كان الله في عون مصر من صراع مراكز القوي السياسية والعسكرية.. بعدما وصل إلي حد الانقلاب علي الثورة وهدم الوطن..! الصراع بدأ بعد نجاح الثورة متخفيا ومستترا.. وخرجت من رحمه اتفاقات وصفقات منعت إعداد دستور يليق بمصر وثورتها الشعبية.. ثم عُجل لنا بإجراء انتخابات برلمانية اكتسحتها أغلبية منظمة.. في ظل غياب أحزاب أخري ورقية كانت تسير في ركاب النظام السابق.. واكتسبت الكثير من فساده..! عندما وصلنا إلي محطة إعداد الدستور.. قامت الدنيا ولم تقعد احتجاجا علي استحواذ حزبي الأغلبية علي لجنة إعداده.. وكان الاجدر بهم ان يطالبوا بتشكيلها من خبراء وفقهاء القانون الدستوري لو كان المعترضون يتقون الله ويبغون مصلحة الوطن فعلا..! انتهت الضجة بحكم صدر من القضاء الإداري بإلغاء الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور وإعادة تشكيلها من جديد..! مسك الختام كان الصراع علي الترشح للرئاسة.. وظهور شخصيات قادمة من المؤسسة العسكرية من وكلاء جهاز مخابراتها ووزير الطيران الأسبق.. وأخيرا اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات علي مدي سنوات حكم مبارك ثم نائبا له أثناء الثورة..! عودة اللواء عمر سليمان الآن إلي المشهد العام مترشحا للانتخابات البرلمانية.. جاءت بمثابة صفعة علي وجه جميع اللاعبين والمتلاعبين علي الساحة السياسية.. ودفع بالبرلمان إلي الإسراع بإعداد قانون لمنع رموز النظام السابق من الترشح علي كرسي رئاسة الجمهورية.. ثم الدعوة إلي مليونية الجمعة بالأمس لمواجهة ما بدا أنه تخطيط منظم لاستعادة نظام مبارك من جديد..! الحقيقة التي تؤكدها الأحداث الجارية الآن علي مسرح الوطن ان النظام السابق لم يسقط سوي رأسه.. وأن رموزه وفلوله وأجهزته الأمنية مازالوا يعملون وكانوا يمولون وينظمون الفوضي والبلطجة والانفلات الأمني والاعتراضات المتوالية. بل وخرجوا الآن يدعمون ويساندون مرشحي الرئاسة القادمين إلينا من صفوفهم.. علنا وعلي الملأ ليصبح اللعب علي المكشوف..! فلول نظام الفساد ينظمون الآن مسيرات التأييد والهتاف.. ويجمعون التوقيعات.. ويشترون التوكيلات.. وينفقون الملايين لشراء الذمم والضمائر ليأتي مرشحهم للرئاسة فيغلق ملفات الماضي.. ويحمي ثرواتهم الحرام.. ويمنع تنفيذ قانون الكسب غير المشروع الذي عطلوه علي مدي أكثر من عام.. بل وليضيع أي أمل في استرداد أموال الوطن المهربة في خزائن وبنوك العالم..! الصحافة والإعلام والفضائيات المدعومة من ملايين التمويل الأجنبي.. ومن ثروات رجال الأعمال الذين نهبوا مصر.. تلعب الآن دوراً بارزاً في إثارة حالة من الفوضي والمعارك السياسية ضد الثورة.. والبرلمان والقوي الوطنية.. لخلط الأوراق.. وتوجيه الرأي العام لاختيار الرئيس القادم من صفوف الفلول ومن رحم نظام الفساد..! لهذا أقول إن بناء المستقبل أصبح مرهونا بالقضاء علي جذور النظام القديم أشخاصا وأجهزة وسياسات..!