لم نصل لكأس العالم منذ ربع قرن، ومع ذلك تدفع الأندية عندنا في لاعب كرة لم يحقق شيئا بعد ملايين الجنيهات، وينشغل الرأي العام بناشئ مثل أحمد الشيخ لابد أنه يملك موهبة خارقة تساوي الملايين التي دفعت فيه، والحرب التي قامت بين الاهلي والزمالك عليه. ونستطيع أن نروي هنا عشرات القصص عن الملايين التي تدفع، والصفقات التي تعقد، والعمولات التي يتم تقاضيها.. في لعبة هي الأكثر شعبية بكل تأكيد، ولكنها الأكثر فشلا في ادارتها التي لم تصل لنهائيات كأس العالم منذ ربع قرن، رغم ما قدمه الاتحاد الدولي من فرص بزيادة عدد الفرق الممثلة لافريقيا لأكثر من مرة!! يحدث ذلك بينما أبطالنا في ألعاب أخري فردية وجماعية يحققون نجاحات كان أبرزها وأهمها ما حققه بطلنا ايهاب عبدالرحمن مؤخرا بفوزه بالميدالية الفضية لرمي الرمح في بطولة العالم المقامة حاليا بالصين.. لتكون هذه أول ميدالية عالمية نفوز بها في ألعاب القوي.. التي هي أم الألعاب في العالم كله، وهي المظلومة الأكبر في عالم الرياضة عندنا. وفي عدد «الأخبار» بالأمس ملف جميل عن بطولات حققها شبابنا الرياضي في الفترة الاخيرة.. بدءا من ابطال السباحة فريدة عثمان «الخامس علي العالم في 50 متر فراشة» وأحمد أكرم «الرابع علي العالم في 1500 متر سباحة» إلي حسام بكر الملاكم الواعد، ورمضان درويش بطل الجودو، وغيرهم من ابطال الالعاب الفردية وخاصة في الاسكواش التي يحتل ابطالنا صدارة العالم فيها بجدارة. ولايعني ذلك أننا فاشلون في الالعاب الجماعية كما في كرة القدم فمنتخباتنا في كرة اليد والطائرة والهوكي تحتل الصدارة في افريقيا، وتجد مكانا لائقا بها في بطولات العالم.. رغم ما تعانيه من قلة اهتمام من الجهات الرسمية ومن الاعلام الرياضي، ورغم ما يعانيه ابطالها من ظروف تدعو لليأس وليس للبطولة.. يكفي ما قاله بطلنا ايهاب عبدالرحمن من انه ذهب للدورة الاوليمبية الاخيرة في لندن بحذاء مقطوع!! أعرف أن الوزيرخالد عبدالعزيز يبذل جهدا رائعا في معالجة هذه السلبيات. وقد أثمر هذا الجهد مع اتحادات الكثير من الالعاب إلا اتحاد كرة القدم الذي استعصت مشاكله علي الحل، وان ظلت اخباره تتصدر المشهد الرياضي اعتمادا علي جماهيرية كرة القدم التي ينبغي أن نتعامل معها كما نتعامل مع غناء شعبان عبدالرحيم، وسينما المقاولات، ومسرح «خد الفلوس واجري»!! أي بمعني أن نتركها لحالها، وأن نوجه جهدنا للالعاب «الشهيدة» التي تحقق البطولات في صمت، ولا تلقي الا الاهمال.. سواء من أجهزة الدولة أو من اعلام يجري وراءاخبار شيكابالا ومشكلة احمد الشيخ، ولا يجد فيه الابطال الحقيقيون فرصة الا عندما يتخطون العقبات ويهزمون ما يواجههم من تحديات ويرفعون راية مصر بتحقيق البطولات كما فعل ايهاب عبدالرحمن.. وبعدها يعود كل شئ إلي ما كان عليه!! هل يتغير الوضع هذه المرة؟! هذا ما نأمله رغم صعوبة الأمر في ظل غياب الرياضة عن المدارس والجامعات، ومع استحواذ كرة القدم «حتي في أحوالها البائسة» علي كل الاهتمام. لكن ما حققه ابطالنا في اللعبات الأخري يقول أن الصعب ممكن، وأن شيئا من الرعاية لهذه الالعاب الشهيدة وشيئا من التكريم لابطالها، ومركزا للشباب مثل مركز الجزيرة في كل مدينة قد يكون بداية علي الطريق الصحيح. مبروك لابطالنا الذين يحفرون في الصخر ويحققون البطولات وكل الامنيات بألا ننتظر ربع قرن آخر لنري فريق كرة القدم في كأس العالم.. قول يارب!