكس وضع مصر المهم دوليا إلا أنه يساعد كذلك في توفير عائد اقتصادي لمصر فهذه البعثات لها أوجه انفاق وتدفع ايجارات ويعمل بها اعداد كبيرة من المصريين. صدور تحذير دولي ومن جانبه يؤكد السفير سيد أبوزيد مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية أن جزءا مهما من طبيعة العمل الدبلوماسي يتمثل في ضرورة ان يكون المبعوث الدبلوماسي مؤمنا في شخصه وإقامته ومتعلقاته بما فيها سيارته، وهو ما يعني الحصانة لهم والتي يكفلها القانون الدولي وأيضا اتفاقية فيينا للحصانات الدبلوماسية والتي وقعت عليها جميع دول العالم المتحضرة، والهدف من ذلك ان يتمكن المبعوث من أداء عمله ومهامه. ويقول إنه إذا رجعنا في تاريخ العلاقات الدولية إلي العصور السحيقة فسوف نجد أن العرف السائد كان تأمين وحماية المبعوثين. ويضيف ان هذه الحماية هي التزام لاشك فيه ومدعم بالقانون الدولي والمسئولية تقع علي عاتق الدولة المضيفة في حالة تقصيرها في تأمين البعثة وهذا التأمين يشمل 3 عناصر هي أولا أمن المبني ويليه الأفراد العاملين، والمكاتبات والمحررات والمستندات والوثائق الخاصة بالسفارة أو البعثة. ويؤكد أبوزيد أن أي اعتداء علي أي من هذه الأمور مع التأكد من أنه جاء من أفراد من الدولة المضيفة فإن المسئولية تقع كاملة علي عاتق الدولة المضيفة لتقصيرها في عمل الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية البعثة وفي هذه الحالة يحق للدولة الأجنبية ان ترفع شكوي إلي الجهات الدولية أو أن تطالب علي الأقل بالاعتذار والتعويض.. كما من الممكن ادانة هذه الدولة لعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة والإعلان من خلال تحذير بأن هذه الدولة تسود فيها الفوضي وليس فيها سلطة ولا تصلح لأن تكون مقرا لبعثة وغير قادرة علي تأمين البعثات الدولية والدبلوماسية بها وأيضا قد يتم تحذير الدول الأخري من إقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة.